تحذيرات من اعتداءات إرهابية في العراق تزامناً مع انتهاء مهمة القوات القتالية للتحالف الدولي
بالتزامن مع إعلان الحكومة العراقية انتهاء مهمة القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وإكمال انسحابها من البلاد قبيل نحو ثلاثة أسابيع من الموعد المقرر في 31 ديسمبر/كانون الأول الحالي، حذّر سياسيون عراقيون من تصاعد الأعمال الإرهابية في البلاد، مطالبين قوات الأمن بتصعيد إجراءاتها الأمنية في عموم مدن البلاد، وخاصة في العاصمة بغداد.
وتشهد عدة مدن عراقية شمالي البلاد، منذ أيام، هجمات وتفجيرات متزامنة، تبنّى معظمها مسلحو تنظيم "داعش"، وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين ومن قوات الأمن العراقية ووحدات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان، وقعت أغلبها في كركوك وديالى وصلاح الدين، شمال وشمال شرقي العراق.
واليوم، الخميس، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي عن نهاية المهام القتالية لقوات التحالف الدولي وانسحابها من العراق، معلناً انتهاء آخر اجتماعات العراق مع ممثلي التحالف في هذا الإطار، كما أشار إلى أن العلاقة مع التحالف الدولي ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين.
اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق، وستستمر العلاقة مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين.
— قاسم الاعرجي (@qassimalaraji) December 9, 2021
فيما أكد مسؤول خلية الإعلام الأمني، اللواء سعد معن، خلال مؤتمر صحافي ببغداد، أن "اجتماعاً عقد في بغداد، اليوم الخميس، حضره قائد حلف شمال الأطلسي، الفريق مايكل الدنمارك ونواب قائد التحالف الدولي ومدير الإدارة المشتركة بين الوكالات والبيئة المدنية ومدير مكتب التعاون الأمني في السفارة الأميركية".
وأضاف أن "معاون رئيس أركان الجيش وقادة الأسلحة البرية والجوية والدفاع الجوي وطيران الجيش والقوة الجوية ومدير الاستخبارات العسكرية وممثل وزارة البيشمركة، عرضوا القائمة الأولى بحسب الأولويات للتعاون المؤسساتي التي تخطط لها القوات الأمنية العراقية والتحالف وبعثة شمال الأطلسي، للتركيز على الدور المشترك خلال 24 شهراً المقبلة".
وتابع أن "اللواء جون بريمر أكد في ضوء عمليات نقل الأفراد والمعدات التي جرت أخيراً، أن التحالف سينهي بالكامل عملية الانتقال إلى المهام غير الانتقالية قبل نهاية العام الحالي بموجب ما اتفق عليه". وقدم معن "التهنئة للحاضرين على قرب انتهاء عملية الانتقال بوقت أبكر من الوقت المخطط له".
وفي هذا السياق، حذّر مقرر اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي من هجمات إرهابية قد تستهدف بغداد مع الإعلان عن انسحاب القوات القتالية الأميركية من البلاد. وأوضح المطلبي في حديث للصحافيين ببغداد، اليوم الخميس، أن تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية على المناطق المستقرة أمنياً، مثل كركوك والبصرة، يشير إلى احتمال قوي أن الجماعات الإرهابية تنوي شن هجمات مرتقبة ضد بغداد، لتحقيق صدى إعلامي أكبر.
مضيفاً: "إن تصاعد نشاط الإرهاب يعود إلى خمول العمل الاستخباري العراقي"، محذراً من أن "ذلك قد يؤدي إلى اعتداءات كبيرة تستهدف مناطق حساسة أخرى بهدف إثارة الأوضاع"، معتبراً أن الجانب الأميركي ربما يكون أكثر المستفيدين من تصاعد العمليات الإرهابية بعد تنفيذ آلية انسحاب قواته القتالية كذريعة جاهزة لإرغام الحكومة على استمرار الاعتماد عليه وبقاء قواته القتالية لمدة أطول.
مسؤول عسكري عراقي في بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إن القوات الأمنية تواصل تنفيذ عمليات استباقية لضرب جيوب ومعاقل إرهابية في مناطق مختلفة من البلاد، والتحذيرات يجب أن تصدر عن السلطات الأمنية، وليس عن السياسيين، كونها تعتبر دعاية غير صحيحة.
وأضاف في اتصال هاتفي من بغداد: "هناك جهد استخباري ضخم، والتهويل بحجم وقدرات بقايا تنظيم داعش غير صحيح".
في المقابل، رأى عضو البرلمان العراقي السابق عباس الزاملي أن "الوضع السياسي الحالي بيئة مناسبة لاختلال الأمن مجدداً على يد خلايا تنظيم داعش"، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أي "اختلال أمني يعني أن هناك أياد خفية تساهم في تنفيذ تلك الهجمات لدواع سياسية، هدفها الضغط على أطراف معينة"، معتبراً في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة "ليست لديها الرغبة بمغادرة العراق كلياً في نهاية الشهر الحالي، وستكون هناك ذرائع وطرق ملتوية من أجل ذلك".
ولا يستبعد الخبير في الشأن الأمني العراقي سرمد البياتي أن تكون بعض الأعمال الإرهابية التي شهدتها البلاد أخيراً "مرتبطة بجانب سياسي مرتبط بتوتر الوضع السياسي الداخلي عموماً"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس كل إرهاب هو داعش، هناك مناطق في العراق تشهد أعمالا إرهابية، لكن ليس داعش هو الذي يقف خلفها، بمعنى أن أي عملية تستهدف المواطن هي إرهاب، ربما عملية اغتيال أو تفجير".
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية مرتبطة بفصائل مسلحة حليفة لإيران مواقف مشككة بإعلان اكتمال مهمة انسحاب القوات القتالية من العراق التابعة للتحالف الدولي.
ونقلت وكالة "المعلومة"، المرتبطة بمليشيا "كتائب حزب الله"، عن صباح العكيلي، الذي وصفته بالخبير الأمني، قوله إنه "إذا كانت هناك نيات صادقة للانسحاب فعليهم تفكيك منظومة (الباتريوت) في قاعدة عين الأسد ومنظومة (السيرام) في السفارة الأميركية أو تسليمها للقوات العراقية".
وأضاف العكيلي أن البيان الذي أعلن اليوم بشأن انسحاب القوات الأميركية وتحويل عناصر القوات إلى مستشارين فيه مغالطات، إذ لا يمكن تحويل المقاتلين إلى مستشارين من الناحية العسكرية، مضيفاً أنه "إذا كانت هناك نيات صادقة فيجب أن يقدم الجانب الأميركي إلى الحكومة العراقية إحصائية متكاملة بالقوات المقاتلة وكذلك مثلها بالأسلحة والآليات"، مشدداً على أن "الجانب الأميركي ما زال لا يسمح بدخول القيادات الأمنية لقواعده وما زالت صناديق مغلقة".