أثارت تبرئة القضاء الفرنسي لمجدي نعمة، المعروف باسم إسلام علوش، وهو المتحدث السابق باسم فصيل "جيش الإسلام"، أحد الفصائل السورية التي كانت تقاتل النظام السوري في غوطة دمشق جنوبي سورية، استهجان ذوي نعمة الذين يتهمون المحكمة والمنظمة التي حركت الدعوة بالانحياز.
ويُتهم نعمة باختطاف أربعة ناشطين في غوطة دمشق خلال عام 2013، وهي التهمة التي برأته منها محكمة الاستئناف الفرنسية قبل يومين، لكنها أحالته إلى محكمة أخرى بعد تحريك المنظمة ذاتها (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير) تهما أخرى في قضية علوش داخل القضاء الفرنسي.
وألغت محكمة الاستئناف في باريس الإجراءات بحق مجدي نعمة بما يخص تهم التواطؤ في عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز والاختطاف، لا سيما بحق النشطاء الأربعة الذين تم توقيف نعمة على خلفية اتهامه بالمشاركة باختطافهم وإخفائهم في الغوطة، وكذلك ألغت تهما تتعلق بالمشاركة في هجمات متعمدة ضد المدنيين.
لكن المحكمة أحالت نعمة إلى محكمة جنايات باريس بتهم التواطؤ لارتكاب جرائم حرب، وتجنيد قاصرين، وهي إحالة كان قد أعلن عنها، في تموز/يوليو الماضي، من قبل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وهي شريك المركز السوري لحقوق الإنسان في تحرك الدعوى ضد علوش، إذ قال موقع الفيدرالية حينها إنّ "قضاة التحقيق في وحدة جرائم الحرب بباريس أحالوا مجدي نعمة إلى محكمة جنايات باريس".
ووجه القضاة لنعمة تهم التواطؤ في جرائم حرب وحالات اختفاء قسري ارتُكبت بين عامي 2013 و2016، ووصفت الفيدرالية والمركز حينها هذا القرار بـ"التاريخي".
وقال محاميا الدفاع عن نعمة، رومان رويز ورافائيل كيمبف، يوم الثلاثاء الماضي، إنّ "إسقاط معظم التُهم الموجهة ضد مجدي نعمة يؤكد موقفه منذ سنوات، بأنه بريء، ومع ذلك فإنّه سيستمر في الطعن بقوة بما يخص التهم المتبقية، خاصّةً أنّه عمل ضمن جماعة جيش الإسلام على تطبيق قوانين الحرب".
وأضافا، وفق ما نقلت وكالة "فرنس برس" أنه "لطالما قال مجدي إنّه كان مجرّد متحدث باسم جيش الإسلام، الذي كان يسيطر على الغوطة الشرقية بريف دمشق"، مشيرين إلى أنه نفى تهمة التدخل بأي جرائم لا سيما اختطاف الناشطين الأربعة.
وتعليقاً على تبرئته، قال شقيق محمد نعمة، إنهم كانوا متأكدين من البراءة منذ أن تم التوقيف، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "التهمتين الباقيتين اللتين ما زال مجدي متهماً بهما، فنحن لا نقلل من شأنهما أيضاً، ولكن هذا يثبت وجود بعد سياسي للمسألة، فنحن نتحدث هنا مثلاً عن مسألة تجنيد الأطفال، وهذه التهمة أساساً في القانون الدولي موضع نقاش وجدل، إذ إن القانون الدولي فيه اختلاف على تحديد عمر الطفل بين 15 أو 18 عاما".
من جهته، قال محمد الأمين، وهو صديق مجدي ومطلع على قضيته وعلى تواصل مع المحاميين، إن الكثير من التهم تم رميها من قبل جهة الادعاء، أي "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، في أثناء مدة التوقيف بعد أن توضح أن تهمة الاختطاف لن تثبت على مجدي، ومنها التهمتان المتبقيتان اللتان أحيل بهما مجدي إلى محكمة الجنايات في باريس.
ووجه الأمين الاتهام نحو جهة الادعاء (أي المركز) بأنه "كان السبب بإطالة مدة توقيف مجدي لحوالي 3 أعوام، بسبب توجيه التهم بين فترة وأخرى".
وتعليقاً على أداء بعض المنظمات السورية الفاعلة في مسألة تحريك القضايا أمام المحاكم الأوروبية، وخصوصاً بالنسبة لقضية مجدي نعمة أو إسلام علوش، يرى سامر ضيعي وهو المدير التنفيذي لـ"رابطة المحامين السوريين الأحرار"، بأن "تبرئة نعمة من تهمة الاختطاف تشير إلى أن الأدلة المقدمة في المحكمة لم تكن كافية لإثبات الجريمة بما لا يدع مجالاً للشك، وهذا قد لا يعني عدم تورطه في الجريمة، ولكن تبرئة علوش من التهم الرئيسية قد تعكس تحديات جمع الأدلة".
وأكد ضيعي أن "الجدير بالذكر أيضاً هو إمكانية وجود تحيز لدى بعض المنظمات الحقوقية، مدفوعاً بأسباب سياسية أو شخصية، خاصة في ظل الصراع السوري المعقد، وهذا لا يعني إدانتها، ولكن يجب أخذ هذا الاحتمال بعين الاعتبار في التحليل".