تحقيق لـ"الجزيرة": لوبيات صهيونية وحملة شيطنة كانت وراء إطاحة كوربن الزعيم السابق لـ"العمال" البريطاني
بثّت "قناة الجزيرة" الحلقة الثانية من التحقيق الاستقصائي "ملفات حزب العمال"، والذي يقدّم للمشاهد، بحسب القناة، "أكبر تسريب في تاريخ السياسة البريطانية"، إذ يستند إلى وثائق مسرّبة من الحزب المعارض يقدّر حجمها بـ"500 غيغا بايت" وتحتوي على رسائل إلكترونية ومكالمات هاتفية لمسؤولين كبار في الفترة ما بين 1991 و2021. ويكشف التحقيق عن الحملة التي شنّها أعضاء من الحزب لإطاحة الزعيم السابق جيرمي كوربن عبر اتهامه بشكل "مضلّل ومشوّه" بالإخفاق في "معالجة الارتفاع الحاد لمعاداة السامية في الحزب".
وكانت الحلقة الثانية التي بثّتها "الجزيرة" تشير إلى "مساعي السياسيين والكيانات الموالية لإسرائيل" للتخلص من كوربن بسبب تاريخه الطويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الشعب الفلسطيني. كما يكشف الوثائقي الدور الخطير الذي لعبته التحالفات السياسية في توجيه "شكاوى كيدية" بتهم "معاداة السامية" لكوربن ولعدد كبير من زملائه في الحزب ممن أفصحوا علناً عن موافقهم من قضية الفصل العنصري الإسرائيلي.
ولا يسع المتابع لهذه القضية سوى التعجّب من امتناع وسائل الإعلام البريطانية، التي تنشغل عادة بأدق التفاصيل، عن متابعة هذا التحقيق الوثائقي، إذ يغيب عن محركات البحث بالإنكليزية كل يما يتعلق بالوثائقي باستثناء مقال وحيد نشره موقع "جيويش نيوز" يدّعي فيه أن قناة "الجزيرة" تواجه اتّهامات بـ"مضايقة" سبعة نشطاء عماليين يهود عبر فيلمها الوثائقي الجديد.
وخلص تقرير مستقل صادر عن لجنة المساواة وحقوق الإنسان عام 2020 إلى أن هناك إخفاقات "لا تغتفر" في الحزب، حيث قلل أعضاؤه أو تجاهلوا العديد من الشكاوى والتنبيهات من أعضاء يهود من "حزب العمال". وقال كير ستارمر عن تقرير اللجنة إنه "يوم عار" على الحزب.
وكان كوربن قد وصف "حزب الله" اللبناني و"حركة حماس" الفلسطينية بالصديقين في عام 2009، ما أثار غضب الجالية اليهودية والكثير من السياسيين المحافظين. إلا أنه تراجع في العام 2016 عن هذه التصريحات معلناً عن "أسفه لاستخدام مصطلح أصدقاء". وفي عام 2012، عارض بشكل علني على صفحة "فيسبوك" إزالة لوحة جدارية لفنان الغرافيتي مير وأن لاحتوائها على "رموز معارضة للسامية"، ثم أشار في العام 2018 إلى أن "محتوى اللوحة صادم للغاية" وإنه "لم يكن قد تأمّل في اللوحة عن كثب". وفي عام 2013، سخر من "الصهاينة البريطانيين" خلال خطاب ألقاه في اجتماع نظّمته جمعية فلسطينية قريبة من "حماس"، إلا أنه وضّح لاحقاً أنه استخدم الصهيونية كمصطلح سياسي. وفي عام 2014، شارك كوربن في فعالية خيرية مؤيدة للشعب الفلسطيني.
في سياق متصل، يتلقّى زعيم "حزب العمال" المعارض كير ستارمر مزيداً من الدعوات للسماح لسلفه جيرمي كوربن بالترشّح في الانتخابات العامة المقبلة. ومع أن كوربن ما زال عضواً في الحزب إلا أنه نائب مستقل في البرلمان بعدما سحب منه "السوط" على خلفية تقرير لجنة المساواة وحقوق الإنسان حول معاداة السامية في صفوف الحزب.
ويجادل المؤيدون لهذه الخطوة بأنها ستمنح "حزب العمال الانتخابي" فرصة التحكم بهوية المرشّحين بدلاً من أن تُمنح الفرصة لـ"حزب العمال البرلماني"، كما أن من شأنها "رأب الصدع" في صفوف الحزب، الأمر الذي تتوق الأحزاب الأخرى إلى عدم تحقيقه، مثل "حزب الخضر" و"الحزب الديمقراطي الليبرالي" و"حزب المحافظين" الحاكم. بينما يجادل المعارضون للخطوة بأنها تمثّل "خطراً قانونياً كبيراً" على الحزب. في حين يرى البعض الآخر أن على الحزب "حشد طاقاته" في محاربة "حزب المحافظين" وليس في محاربة اليساريين من "حزب العمال".
يُذكر أن رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ليز تراس أعلنت قبل أيام عن نيّتها نقل مقرّ سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب إلى القدس في خطوة من شأنها أن تمسّ أكثر القضايا حساسية في الصراع المستمر منذ عقود. وكانت تراس قد طرحت هذه الفكرة خلال حملتها الانتخابية في رسالة وجّهتها إلى المجموعة البرلمانية "أصدقاء إسرائيل المحافظين"، بينما شجّعها زملاؤها في الحزب بحجّة أن الخطوة لن تثير جدلاً كبيراً بعدما مهّد لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبعدما أقدمت دول عربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.