- التهنئة خلت من التعبيرات السياسية المعتادة، مما يشير إلى تغير في مستوى العلاقات بين الجزائر وروسيا، وسط تراجع في الاتصالات السياسية وتأجيل زيارات مهمة.
- الجزائر تعبر عن استيائها من موقف روسيا ودورها في مالي ومنطقة الساحل، مع تأكيد الحاجة إلى توضيحات حول الدور الروسي في المنطقة وتأثيره على مصالح وأمن الجزائر.
هنأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بمناسبة انتخابه للمرة الخامسة رئيساً لروسيا، لكن اللافت أن التهنئة هذه المرة جاءت مقتضبة، وفي خضم نوع من الفتور السياسي بين الكرملين وقصر المرادية، منذ استبعاد الجزائر من الانضمام لمجموعة "بريكس"، ثم الأزمة مع الجارة الجنوبية مالي.
وجاء في التهنئة التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية "رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون يهنئ نظيره السيد فلاديمير بوتين بمناسبة انتخابه مجدداً رئيساً لروسيا الاتحادية"، خالية من كل التفاصيل الإضافية المعتادة في مثل هذه الصيغ والمواقف.
وخلت التهنئة من التعبيرات السياسية التي توثق العلاقات بين البلدين، إذا ما جرت مقارنتها مع آخر برقية تهنئة مشابهة كان أرسلها الرئيس الجزائري إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ويمكن أن يعطي ذلك تفسيرات وتأويلات تفيد بأن العلاقات لم تعد، على الأقل، بالمستوى نفسه الذي كانت عليه قبل عام، خلال الزيارة التي قام بها تبون إلى موسكو في مايو/أيار 2023.
سياسياً، هناك ما يمكن أن يبرر ذلك، فمنذ استبعاد الجزائر من الانضمام لمجموعة "بريكس" الصيف الماضي، لوحظ تراجع في وتيرة الاتصالات السياسية بين الجزائر وموسكو، وتأجيل زيارة للجنة الدفاع في البرلمان الجزائري كانت مقررة إلى موسكو.
كما تطرقت وكالة الأنباء الرسمية في وقت سابق إلى الخيارات الجديدة للدبلوماسية الجزائرية، أوردت فيها ما يفيد بتخلي الجزائر عن أية اصطفافات دولية، خاصة تلك التي كانت تضعها في محور موسكو.
وتضمن التقرير تعبيراً عن استياء جزائري عندما اعتبر أنه "بمحاولة إرضاء القوى الغربية والشرقية، لم تحصل الجزائر على استثمارات أجنبية مباشرة ولا على التزامات، ولا على الاعتراف، ولا على تحالفات استراتيجية، ولا حتى على الاحترام الذي تستحقه كأمة".
كما يمكن وضع التهنئة المقتضبة، على غير العادة، في سياق رسائل سياسية ترغب الجزائر في إيصالها إلى موسكو بشأن انزعاجها من موقف روسيا ودورها في مالي، خاصة في منطقة الساحل بشكل عام.
وأعلنت مالي، بدفع روسي على ما يبدو، عن إنهاء العمل باتفاق الجزائر للسلام الموقع عام 2015، والاستقواء بمرتزقة فاغنر الروس لشنّ هجمات في الشمال ضد حركات الأزواد الموقعة على اتفاق السلام، وبالتالي تعريض منطقة الشمال القريبة من الحدود الجزائرية لاحتمال عودة الحرب.
تعليقاً على ذلك، قال رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الروسية عبد السلام باشاغا في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تساؤلات حول حقيقة وطبيعة الدور الروسي في المنطقة الذي لا يجب أن يتعارض مع مصالح الجزائر".
وأشار إلى أن الجزائر بحاجة فعلاً إلى توضيحات جدية "حول العديد من التساؤلات المطروحة، خاصة ما يتعلق بطبيعة الدور الروسي في المنطقة سواء بدول الساحل أو ليبيا وحتى في السودان وتداعياته الإقليمية، والذي لا يجب -الدور- أن يتعارض مع مصالح الجزائر ناهيك أن يشكل لها تهديداً استراتيجياً".
وتابع باشاغا "ينتظر من الطرف الروسي أن يكون أكثر وضوحاً مع الجزائر في العديد من الملفات التي سيعود التعاون فيها بين الطرفين لصالح الأمن والاستقرار في تلك البلدان، وفي المنطقة بشكل عام".