تضاربت الأنباء حول إقامة النظام المصري احتفالا كبيرا بمناسبة الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر على أرض سيناء، بمشاركة كبار المسؤولين الحكوميين. فبعد أن أعلن مشايخ القبائل الذين تربطهم علاقات مع أجهزة المخابرات المصرية عن حضور حكومي رفيع المستوى، متمثل في رئيس الحكومة وقادة عسكريين وأمنيين يوم الخميس إلى مدينة رفح الجديدة، للاحتفال بنصر أكتوبر والإعلان عن عودة المهجرين إلى المدينة الجديدة، والقرى المحيطة بها، أعلن المشايخ أنفسهم عن تأجيل الزيارة والاحتفال إلى وقت غير معلوم، وعادوا للحديث عن خيمة المهجرين.
وفي التفاصيل، كان كل من عبد المجيد المنيعي، أحد أبرز مشايخ قبيلة السواركة والمقرب من أجهزة المخابرات وقيادة الجيش، والشيخ جابر الصياح من قبيلة الارميلات والمتحدث الرسمي باسم المهجرين من رفح، وكذلك موسى سالم المنيعي، وطلب أبو ركبة، أكدوا في منشورات عبر صفحاتهم الرسمية، وفي حديثهم مع الأهالي، على أن قيادة الحكومة المصرية، وقيادة الجيش، والأمن، سيحتفلون برفقة المهجرين بانتصار أكتوبر، وسيجري الإعلان عن عودتهم إلى قراهم بشكل فوري.
وبعد أيام من بدء انتقال المهجرين من المحافظات المصرية المختلفة إلى شمال سيناء، تحضيرا للاحتفال، عاد المشايخ أنفسهم إلى الحديث عن أنه بناءً على تعليمات جهات عليا، جرى تأجيل الاحتفال إلى موعد غير معلوم، ما أصاب المواطنين بالإحباط من عدم وجود قرار حكومي رسمي يفيد بعودتهم إلى قراهم في رفح، ما دفعهم للحديث عن بدء التحضير لنصب خيمة العودة مجددا، والتي كانت قد سلطت الضوء على قضيتهم، وأجبرت قيادة الجيش والمخابرات على التفاوض مع المهجرين بواسطة المشايخ، وتحديد موعد معلوم يتمثل في 20 أكتوبر/ تشرين الأول كآخر موعد لعودتهم إلى رفح وقراها.
وكتب الشيخ جابر الصياح، المعروف باسم "أبو يوسف الشامي" المكلف من المهجرين بالحديث باسمهم أمام الجهات الحكومية والأمنية: "يا أهالي رفح، لن نقيم خيمة الأفراح العودة إلا بعد أن نسمع من الضيوف القادمين رئيس الوزراء ومن معه، وهم بعض القياديين العسكريين وبعض الوزراء، قرارا واضحا لا لبس فيه بالعودة إلى الديار، وبعد ذلك نفعل ما نشاء، أما موضوع خيمة المهدية، فهي خيمة لاستقبال الوزراء والضيوف، وكذلك جمهور الناس كافة لمن شاء، وفيها سيعلنون القرار بالعودة، وننتظر قدوم الضيوف، يوم الأربعاء أو الخميس القادم".
وأضاف: "قرار العودة إلي ديارنا وأراضيها قد اتخذناه، يوم بناء الخيمة العزة والكرامة 25 /8، وسمع العالم كله صوتنا الموت ولا المذلة، ودون بيتي الموت، ودون أرضي الموت، وهو قرار لا رجعة عنه أبدا أبدا مهما كانت الأعذار او الحجج، فالرجعة لا محالة شاء من شاء وأبى من أبى، وما عهدتموني جبانا، ولا كذابا، ولكنني أرى ما لا ترون، وقد تركنا لقادتنا وزعمائنا إصدار القرار العودة، ويوم الخميس القادم سنسمع ذلك القرار منهم، أما موضوع بناء الخيام، فهو موضوع ثانوي، الخلاف فيه عيب، وإياكم والشائعات... التي تشوه المخلصين منكم، وتزين الغفر والمنتفعين، فأنتم أذكى من أن تنخدعوا بهم".
وفي تعقيب على ذلك، قال أبو أحمد السواركة لـ"العربي الجديد" إن "مسؤولين في المخابرات والجيش أبلغونا بشكل رسمي عن وجود زيارة حكومية رفيعة المستوى إلى مناطق جنوب رفح والشيخ زويد سيتخللها الإعلان عن السماح للمهجرين بالعودة إلى قراهم، في نطاق محدد من مدينة رفح، مع توفير كافة الخدمات لهم".
وأضاف: "وبناءً عليه قمنا بإبلاغ المهجرين بضرورة الانتقال إلى شمال سيناء فورا، لحضور الاحتفالية ودخول القرى بشكل مباشر، وبالتنسيق مع الجهات الأمنية، جرى الاتفاق على تسهيل مرور المهجرين، بدون استعلامات أمنية أو تضييقات عبر معديات وأنفاق قناة السويس".
وتابع: "بعد وصول مئات المهجرين إلى مدن رفح والشيخ زويد والعريش خلال الأيام القليلة الماضية، جرى إبلاغنا مجددا بأن الزيارة الحكومية تم إلغاؤها لأسباب غير معلومة، وأنه سيجري تحديد موعد آخر للاحتفالية، والإعلان عن موعد جديد لعودة الأهالي إلى قراهم".
وأردف: "هذا ما نقلناه للأهالي الذين أصابتهم خيبة أمل كبيرة، بعد أن ارتفعت معنوياتهم نتيجة قرار العودة بالتزامن مع احتفالات نصر أكتوبر"، مشيرا إلى أن "المهجرين أجمعوا على إقامة خيمة العودة مجددا على أطلال رفح، وعدم الاستماع لأي وعودات جديدة، وإجبار قوات الجيش على السماح لهم بالوصول إلى منازلهم وأراضيهم".
وخلال الشهر الماضي تمكّن الوسطاء المرسلون من الجيش المصري والمخابرات، إلى المهجرين من مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، والذين اعتصموا على أطراف مدينتهم يوم 25 أغسطس/ آب الماضي، من إقناعهم بضرورة إنهاء اعتصامهم مقابل عقد جلسة نقاش ومفاوضات في مقر الكتيبة 101 مع ممثلين عنهم وعن قوات الجيش والمخابرات الحربية، وإعطائهم موعداً بالعودة إلى ديارهم مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
وكان مئات المهجرين المصريين من مدينة رفح قد أقاموا اعتصاماً مفتوحاً على أطراف مدينتهم، بعد رفض الجيش السماح لهم بالدخول إليها، فيما مرّ أكثر من ست سنوات على تهجيرهم تحت مظلة مكافحة الإرهاب. يأتي ذلك بعد طرد قوات الجيش المصري، مسنودة بمجموعات قبلية، تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، قبل عام من سيناء، وبدء إجراءات تسليم أرض رفح لمستثمرين.
وفي تعليق على ذلك، قال مصدر في مجلس مدينة رفح لـ"العربي الجديد" إن "التردد في إقامة المهرجان الاحتفالي في محافظة شمال سيناء لعدة أسباب، أولها التخوف من رفض المهجرين للطرح الذي سيقدمه رئيس الحكومة بشكل مباشر للأهالي، والمتمثل بتنفيذ المخطط الذي يرفضه الأهالي، والمتمثل في إقامة تجمعات تنموية بديلة عن قراهم ومناطقهم السكانية التي كانوا يقطنونها قبل التهجير، ما قد يحدث فوضى في المكان، وتصدر مشاهد غير لائقة بحق الحكومة ورئيسها، والقيادات العسكرية، خصوصا أن المهجرين حشدوا أنفسهم للاحتفال بشكل جيد، وقدموا بعشرات السيارات هم وعوائلهم إلى المحافظة خلال الأيام القليلة الماضية".
وأضاف: "هناك خلاف بين الجهات السيادية حول نطاق عودة المهجرين في رفح، ما بين الاكتفاء بالسماح بدخول المناطق المحيطة برفح، وفتح رفح الجديدة للمهجرين كبديل عن عمق المدينة والمنطقة العازلة فيها، وبين السماح لهم بالعودة ضمن نطاقات محددة، يجري خلالها بناء منازل بنظام معين، يزيل التخوفات الأمنية من عودة المواطنين إلى داخل مدينة رفح الملاصقة لقطاع غزة".
وأوضح أن "الخلاف أسفر عن إلغاء زيارة الحكومة إلى سيناء خلال احتفالات نصر أكتوبر، برغم التأكيدات المتكررة بتنفيذها نهاية الأسبوع الجاري، إلا أن ذلك لم يحدث، ما يفتح الباب مجددا أمام تظاهرات المهجرين على حدود رفح، في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به مصر".