شكّك جنرالات وباحثون إسرائيليون في جدوى الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية، محذرين من تداعياته السلبية على مصالح إسرائيل الإستراتيجية.
فقد حذر المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بني غانتس، من خلال العملية في نطنز، قد يدفعان إسرائيل إلى التورط في أتون حرب غير مبرَّرة مع إيران، تماماً كما ورّط نتنياهو إسرائيل في حرب غير مبرَّرة مع حركة "حماس" في 2014، استمرت 51 يوماً، من دون أن تتمكن تل أبيب من تحقيق حسم في هذه الحرب.
وفي مقال نشرته الصحيفة اليوم الأربعاء، لفت هارئيل إلى أن السلوك الإسرائيلي دفع الإيرانيين إلى تغيير نمط تعاطيهم مع الهجمات السرية الإسرائيلية، التي طاولت ضمن أمور أخرى، عشرات السفن الإيرانية في حوض المتوسط وعلى مدى ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن إيران انتقلت من طور استيعاب الضربات إلى الردّ عليها، كما حدث أمس من خلال الهجوم الثالث الذي ينفذه الإيرانيون ويستهدف سفينة إسرائيلية.
وحذر من الانجرار إلى "الخطابة الفارغة" ضد إيران، التي حرص عليها نتنياهو في الاحتفالات التي نظمت أخيراً بمناسبة "يوم الاستقلال"، مشيراً إلى أن تصريحات نتنياهو، الذي يواجه محاكمة في قضايا فساد بشأن إيران، تتأثر بوضعه القضائي.
من ناحيته، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" الجنرال عاموس يادلين، إن العملية التي استهدفت منشأة نطنز ستمسّ بمستوى الثقة بين تل أبيب وإدارة بايدن، مشدداً على أن كسب ثقة الولايات المتحدة يُعدّ مطلباً حيوياً لضمان تنسيق المواقف معها لضمان تحقيق مصالح إسرائيل.
وفي سلسلة تغريدات كتبها على حسابه على "تويتر"، استهجن يادلين، الذي يرأس حالياً "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، أن يتم تنفيذ العملية في نطنز عشية وصول وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى تل أبيب، وفي ظل محادثات فيينا التي قد تمهّد إلى مفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن بشأن العودة للاتفاق النووي.
وشكك يادلين في إمكانية أن تكون إسرائيل تملك استراتيجية شاملة في التعاطي مع إيران، سيما في عهد إدارة الرئيس بايدن، مشيراً إلى أن الأزمة السياسية الداخلية التي تعيشها إسرائيل قلّصت فرص إجراء النقاشات الحيوية التي كان يجب أن تجرى قبل المصادقة على تنفيذ العملية.
وتوقع يادلين أن تدفع العملية الإسرائيلية إيران، ليس فقط إلى زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم ونصب المزيد من أجهزة الطرد المركزي، بل أن طهران قد تفرض أيضاً قيوداً على التفتيش الدولي على منشآتها الذرية.
وتوقع يادلين أن تسهم العملية الإسرائيلية في توفير بيئة تسمح بتعزيز مكانة التيار المحافظ في طهران الذي تمثله قيادة الحرس الثوري، والذي قد يدفع نحو موقف متشدّد في المفاوضات التي ستجرى للعودة إلى الاتفاق النووي.
وشكك يادلين في صحة وموضوعية آليات صنع القرار التي قادت إلى اتخاذ القرار بتنفيذ العملية، مشيراً إلى أن القرار لم يتخذ وقف الصلاحيات الممنوحة للجهات ذات العلاقة. وأشار إلى أن الحكومة (بكامل هيئتها) هي الطرف الذي كان يجب أن يخول المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن باتخاذ القرار بشأن تنفيذ العملية، في حين أن هذا المجلس يمكنه أن يخول بعد ذلك رئيس الحكومة ووزير الأمن باتخاذ القرار النهائي.
أما الباحث في "مركز أبحاث الأمن القومي" راز تسيمت، فقد رأى أن إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية نطنز واستهداف السفن الإيرانية في عرض البحار لن يسهم في تمكينها من التأثير على موقف الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي مع طهران.
وفي تحليل نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، لفت تسيمت إلى أنه، بخلاف الرغبة الإسرائيلية، فإن بايدن معني أولاً بالعودة إلى الاتفاق النووي الأصلي من دون أي تعديلات عليه، وبعد ذلك يجري مفاوضات مع طهران حول إطالة أمد هذا الاتفاق وتطويره، مشيراً إلى أن الإيرانيين يصرّون على رفض إجراء مفاوضات على الاتفاق الأصلي، إلى جانب اشتراطهم رفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشكل مطلق.