تدفق الأسلحة إلى أرمينيا وأذربيجان يقلق الصين

16 أكتوبر 2024
معرض عسكري في باكو، 26 سبتمبر 2024 (رسول رحيموف/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن تدفق المعدات العسكرية إلى أرمينيا وأذربيجان بات يقلق الصين التي تخشى من تأثير تأجيج الصراع على مصالحها في منطقة حساسة تعتبر ممراً حيوياً لمبادرة الحزام والطريق الصينية باتجاه القارة الأوروبية. وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، يوم الأحد الماضي، إن تدفق المعدات العسكرية إلى تلك المنطقة من شأنه أن يغير التوازن العسكري في المنطقة، ما قد يؤدي إلى تقويض جهود السلام الهشة، وذلك تعقيباً على مبيعات عسكرية حديثة إلى أذربيجان وأرمينيا.

وأضافت أن تدفق شحنات الأسلحة من باكستان والهند المتنافستين في جنوب آسيا إلى الدولتين المتحاربتين، أذربيجان وأرمينيا، يؤدي إلى تسريع سباق التسلح في القوقاز، بعد عام واحد فقط من استعادة قوات باكو منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها. وأشارت إلى أن باكستان ساهمت في الاستراتيجية العسكرية لأذربيجان، من خلال توفير مستشارين متخصصين في حرب الجبال، وهي الخبرة التي اكتسبتها على مدى عقود من الصراع مع الهند في كشمير. ولفتت الصحيفة الصينية إلى أن الصين حساسة تجاه عقود الدفاع الهندية المتوسعة في المنطقة، على الرغم من أن بكين تحافظ على علاقات جيدة مع كل من الدولتين المتحاربتين، لكنها تبقى محايدة في الصراع.

جيانغ لي: هناك مصلحة للصين في عدم خروج الصراع في المنطقة عن نطاق السيطرة

وكانت أذربيجان قد حققت نجاحات عسكرية بفضل المزايا التكتيكية التي حصلت عليها من الطائرات بدون طيار القتالية التي قدمتها لها إسرائيل وتركيا خلال آخر صراع كبير مع أرمينيا في عام 2020، ما سمح لها باستعادة السيطرة على ناغورنو كاراباخ. ومنذ ذلك الحين، برزت أرمينيا من جهتها، كأكبر عميل للأسلحة الهندية في الخارج، وحسب تقارير هندية تم تسليم أسلحة بقيمة 600 مليون دولار أميركي بحلول مارس/آذار من هذا العام، بما في ذلك مدافع هاوتزر عيار 155 ملم، وأنظمة صواريخ بيناكا، وأسلحة مضادة للطائرات بدون طيار. ومن المقرر أن تتسلم أرمينيا في وقت لاحق من هذا العام 17 نظاماً صاروخياً للدفاع الجوي من شركة بهارات دينماكس الهندية، كجزء من عقد بقيمة 720 مليون دولار أميركي تم توقيعه في عام 2022.

 

مخاوف الصين

وعن مخاوف الصين، أوضح أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصين تخشى على مصالحها الاستراتيجية في تلك المنطقة، خصوصاً أن لديها ممرات برية هامة تعبر في المنطقة ضمن مسارات مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، إذ إن أحد هذه الطرق يعبر من كازاخستان باتجاه أذربيجان مروراً بجورجيا وتركيا قبل الوصول إلى القارة الأوروبية، وكذلك الممر البري بين نخجوان وأذربيجان الذي يمثل طريقاً ثانياً يعبر جنوب القوقاز في الطريق إلى أوروبا. وبالتالي هناك مصلحة، حسب قوله، في عدم خروج الصراع في المنطقة عن نطاق السيطرة.

ولفت جيانغ لي إلى أن بكين لا ترغب في الانجرار إلى صراعات إقليمية تؤثر على مصالحها الاستراتيجية، على خلفية دخول أطراف خارجية على خط الصراع مثل الهند وباكستان. وقال إن الصين تملك في هذا السياق هامشاً واسعاً للمناورة، وينطبق هذا الوضع تحديداً على أذربيجان التي ترغب في ترسيخ مكانتها كحلقة وصل أساسية في مشروع "الحزام والطريق"، كذلك، تعتبر أرمينيا نفسها معقلاً محورياً في ممر الاتصالات العابر لأوراسيا، وجهة مُكملة لـ"مبادرة طريق الحرير الرقمية" الصينية. وأضاف الأكاديمي الصيني أنه على الرغم من المفاوضات التي جرت بعد الحرب، والتي كانت تهدف إلى إنهاء ثلاثة عقود من الأعمال العدائية بين أرمينيا وأذربيجان بشكل دائم، لا تزال هناك خشية لدى الصين من أن تدفق الطائرات الحربية الباكستانية وأنظمة الدفاع الجوي الهندية، إلى جانب المساهمات العسكرية من فرنسا، قد يبشر بموجة جديدة من الصراع في المنطقة.

ازدواجية المعايير

من جهته، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية بمركز تايبيه (تايوان) للدراسات السياسية وان زانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الصين تكيل بمكيالين في مقاربتها للصراع القائم بين أرمينيا وأذربيجان. وقال إنه على الرغم من أن الصين تهدف إلى الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع الدولتين المتحاربتين، بدون الميل كثيراً إلى طرف على حساب الآخر، فإنها أيضاً دخلت ضمن سباق صفقات بيع الأسلحة لأذربيجان، وفي الوقت نفسه تبدي انزعاجها أو قلقها من مبيعات الهند وباكستان ودول أخرى للأسلحة لهاتين الدولتين، وتعتبر ذلك تأجيجاً للصراع، وهو أمر يبدو غير منطقي، إذ لا يجوز أن تستنكر على غيرك ما تجيزه لنفسك، على حد تعبيره.

وان زانغ: الصين تكيل بمكيالين في مقاربتها للصراع بين أرمينيا وأذربيجان

وأوضح، في هذا السياق، أن أذربيجان وقّعت في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، صفقة شراء طائرات من طراز "جيه أف 17" مع شركة الدفاع الباكستانية "المجمع الجوي الباكستاني" وشركة صناعة الطائرات الصينية "تشنغدو"، وبموجب الصفقة سيتم تزويد أذربيجان بثماني طائرات متقدمة كجزء من صفقة بقيمة 1.6 مليار دولار أميركي، والتي تشمل أيضاً الذخيرة وتدريب وتأهيل الطيارين. ولفت إلى أن هذه الصفقة من شأنها أن ترجح الميزان العسكري بشكل كبير لصالح أذربيجان على حساب أرمينيا، مشيراً إلى أن هذه المقاتلات تتمتع بقدرات متطورة، مثل ميزات التخفي وامتلاك الرادارات المتقدمة وحمل صواريخ صينية الصنع من طراز "بي ال 15"، وهو أمر من شأنه أن يمنح أذربيجان ميزة تكنولوجية على المقاتلات الروسية التي تملكها أرمينيا والتي تعتبر أقل كفاءة.

المساهمون