تحذيرات من ترويج المستوطنين لمخططات "تفجير" المسجد الأقصى لبناء الهيكل

18 سبتمبر 2024
خلال اقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى، 5 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -

حذرت مرجعيات إسلامية في القدس المحتلة، اليوم الأربعاء، من ترويج المستوطنين لمخططات جديدة تهدف إلى تفجير المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم مكانه، فيما يثير القلق بشكل أكبر لدى أوقاف القدس والمرجعيات تجرؤ جماعات الهيكل في إعلان مخططها الهادف إلى تدمير المسجد الأقصى. وبدا ذلك واضحاً من خلال نشر جماعة "أبناء جبل موريا" قبل أسبوعين، مقطعاً مصوراً قصيراً يظهر النيران ملتهبة في المسجد الأقصى، بفعل صاروخ موجه مع تعليق جاء فيه: "قريباً في أيامنا هذه"، وعبارة "النصر المطلق".

هذا القلق الكبير عبّر عنه رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن نشر تلك المقاطع الخطيرة "يُعَدّ عدواناً كبيراً على المسجد الأقصى ربما بات وشيكاً وهو ما تؤكده تلك المقاطع التي توضح طبيعة ونيّات هذه الجماعات المتطرفة". وقال صبري: "هؤلاء المتطرفون المتعصبون يتلقون الدعم والإسناد الكامل من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تعلو المطالبات في صفوف وزرائها لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى".

من جهته، اعتبر رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب، نشر تلك المقاطع "على الملأ ودون خوف أمر يزيد حجم الأخطار التي تنتظر المسجد الأقصى الشهر القادم"، حيث تبلغ الاقتحامات في كل عام ذروتها. وقال سلهب لـ"العربي الجديد": "ندق ناقوس الخطر من الآن، ونحمّل حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن أي اعتداء على المسجد الأقصى، وعليها أن تمنع الاعتداء قبل وقوعه، واعتقال من يقفون وراء نشر هذه المقاطع التي تعكس خيالات مريضة وعدوانية لأصحابها".

وما يعكس هذه المخاوف مجدداً ما أشارت إليه دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس من التزايد الكبير في أعداد المقتحمين وطبيعة المقتحمين خلال احتفالاتهم بذكرى "خراب الهيكل" مطلع أغسطس/ آب الماضي. وتشير معطيات دائرة الإعلام التابعة لها إلى أن أكثر من 3500 مستوطن متطرف شاركوا في الاقتحامات في أقل من شهر.

بدوره، قال الباحث المختص في شؤون المسجد الأقصى زياد ابحيص، لـ"العربي الجديد" إن "الجهة التي نشرت مقاطع الفيديو منظمة استيطانية شبابية متطرفة، تعتبر نفسها وريثة لنهج الحاخام مائير كاهانا الذي اغتيل في 1990، وتكثر الاقتباس من مقولاته، وهي تنتمي إلى الجيل الجديد من منظمات الهيكل المتطرفة".

وأشار ابحيص إلى أن منظمات الهيكل المتطرفة عموماً، وعددها بات يقارب 60 منظمة وهيئة، تنقسم إلى مجموعتين على أساس الجيل والآراء السياسية: المؤسسات القديمة والتي تجتمع تحت مظلة "ائتلاف منظمات الهيكل" وهي تتألف من الحاخامين القدامى والأكبر سناً مثل "معهد الهيكل" و"منظمة تاج الكهنة" و"منظمة إلعاد والسنهدرين الجديد"، ويرون ضرورة التعاون مع شرطة الاحتلال، والتأثير البطيء في المجتمع والدولة للتأسيس لأجندة الإحلال الديني وتأسيس الهيكل مكان المسجد الأقصى، ويتحدثون عن "التقاسم" أكثر مما يتحدثون عن إزالة الأقصى من الوجود. في حين أن المجموعة الثانية، وفق ابحيص، تتألف من المنظمات حديثة النشأة، وكوادرها أكثر شباباً وأكثر تطرفاً، وتنضوي تحت "ائتلاف الهيكل الثالث" الذي تشكل نهاية عام 2020، وتضم منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" و"أبناء جبل موريا" و"عائدون إلى جبل الهيكل" وغيرها، ويرون أن مقاربة الجيل السابق بطيئة، ولا يمكن أن تصل إلى التغيير المطلوب، وبسبب ذلك يلجأون إلى الضغط على شرطة الاحتلال وانتقاد إجراءاتها في الأقصى، ويتهمونها بأنها "لا سامية"، وبأنها "تميز ضد اليهود" في الأقصى، ويعتقدون أن وزير الأمن الداخلي المتطرف، إيتمار بن غفير، بات "يسارياً مدجناً" ولا يقوم بما يكفي ويرون الفرصة سانحة اليوم لتأسيس الهيكل بالقوة.

وقال ابحيص: "هذه المجموعة التي تنتمي إلى الجيل الجديد من منظمات الهيكل نشرت هذا الفيديو لحريق واسع في الأقصى لأول مرة في يوم 13-8-2024، بالتزامن مع الذكرى العبرية المسماة (ذكرى خراب الهيكل)، على اعتبار أن خراب الأقصى وتأسيس الهيكل هو الآتي بزعمهم، وأعادت نشره اليوم كذلك، وبتاريخ 28-8-2024 في إطار تحضيراتها لموسم الأعياد نفسه، نشرت (جماعة أبناء جبل موريا) مقطعاً مصوراً لصاروخ حربي يقصف المسجد الأقصى ليقام الهيكل في مكانه، في حين أن أعضاء هذه الجماعة هم من أبرز من يؤدون طقوس الانبطاح (السجود الملحمي) الجماعي في المسجد الأقصى المبارك، ومن أبرز المحرضين على الشيخ عكرمة صبري".

وفي الوقت الذي تفقد فيه دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس رويداً رويداً نفوذها وإشرافها على المسجد الأقصى يتعاظم في المقابل تأثير الجماعات الاستيطانية المتطرفة، وعلى رأسها ما يسمى "أمناء جبل الهيكل" على ما يجري من تطورات في المسجد لعل أبرزها الاقتحامات اليومية الكبيرة للباحات وأداء الصلوات والطقوس التلمودية العلنية على مرأى من شرطة الاحتلال الإسرائيلية وبرعايتها وحمايتها، وهي تطورات باتت لافتة، وتدفع باتجاه مزيد من التصعيد، الذي يتوقع أن يتصاعد بشكل أكبر عشية الأعياد اليهودية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول القادم، ويقف في مقدمة داعمي هؤلاء بن غفير الوزير الأكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية.

وتقول هذه الجمعية الاستيطانية في أحدث إعلاناتها إنها حطمت الرقم القياسي لأعداد المقتحمين المسجد الأقصى منذ مطلع العام الجاري، حيث وصلت أعداد المقتحمين إلى 49 ألف مقتحم، أي بزيادة قدرها 14 ألف مقتحم عن العام الماضي، في حين تتوقع أن يرتفع أعداد المقتحمين حتى نهاية هذا العام إلى نحو 80 ألفاً.

المساهمون