أكد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أن الدولة الجزائرية مصرة على كشف مصير الجزائريين المفقودين خلال ثورة التحرير، والذين فقدوا على يد قوات الاستعمار الفرنسي، وتحصيل تعويضات من باريس لمصلحة ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
وقال الرئيس تبون، في رسالة وجهها بمناسبة ذكرى عيد النصر الموافق 19 مارس/آذار من كل عام، إن الجزائر مصرة على "المتابعة المستمرة لاستجلاء مصير المفقودين في ثورة التحرير، لأن الأحداث والوقائع لا تسقط من تاريخ الأمم بالتقادم"، ملمحا إلى أن الخطوات التي أعلنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بشأن الإقرار بمصير المناضلين علي بومنجل وموريس أودان، وفتح الأرشيف، ليست كافية، وقال "لئن كنا قد قطعنا خطوات مهمة وسجلنا بوادر إيجابية، خاصة في ما يتعلق باسترجاع الأرشيف واستعادة جماجم قادة المقاومة الشعبية، فإن إصرارنا على صيانة الذاكرة يبقى في صميم أولوياتنا لإحراز المرجو في هذا المسعى". وثمّن الرئيس الجزائري نجاح الجزائر في استعادة 36 من جماجم وجثامين المقاومين الجزائريين التي كانت موجودة في متحف الإنسان في باريس، وقال "أستحضر معكم لحظات مهيبة بالغة المغزى عشناها يوم 5 يوليو/تموز بإعادة دفن أبطال ممن قادوا المقاومة الشعبية في مقابر الشهداء وفي أرضنا الطيبة بين أهلهم وذويهم"، حيث كان قد أقيم لهم استقبال شعبي ورسمي كبير.
وتحصي السلطات الجزائرىة 2200 مفقود من المناضلين الجزائريين لم يعرف مصيرهم خلال ثورة التحرير (1954-1962)، وفي يوليو 2020، كشف وزير المجاهدين (قدماء المحاربين) وذوي الحقوق، الطيب زيتوني، في البرلمان، أن الحكومة الجزائرية قدمت للجانب الفرنسي قائمة تضم أكثر من 2200 مفقود جزائري أثناء ثورة التحرير الوطني، وذكر أن من بينهم الشيخ عربي التبسي، أحد رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والذي اعتقلته سلطات الاستعمار الفرنسي، وبعد رفضه إصدار فتوى لصالح الاستعمار وضد الثورة، تم اغتياله ودفنه دون أن يعرف أحد قبره.
مجموع ضحايا التفجيرات النووية على امتداد ثلاثة أجيال، قد يصل إلى 150 ألف شخص.
وشدد الرئيس الجزائري على أن "سياسة الأرض المحروقة ما زالت آثارها شاهدة على جرائم الاستعمار"، وأكد على استمرار مساعي الدولة الجزائرية للحصول على "تعويض ضحايا التجارب النووية، والاضطلاع بملف الذاكرة بأقصى الجدية والمثابرة"، والتي أجرتها فرنسا في منطقة رقان جنوبي الجزائر منذ عام 1958 واستمرت إلى ما بعد الاستقلال، إذ ما زالت آثار الإشعاعات النووية قائمة حتى الآن وتسببت في تلوث الهواء والمياه بالإشعاعات، وكذلك في ولادات مشوهة وتشوهات خلقية وأمراض السرطانات وأمراض العيون. ووثق البروفيسور العبودي، في كتابه "يرابيع رقان: جرائم فرنسا النووية في الصحراء الجزائرية"، والذي صدر قبل سنوات، آثار ما وصفه بالمحرقة النووية الفرنسية، مشيرا إلى أن مجموع ضحايا هذه التفجيرات على امتداد ثلاثة أجيال، قد يصل إلى 150 ألف شخص.
وفي عام 2010، تعهدت الحكومة الفرنسية بتعويض ضحايا هذه التفجيرات، وأصدرت "قانون موران"، نسبة لوزير الدفاع الفرنسي في عهد الرئيس نيكولاي ساكوزي، وتشمل التعويضات العاملين من أفراد القوات المسلحة الفرنسية المنفذة لتلك التفجيرات ، وخصصت مبلغا لتعويض جميع الفئات قدره 10 ملايين يورو، لكن الطرف الجزائري اعتبره قانونا معقدا، كونه يفرض تعقيدات كبيرة أمام الضحايا للحصول على تعويضات، كتقديم إثباتات عن صلة الأمراض والأضرار التي تعرضوا لها بالمخلفات النووية. وفي عام 2012 تبنت الحكومة الجزائرية بشكل رسمي مطالب الضحايا الجزائريين، وطالبت السلطات الفرنسية بإيجاد حلول تسمح بتعويض الضحايا والقضاء على آثار التجارب النووية.