تباين حول جدوى مراكز التسوية لعناصر النظام السوري السابق

19 ديسمبر 2024
أمام مركز لتسليم السلاح وتسوية الأوضاع في اللاذقية (أوزان كوز/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إجراءات التسوية في سوريا: تفتح مراكز تسوية لضباط وعناصر النظام السابق والمليشيات الإيرانية لتسليم السلاح واستلام هويات مؤقتة، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في مناطق مثل حلب ودرعا واللاذقية.

- ردود الفعل المتباينة: تواجه التسويات رفضاً من بعض الضباط والعناصر ووجهاء الطائفة العلوية، الذين يطالبون بعفو عام، مع مخاوف من أن تكون غطاءً لمرتكبي جرائم الحرب.

- التأثيرات المحتملة: قد تسهم التسويات في بناء دولة قوية وعقد اجتماعي جديد، مع ضرورة محاسبة المجرمين، ويشير الإقبال الكبير على المراكز إلى مصداقية الإجراءات.

تواصل إدارة العمليات العسكرية في سورية، فتح مراكز تسوية لضباط وصف ضباط وعناصر قوات النظام المخلوع، أو الذين كانوا منضوين في المليشيات الإيرانية من السوريين، وفي الدفاع الوطني، لتسليم السلاح واستلام هويات مؤقتة، في إجراء مطابق للسياسة التي كان يتّبعها نظام بشار الأسد في التعامل مع عناصر الفصائل المعارضة في المناطق التي يستعيد السيطرة عليها قبيل سقوطه في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الحالي.

المزيد من مراكز التسوية

وطالبت إدارة العمليات، أمس الأول الثلاثاء، الضباط وصف الضباط والعناصر في قوات النظام المخلوع، بمراجعة مركز تسوية افتتحته في مدينة درعا (مبنى الأمن العسكري) جنوب البلاد لاستكمال إجراءات التسوية واستلام البطاقة المؤقتة ومدتها ثلاثة أشهر تعفي حاملها من الملاحقة القانونية. وطالبتهم باصطحاب جميع الوثائق والمعدات والعُهد الموجودة لديهم، تحت طائلة الملاحقة القضائية في حال التخلف أو تقديم معلومات مغلوطة أو ناقصة.

افتتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز تسوية لعناصر النظام السابق في مختلف المناطق السورية منذ السادس من الشهر الحالي

وافتتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز التسوية لعناصر النظام السابق في مختلف المناطق السورية، منذ السادس من الشهر الحالي، وبدأت في مدينة حلب بهدف استلام السلاح منهم ومنحهم بطاقات تمنع التعرّض لهم، لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد. مراكز التسوية باتت اليوم في أغلب المناطق التي تقع سيطرة إدارة العمليات العسكرية والحكومة الانتقالية، حيث افتتحت في 15 ديسمبر الحالي مركزين للتسويات في محافظة اللاذقية، الأول في مركز إصدار "البطاقات الذكية"، قرب مبنى البلدية في جبلة، والثاني في كتيبة حفظ النظام بجانب فرع المرور الجديد في مدينة اللاذقية. كما افتتحت إدارة العمليات العسكرية مركزاً آخر في مدينة طرطوس المجاورة. وفي 14 من الشهر الحالي، افتتحت مركز تسوية لعناصر النظام بجانب قيادة الشرطة في مدينة حمص، ومركز تسوية آخر في قيادة شرطة حماة، وفي ريف إدلب، وأربعة مراكز تسوية في دير الزور، هي مركز القسم الغربي في مدينة دير الزور، وبناء المحكمة في مدينة العشارة، وبناء المحكمة في مدينة الميادين، ومبنى حزب البعث سابقاً في مدينة البوكمال. ويتطابق هذا الإجراء الذي تتّبعه إدارة العمليات العسكرية مع ضباط وصف الضباط والعناصر في قوات النظام المخلوع مع إجراء مماثل كان يقوم به الأخير مع عناصر فصائل المعارضة السورية قبل سقوطه.

بين الرفض والترحيب

ويبدو أن هذا الإجراء يجد رفضاً من قبل ضباط وعناصر ومتزعمي مليشيات الدفاع الوطني. وأصدر وجهاء من الطائفة العلوية أكثر من بيان الثلاثاء والأربعاء مطالبين بـ"عفو عام عن الجميع"، وبـ"تسليم السلاح للدولة عن طريق تشكيل جهاز أمن داخلي مكون من أطياف الشعب السوري". وأشاروا إلى أن هناك "من يسعى إلى وضعنا في بيت النار"، منتقدين "تجاوزات" بحق السكان في مناطق الساحل السوري، مؤكدين أنهم يسعون لـ"حماية السلم الأهلي"، وأنهم "لن يسمحوا بأي تجاوزات". ويخشى سوريون أن تكون هذه التسويات غطاء للكثير من الضباط وصف الضباط والعناصر الذين ارتكبوا أو شاركوا في المجازر التي ارتُكبت بحق السوريين على مدى 14 عاماً.

وفي هذا الصدد، رأى المحلل العسكري العميد فايز الأسمر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التسويات من حيث المبدأ ليست مرفوضة "ولكن يجب أن تكون ضمن نطاق ضيق"، مضيفاً: "التسامح مع المجرمين والقتلة سوف يؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل البلاد. يجب أن يُحاسب كل من ارتكب جرماً أو شارك في جرائم الحرب في سورية". ولفت إلى أنه "يجب عدم التغاضي أو نسيان ماضي الكثير من الضباط سواء في الأجهزة الأمنية أو في الجيش والدفاع المدني وحتى من المدنيين الذين شاركوا في المجازر. هؤلاء لا تسوية لهم ويجب أن يلقوا جزاء ما ارتكبوه في محاكم العدالة الانتقالية". وتابع: "كل الضباط بدءاً من قائد فصيلة وصولاً إلى رئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع مسؤولون بشكل مباشر عن قتل السوريين".

ضياء قدور: من ارتكب أو شارك في المجازر وجرائم الحرب ليس لديه الجرأة الكافية للقدوم إلى مراكز التسويات

من جهته، قال الخبير العسكري الموجود في مدينة حمص ضياء قدور، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التسويات التي تُجرى الآن لن تكون بوابة لهروب المتهمين بارتكاب المجازر بحق السوريين على مدى 14 عاماً هي عمر الثورة السورية. وتابع: "من ارتكب أو شارك في المجازر وجرائم الحرب ليس لديه الجرأة الكافية للقدوم إلى مراكز التسويات في كل المحافظات السورية، خصوصاً أن هؤلاء معروفون من قبل الناس". ورأى أن هذه التسويات "تسهم في التأسيس لعقد اجتماعي جديد ومختلف في عموم سورية، وبناء دولة قوية تطوي صفحة الماضي وتفتح صفحة جديدة أمام جميع السوريين"، مضيفاً: "أعتقد أن المجرمين سينالون عقابهم في محاكم عادلة وإجراءات شفافة وصادقة وأدلة موثقة".

وبيّن قدور أن هناك إقبالاً كبيراً على مراكز التسويات، مؤكداً أن "الإجراءات موضوعية وتتمتع بقدر كبير من المصداقية ما دفع الكثيرين للقدوم لتسوية أوضاعهم للعودة إلى حياتهم الطبيعية". وتابع: اعتقد أن هذه التسويات ستلعب دوراً كبيراً في إرساء الامن والاستقرار في البلاد. وأعرب عن اعتقاده بأن التسويات "إجراء لا بد منه فالخوف من السلطة الجديدة لدى الضباط والعناصر ربما يدفعهم إلى التمرد"، مضيفاً: "هذه التسويات تجعل الأوضاع الأمنية تحت السيطرة، وأرى أنه يجب الإسراع في فتح مراكز أخرى في كل المحافظات السورية. يجب تعزيز هذه السياسة لضبط الأمن في البلاد".