في محاولة لوضع حد للخطط الإسرائيلية بشأن الوضع الأمني على الشريط الحدودي بين قطاع غزة ورفح المصرية، في المنطقة المعروفة بمحور فيلادلفيا، بدأت القاهرة إجراءات جديدة، بهدف دفع الضغوط عنها بحسب مصادر مصرية مطلعة على التحركات المصرية المتعلقة بالأوضاع في قطاع غزة.
وقال مصدر مصري لـ"العربي الجديد" إن "الجيش بدأ بالفعل إجراءات تأمينية جديدة على الشريط الحدودي، عبر تنفيذ طلعات جوية بطائرات الأباتشي، بطول المنطقة الحدودية، وذلك بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، بهدف التأكد من خلو محور فيلادلفيا من أي أنشطة عسكرية".
وأضاف المصدر أن "التحركات المصرية الجديدة، شملت أيضاً تسيير دوريات أمنية بطول الشريط الحدودي، من قوات العمليات الخاصة، للتأكد من عدم وجود أي أنشطة تهدد الأمن بتلك المنطقة".
ضغوط إسرائيلية على مصر لفرض اتفاق جديد
وأوضح المصدر أن "الإجراءات الجديدة جاءت في الوقت الذي تمارس فيه تل أبيب ضغوطاً على القاهرة، عبر الإدارة الأميركية، لفرض اتفاق أمني جديد يخص منطقة محور فيلادلفيا، لا يحظى بقبول مصري، كونه يتعارض مع السيادة المصرية على أراضيها، إذ يعطي تل أبيب الحق في الحصول على إشعارات لحظية بأي اختراقات أو انتهاكات في تلك المنطقة، ومن ثم إطلاق طائرات سلاح الجو للتعامل معها، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع، وترى أن أي مخالفات أمنية هي المعنية بمواجهتها".
تفاهمات مع فصائل المقاومة، تضمنت تأكيدات بضرورة خلو منطقة محور فيلادلفيا، من أي أعمال للمقاومة
في المقابل، كشف المصدر المصري وجود "تفاهمات مع فصائل المقاومة، تضمنت تأكيدات بضرورة خلو منطقة محور فيلادلفيا، من أي أعمال للمقاومة، لقطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية للتواجد في تلك المنطقة".
وأوضح المصدر أن "هناك تفهماً من جانب فصائل المقاومة للمطلب المصري في هذا الشأن"، لافتاً إلى أن الفترة الراهنة "تشهد تنسيقاً واسعاً بين مصر فصائل المقاومة بشأن الوضع في قطاع غزة".
وجاءت الإجراءات المصرية الجديدة، في وقت زار فيه وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى برئاسة غسان عليان، منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي المحتلة، مصر، وضم مسؤولين عسكريين، وآخرين من جهاز الشاباك، وكان من بين ملفات الزيارة التي استمرت لنحو 4 ساعات مساء الاثنين الماضي، بحث الإجراءات المصرية الجديدة وتنسيقها، بهدف منع وقوع تضارب أو أي أخطاء قد تؤدي لاشتباكات بين القوات في الطرفين.
الوساطة المصرية لوقف النار في غزة
وعلى صعيد استئناف الوساطة المصرية الخاصة بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة لتبادل الأسرى، أوضح مصدر مصري آخر، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك اتصالات ومباحثات بين المسؤولين في مصر، وحماس والجهاد الإسلامي من جهة، وحكومة الاحتلال من جهة أخرى، بهدف تقريب وجهات النظر بشأن تصورات كلا الطرفين، والعمل على صياغة رؤية جديدة يمكن معها إعادتهم للتفاوض غير المباشر مرة أخرى".
اتصالات مصرية مع المقاومة ومع حكومة الاحتلال لتقريب وجهات النظر حول وقف إطلاق النار
ورأى المصدر المصري أن "التصورات التي طرحتها المقاومة الفلسطينية، ليست بعيدة عن التطبيق، وغير مبالغ فيها كما يصور الجانب الإسرائيلي، خصوصاً في ظل حجم الدمار الذي خلّفه الاحتلال في القطاع، والضحايا من الشهداء والمصابين"، مؤكداً أن "حالة الصراعات الداخلية في إسرائيل، تأتي على رأس المعوقات في طريق التوصل لحل ينهي الأزمة".
وأوضح المصدر أن "الرؤى المطروحة في الوقت الحالي من جانب فصائل المقاومة، سواء بشأن إدارة غزة بعد الحرب أو تلك الخاصة بوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى، لا تبتعد كثيراً عما توافق عليه الإدارة الأميركية"، مضيفاً: "مع مزيد من العمل يمكن التوفيق بينهم".
وكشف المصدر أنه "في ما يخص الحديث عن تحرير الأسرى، فإن حماس وفصائل المقاومة، أكدت خروج الأسرى في قطاع غزة -ما بعد بدء العملية البرية في القطاع (في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)- من أي معادلة تفاوضية، مشددة على أن هؤلاء لا بد أن يتم إطلاق سراحهم جميعا بمجرد الاتفاق على وقف إطلاق النار".
وأوضح أن "حركتي حماس والجهاد، أبدتا مرونة كبيرة في ما يتعلق بتصورات صفقة تبادل الأسرى، تحديداً ما يخص طبيعة مراحلها ونوعيات المفرج عنهم"، مؤكداً أنه "في المقابل كانت إسرائيل قد أبدت استعداداً لإطلاق سراح عدد يمكن الاتفاق عليه من المحكومين بالمؤبدات".
كما كشف المصدر عن أن "التصور الخاص بالمقاومة، تضمن إمكانية إبرام هدنة طويلة الأمد ضمن اتفاق شامل يقضي بوقف إطلاق النار".
وتعليقاً على مسار المفاوضات الحالي، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المفاهيم مختلفة تماماً الآن، لأن الحديث عن ترتيبات ما بعد الحرب بهذه الطريقة، هو اعتراف بأنه لم ولن يتم القضاء على المقاومة، وبالتالي لا بد أن تكون المقاومة حاضرة في أي تفاوض مع الأطراف المعنية إقليمية ودولية، مثل مصر وقطر وتركيا والأردن والإمارات والسعودية وغيرها"، مضيفاً أن "كل هذه الأطراف، تعي عدم القدرة على الحسم في مواجهة المقاومة".
من جهته، قال رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" المصري، محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك وفوداً سواء من الشاباك أو من الموساد، زارت مصر خلال الفترة الأخيرة، وعقدت لقاءات مع الأجهزة الأمنية المصرية، للتنسيق سواء في خروج بعض الحالات من قطاع غزة، أو المساعدات الإنسانية، أو الوضع في غزة في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، أو في ما يخص ضبط عملية الحدود وممر فيلادلفيا"، مضيفاً أن "هناك مشاورات مكثفة تحدث، لكن عمليات الاغتيالات التي ينفذها الاحتلال -مثل اغتيال صالح العاروري في لبنان وغيرها-، تعطل وتعقد أي مفاوضات تجري".
وأضاف: "نتمنى أن تنتهي المسألة بوضع يقبله الفلسطينيون سواء في غزة أو في الضفة، لأن الأمور أصبحت غير مقبولة، وتمثل عامل ضغط شديد على كل العالم العربي والإسلامي".
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، يوسف الشرقاوي، لـ"العربي الجديد" إن "هناك احتمالاً ضئيلاً، لأن تستجيب إسرائيل لصفقة تبادل أسرى مع حماس"، مؤكداً أن ذلك سببه "فشل إسرائيل في حربها ضد غزة"، مضيفاً أنه نتيجة هذا الفشل، اتجهت إسرائيل إلى جبهة الشمال، قائلاً إنه "لو دخلت جبهة الشمال مبكراً، لتغيّر مجرى الحرب على غزة".