تخبط الديمقراطيين حول انسحاب بايدن من سباق الرئاسة: الخسائر السياسية قد تمتد لعقد

11 يوليو 2024
جو بايدن خلال قمة ناتو في واشنطن، 9 يوليو 2024 (جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اجتماعات الديمقراطيين ومطالبات بانسحاب بايدن**: عقد الديمقراطيون اجتماعات لمناقشة انسحاب بايدن بعد أدائه السيء في المناظرة مع ترامب، وارتفع عدد المطالبين بانسحابه إلى سبعة أعضاء، لكن بايدن أكد استمراره في السباق.

- **تحديات داخلية ودعم خارجي لبايدن**: رغم المطالبات بانسحابه، حصل بايدن على دعم من زعماء الحزب، ونفى البيت الأبيض شائعات حول صحته. أكد بايدن في مقابلة تلفزيونية استمراره في الترشح.

- **مخاطر سياسية على الديمقراطيين**: استمرار بايدن قد يكلف الديمقراطيين خسارة مجلس الشيوخ وتعزيز هيمنة الجمهوريين على المحكمة العليا. أظهر استطلاع تقدم ترامب بنسبة 46% مقابل 43% لبايدن، مما يزيد من التحديات قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي.

يوم ساخن شهدته العاصمة الأميركية واشنطن أول من أمس الثلاثاء. فمع انشغال الرئيس جو بايدن بانعقاد قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) احتفالا بالذكرى السابعة والخمسين، عقد الديمقراطيون في مجلسي النواب والشيوخ اجتماعات هي الأولى منذ المناظرة الرئاسية بين بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب  يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، لمناقشة انسحاب بايدن من عدمه من السباق الانتخابي، وخرج مشرعو الحزب دون مسار واضح للفترة المقبلة.

كما ارتفع عدد الأصوات الديمقراطية في الكونغرس التي طالبت بايدن علناً بالانسحاب من سباق انتخابات الرئاسة المقبلة المقرّرة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلى سبعة أعضاء، وذلك بعد تصريحات النائبة ميكي شيريل من ولاية نيوجيرسي، التي قالت في بيان أول من أمس: "أعلم أن الرئيس بايدن وفريقه وضعوا البلاد ومصالح الديمقراطية في المقام الأول في اعتباراتهم، ولأنني أعلم أن الرئيس يهتم بشدة بمستقبل بلادنا، فإنني أطلب منه أن يعلن أنه لن يُرشح نفسه لإعادة انتخابه وسيساعد قيادتنا خلال عملية الدفع بمرشح جديد". وكان سبق شيريل، كل من النواب الديمقراطيين: آدم سميث، أنجي كريغ، مايك كويغلي، سيث مولتون، راوول غريغالفا، ولويد دوغيت، الذين رأوا أن انسحاب بايدن من سباق الرئاسة أفضل للحملة الديمقراطية.

انسحاب بايدن يُقسّم الديمقراطيين

ولكن في العموم، واصلت أكثرية الزعماء الديمقراطيين تقديم الدعم العلني للرئيس الغاضب بشدة من المطالبة بانسحابه، بينما تواصلت المطالبات في القواعد بانسحاب الرئيس، الذي أكد في خطاب موجه إلى أعضاء حزبه في الكونغرس قبل ساعات من اجتماع زعماء حلف "ناتو"، أنه رغم التكهنات، فإنه مصّر على الاستمرار في السباق مطالباً بالاتحاد خلفه والتركيز على هزيمة منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب. ورغم أن العناوين تشير بشكل كبير إلى عاصفة ضدّ بايدن في الكونغرس، إلا أن الواقع يشير إلى أن أقل من عشرة أعضاء هم من تحدثوا علناً للمطالبة باستقالته.

أقل من 10 أعضاء هم من تحدثوا علناً للمطالبة باستقالة بايدن

ومنذ المناظرة الرئاسية التي عقدت بين بايدن وترامب تصاعدت المطالب داخل الحزب الديمقراطي وبين عموم الأميركيين بضرورة انسحاب بايدن من سباق الرئاسة، خصوصاً بعد أدائه الكارثي خلال المناظرة، ومخاوف من تكرار أخطائه وزلّاته خلال الأشهر المقبلة بما يؤثر على فرصه في الفوز بالانتخابات. ويخشى ديمقراطيون أن يؤثر استمرار الرئيس في الترشح، على فرص الحزب أيضاً في الفوز بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ.

وتزامن تصاعد الجدل حول انسحاب بايدن من السباق، مع تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، في الثامن من يوليو/تموز الحالي، أشارت فيه الصحيفة إلى أن طبيب الأعصاب كيفين كانارد، الخبير في شلل الرعاش واضطرابات الحركة، زار البيت الأبيض ثماني مرات منذ الصيف الماضي، ما فتح باب التكهنات حول إصابة الرئيس بمرض باركنسون، لكن البيت الأبيض نفى بشكل قاطع أن يكون الرئيس قد تمّ علاجه أو تشخيص إصابته بباركنسون، أو أنه يتلقى أي علاج حالياً. والتقى بايدن، أمس الأربعاء، كبار قادة النقابات العمّالية في البلاد في محاولة لكسب دعمهم، علماً أنه اجتمع أيضاً الأسبوع الماضي، بحكّام الولايات الديمقراطيين. والفئتان، زعماء النقابات والحكّام، تشكّلان ممراً إلزامياً للتحشيد في الانتخابات في الولايات المتحدة.

وبدا الرئيس جو بايدن غاضباً بشدة من تردد النخب الديمقراطية في تأييده، وهو لا يزال يتحدى الجميع في أنه سيواصل الترشح، حيث صرّح في اتصال هاتفي يوم الاثنين الماضي مع برنامج "مورنينغ جو" (أم أس أن بي سي)، وهو أحد برامجه المفضلة، أنه لا يكترث لما تقوله الأسماء الكبيرة في الحزب، بل وطالب المعترضين على ترشحه بـ"تحديه خلال المؤتمر الوطني للحزب"، الذي ستتم فيه تسمية مرشح الحزب الرئاسة، والمقرّر في أغسطس/آب المقبل. وفي العادة، يتم اختيار اسم المرشح بناء على نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب، والتي فاز بها بايدن هذا العام.

وفي الوقت ذاته، وعلى الرغم من المقابلات التلفزيونية والبيانات الصحافية الكثيرة التي يجريها بايدن ويصدرها البيت الأبيض، إلا أن مانحين كثرا باتوا يوجهون دعوات له بالتنحي والسماح بترشح شخصية ديمقراطية أخرى قادرة على هزيمة ترامب. وقرّر مانحون عدم تقديم أي تمويل للحزب الديمقراطي حتى ينسحب بايدن من السباق، من بينهم وريثة عائلة ديزني، أبيغيل ديزني، فيما تحدثت تقارير إعلامية عن أن بعض منظمي حملة بايدن توقفوا عن إجراء مكالمات مع المانحين "الذين لا يردون على الهواتف". وتضمن تقرير لموقع "ذا هيل" نشر في السادس من يوليو الحالي، أسماء بعض المانحين الذين أوقفوا التبرع للحملة، من بينهم ديزني، والمؤسس المشارك لـ"نتفلكس" ريد هاستينغز، والرئيس التنفيذي السابق لموقع خدمة الدفع "باي بال"، بيل هاريس، وويتني تيلسون، وهو كبير المحلّلين في شركة الاستشارات العملاقة "سترانسبيري"، والملياردير ريك كاروزو.

مخاطر خسارة الشيوخ والمحكمة العليا

ولا يخاطر الديمقراطيون فقط، مع عدم انسحاب بايدن من سباق الرئاسة، بهذا الموقع فقط، أو بمقاعد الكونغرس. إذ أشار تحليل مطول لأحد كبار المحللين السياسيين في "سي أن أن"، رونالد براونشتاين، إلى أن المخاطر التي يواجهها الحزب وسط الانقسامات في صفوفه من مسألة حول انسحاب بايدن من انتخابات العام الحالي، تمتد إلى ما هو أبعد من البيت الأبيض، حيث إن الهزيمة الحاسمة قد تُكلّف الديمقراطيين خسارة السيطرة على مجلس الشيوخ للفترة المتبقية من هذا العقد، وتعزيز هيمنة الجمهوريين على المحكمة العليا لجيل كامل.

قد يتمكن الحزب الجمهوري من ترشيح وتثبيت البديلين الأصغر سناً لأكبر عضوين في المحكمة العليا

وشرح براونشتاين، بأنه على مدى العقد الماضي، أصبح من الصعب أن يفوز مرشحو مجلس الشيوخ من أي من الحزبين في الولايات التي تصوت عادة للجانب الآخر في المنافسات الرئاسية، وأنه خلال هذا العام يدافع الديمقراطيون عن مقاعد مجلس الشيوخ في ولايات معرضة للخطر بالنسبة إليهم في المنافسة الرئاسية، موضحاً أنه إذا خسر الديمقراطيون عدداً كبيراً من تلك المقاعد هذا العام، فإنه من الصعب للغاية بالنسبة إليهم استعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ، قبل إعادة التصويت على هذه المقاعد نفسها مرة أخرى في عام 2030.

وأضاف براونشتاين أنه في المقابل، فإن توسيع سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ، إلى جانب عودة ترامب إلى البيت الأبيض، من شأنه أن يمنح الحزب المحافظ مزيداً من الوقت لترشيح وتثبيت البدلاء الأصغر سناً لأكبر عضوين في المحكمة العليا، صامويل أليتو (74 عاماً)، وكلارنس توماس (76 عاما)، وربما أيضا سونيا سوتومايور (70 عاماً)، أقدم قاضية عيّنها الديمقراطيون، ما قد يجعل المحكمة العليا في الولايات المتحدة بيد الجمهوريين لجيل كامل، ويجعلهم قادرين على تعيين القضاة الفدراليين في الولايات، حيث تخضع سلطة تعيين المناصب الشاغرة للقطاع القضائي لمجلس الشيوخ الأميركي.

ويتزامن كل ذلك مع إعلان أبرز ممثلي اليسار في مجلس النواب الأميركي، مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وإلهان عمر عن دعمهما لاستمرار ترشح بايدن في السباق الانتخابي، بالإضافة إلى حصول الرئيس على دعم كبار المسؤولين في الحزب، ومن بينهم (زعيم الأغلبية في الشيوخ) تشاك شومر، فيما كان أحد أبرز المطالبين بتنحي بايدن، النائب آدم سميث، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، ومارك تاكانو كبير الديمقراطيين في لجنة المحاربين القدامى، وجوزيف موريل، كبير الديمقراطيين في لجنة إدارة مجلس النواب.

وأشار أحدث استطلاع رأي أجراه معهد إمرسون، إلى تقدم ترامب بـ46% من أصوات الناخبين، مقابل 43% لبايدن، في حين لم يحدد نحو 11% موقفهم بعد من التصويت للمرشح الرئاسي. وأظهر الاستطلاع أن بايدن خسر نقطتين منذ المناظرة الأخيرة، في حين يحافظ ترامب على نفس نقاطه.

ويبدو الطريق صعباً أمام الديمقراطيين لإجبار بايدن على الانسحاب (بايدن أعلن يوم الجمعة الماضي في مقابلة تلفزيونية أنه لن ينسحب إلا إذا أخبره الرب بذلك)، كما أنه في حال الانسحاب، فإن الطريق لن يكون سهلاً أيضاً خصوصاً مع اقتراب الموعد النهائي للمؤتمر الوطني الديمقراطي الذي سيعقد في الفترة من 19 حتى 22 أغسطس المقبل في مدينة شيكاغو، لاختيار المرشح النهائي لانتخابات الرئاسة، وسط تخوفات من حدوث فوضى في المدينة، ما سيؤثر سلباً على صورة واستعدادات الديمقراطيين، خصوصاً في ظلّ حالة التخبط وعدم الاستقرار حتى الآن على مسار الفترة المقبلة.

وعلى المقلب الجمهوري، يستغل المحافظون أزمة الديمقراطيين، للتصويب على الحزب، واتهامه بإخفاء الحقيقة حول الوضع الصحي للرئيس. وهاجم ترامب أول من أمس، من ولاية فلوريدا، الحزب الديمقراطي. وقال: "إنها أكبر قضية تستر في التاريخ السياسي". وأضاف: "كما تعلمون، إنهم متواطئون جميعهم في المؤامرة الخبيثة لخداع الجمهور الأميركي حول القدرات الإدراكية لساكن البيت الأبيض".

المساهمون