- يسعى ترامب لإرجاء أربع دعاوى جنائية منفصلة، مع تركيز خاص على القضية المتعلقة بمحاولته قلب نتائج انتخابات 2020، والتي تنتظر قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الجزائية.
- في نيويورك، تُستأنف المحاكمة الجنائية ضد ترامب بتهم تتعلق بدفع مبالغ لشراء صمت نجمة أفلام إباحية وعارضة أزياء لتأثير انتخابات 2016، مما يجعله أول رئيس سابق يمثل أمام محكمة لتهم جنائية.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يخوض الرئيس السابق دونالد ترامب صراعات قانونية في محاولة منه لتأجيل المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات، حيث يمكن لترامب في حال فوزه، وفور تنصيبه في كانون الثاني/يناير 2025، أن يأمر بإنهاء التتبعات الفيدرالية بحقه، وتبقى القضية التي يمثل فيها أمام محاكم نيويورك بتهمة دفع مبالغ لغايات مشبوهة في انتخابات 2016 هي الوحيدة التي قد تنتهي قبل انطلاق الانتخابات.
ترامب في سباق مع الزمن
من المتوقع أن ترفض المحكمة العليا الأميركية الحصانة الجزائية التي يستند إليها دونالد ترامب بصفته رئيساً سابقاً ما لم تحدث مفاجأة كبرى، لكن تأثير قرارها سيعتمد بشكل أساسي على سرعة إصداره بعد المرافعات التي تجرى اليوم الخميس.
وبعدما قررت في 28 شباط/فبراير الماضي النظر في هذه القضية، أجلت أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة تنظيم المحاكمة الفيدرالية للرئيس الجمهوري السابق (77 عاماً) لمحاولته قلب نتائج انتخابات 2020 التي فاز فيها الديمقراطي جو بايدن.
ويبذل دونالد ترامب، المستهدف بأربع دعاوى جنائية منفصلة، كل ما في وسعه لإرجاء المحاكمة لأطول وقت ممكن، على الأقل إلى ما بعد انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر. وقد تكون محاكمته التي بدأت أخيراً في 15 نيسان/إبريل في نيويورك بتهم دفع مبالغ لغايات مشبوهة خلال حملة 2016، القضية الوحيدة التي تنتهي قبل الاقتراع.
أما القضية الأخطر سياسياً والمرتبطة بالانتخابات الفيدرالية لعام 2020 والتي حقق فيه المدعي الخاص جاك سميث، فهي معلقة حتى تبت المحكمة العليا في مسألة الحصانة الجزائية للرئيس السابق. ويرى الدفاع أن هذه الحصانة ضرورية للرئيس "للقيام بمهامه بشكل صحيح"، ويؤكد أنه لم يُحاكَم أي سلف لدونالد ترامب جنائياً.
ورد المدعي الخاص في حججه الخطية بأن "لائحة الاتهام هي سابقة تاريخية بسبب خطورة السلوك المفترض"، مشدداً على أن "خطورة وحجم الضرر الذي ألحقته الجرائم المفترضة بالديمقراطية فريدة من نوعها في التاريخ الأميركي".
قرار بالإجماع
وتتوقع الغالبية العظمى من الخبراء القانونيين فشلاً ذريعاً لترامب في المرحلة الابتدائية ثم في الاستئناف على حد سواء، على الرغم من الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا التي عين ترامب ثلاثة من قضاتها التسعة.
ويقول ستيفن شوين، أستاذ القانون الدستوري في جامعة إلينوي في شيكاغو، إنه يتوقع "قراراً بالأغلبية وربما بالإجماع ضد ترامب"، ويضيف: "لكن حتى لو ألحقت المحكمة بترامب هزيمة حاسمة ونهائية، أعتقد أن الادعاء سيواجه صعوبة في الوصول إلى محاكمة قبل الانتخابات". وذلك لأنه لتنظيم المحاكمة، التي كانت مقررة في آذار/مارس وأُجّلا إلى أجل غير مسمى بسبب إحالة القضية على المحكمة العليا، سيكون على القضاة التسعة إصدار حكمهم قريباً.
وقال المدعي الفيدرالي السابق راندال إلياسون، أستاذ القانون الجنائي في جامعة جورج واشنطن: "لا تزال هناك نافذة لكنها ضيقة وعلى وشك أن تغلق. عليهم أن يتحركوا بسرعة، وفي هذه الحالة، هناك احتمال أن تبدأ المحاكمة في الخريف، في نهاية آب/أغسطس أو بداية أيلول/سبتمبر"، ويعتقد إلياسون أن "المحكمة يجب أن تأخذ في الاعتبار أن هذه قضية فريدة من نوعها"، مضيفاً: "لم نشهد من قبل وضعاً يتمتع فيه المتهم بالقدرة على إلغاء الاتهام الموجه إليه إذا فاز في الانتخابات. عندها لن تكون هناك محاكمة أبداً" وهذا "ما يجعلها قضية خاصة جداً تبرر اتخاذ قرار سريع فعلاً".
ترامب ومالك صحيفة شعبية
وفي نيويورك، تُستأنف المحاكمة الجنائية التاريخية لترامب، اليوم الخميس، حيث سيواصل ناشر سابق لصحيفة صفراء، كان عمل على "قتل" أكثر الفضائح إحراجاً للرئيس السابق خلال حملته للانتخابات الرئاسية، الإدلاء بشهادته. وبدا ترامب متعباً وغاضباً، وهو يحضر يوميا إلى المحكمة منذ 15 نيسان/إبريل، عند بدء اختيار هيئة المحلفين.
وسبق أن أصدر القضاء المدني في نيويورك حكمين بحق دونالد ترامب منذ 2023 ينصان على غرامات بمئات الملايين من الدولارات. وتتطوي المحاكمة التي بدأت مرافعاتها الاثنين في محكمة مانهاتن على رهان كبير له.
فهذه القضية الجزائية هي الوحيدة بين الدعاوى الأربع المرفوعة ضده التي ينظر فيها القضاء قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، وبذلك يكون ترامب هو أول رئيس سابق للولايات المتحدة يمثل أمام محكمة لتهم جنائية.
وكان ديفيد بيكر (72 عاماً) الذي كان يملك "ذي ناشيونال إنكوايرر" (The National Enquirer)، وهي مجلة ذات عناوين مثيرة توزع في مراكز التسوق، بدأ يكشف للمحلفين الـ12 يوم الثلاثاء الماضي الجانب الخفي من حملة "صديقه" ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 للوصول إلى البيت الأبيض.
وشهادة بيكر حاسمة للادعاء الذي يسعى إلى إدانة مرشح الحزب الجمهوري بتهمة إدراج مبلغ 130 ألف دولار الذي دُفع لنجمة الأفلام الإباحية السابقة ستورمي دانييلز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، تحت بند "رسوم قانونية".
ودُفعت هذه الأموال قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2016 التي فاز بها ترامب بفارق ضئيل على وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، لشراء صمت الممثلة الإباحية التي تؤكد أنها أقامت علاقة جنسية مع ترامب في 2006 في وقت كان متزوجاً من ميلانيا ترامب، فيما هو ينفي ذلك.
"عيون وآذان"
وروى ديفيد بيكر على المنصة، الثلاثاء الماضي، كيف خدم حملة ترامب في 2016 من خلال البحث عن قصص فضائحية يمكن أن تضر بحملته، وأكد أنه ناقش هذه الخطة أمامه.
ويتبادل ترامب وبيكر مشاعر التقدير منذ 25 عاماً، بحسب مالك "ناشيونال إنكوايرر" الذي اشترى هذه النشرة في 1999 واستفاد حينذاك من نجاح برنامج تلفزيون الواقع لقطب العقارات "ذي إبرنتيس" (The Apprentice).
وقال بيكر أمام المحلفين، الثلاثاء الماضي، إنه في صيف 2015 وبعد إعلان ترامب ترشحه للبيت الأبيض، "كنت أراه بتواتر أكبر، ربما مرة في الشهر". وخلال اجتماع في آب/أغسطس 2015 في برج ترامب في مانهاتن مع الملياردير ومحاميه الشخصي في ذلك الوقت مايكل كوهين، الذي بات عدوّه اللدود، سأل الرجلان ديفيد بيكر عمّا يمكنه "فعله (...) لمساعدة حملته".
وأوضح الصحافي: "قلت لهما إنني سأنشر مقالات إيجابية عن ترامب ومقالات سلبية عن خصومه"، وإنه سيكون "عيوناً وآذاناً" لرصد أي فضيحة على وشك الظهور وخصوصاً "نساء (...) يحاولن بيع قصتهن"، و"دفنها"، وبحسب ديفيد بيكر، كان ترامب "راضياً" عن مثل هذه الخدمات.
وقال بيكر بهدوء إن "القصص الشعبية عن ترامب" و"القصص السلبية عن خصومه" لن تؤدي سوى إلى "زيادة مبيعات أكشاك بيع الصحف"، وأضاف أمام المحلفين أن "نشر هذا النوع من القصص يفيد حملته أيضاً" وأن "الطرفين يستفيدان من ذلك".
"طفل غير شرعي"
وبالإضافة إلى الـ130 ألف دولار التي دُفعت لستورمي دانييلز، دُفعت 30 ألف دولار لبواب برج ترامب الذي أراد كشف "قصة عن طفل غير شرعي" للمرشح آنذاك، و150 ألف دولار لعارضة الأزياء السابقة في مجلة "بلاي بوي" كارين ماكدوغال، لتلتزم الصمت بشأن علاقة أقامتها مع ترامب، وكل هذه عناصر أساسية للادعاء الذي يريد إثبات وجود خطة لطمس أي فضيحة.
ويحاكم ترامب في 34 تهمة تتعلق بتزوير وثائق محاسبية من مجموعته العقارية "منظمة ترامب" لإخفاء المبلغ الذي دفع لستورمي دانيبلز. لكن هيئة الدفاع عن دونالد ترامب تؤكد شرعية هذه المدفوعات وتنفي أي "مؤامرة" بهدف "تزوير" انتخابات عام 2016.
وأخيراً، يتعين على قاضي محكمة مانهاتن أن يتخذ قراراً منفصلاً بشأن العقوبات المحتملة ضد دونالد ترامب بتهمة الازدراء، بسبب هجماته على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ضد الشهود والمحلفين. ويمكن أن يفرض على الرئيس دفع غرامات لكن السجن يبقى "خياراً إذا لزم الأمر"، حسب القضاء.
ومحاكمة في أريزونا
وإلى ولاية أريزونا الأميركية حيث أعلن المدّعي العام في الولاية عن توجيه الاتّهام إلى 18 شخصاً في إطار قضية لمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية في 2020 لصالح دونالد ترامب. ومن بين هؤلاء، رودي جولياني المحامي الشخصي السابق لترامب، كما ذكرت وسائل الإعلام الأميركية.
وتستند الاتهامات إلى محاولة نسب عدد من كبار الناخبين الممثلين لسكان أريزونا إلى ترامب في هذه الولاية، التي فاز فيها جو بايدن بفارق طفيف على غريمه في انتخابات في 2020.
وأعلن المدّعي العام في أريزونا، وهي ولاية محورية في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أن الاتهامات طاولت 11 مسؤولاً جمهورياً محلياً وسبعة أشخاص آخرين من خارج الولاية.
وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن من بين هؤلاء السبعة، مارك ميدوز رئيس المكتب الرئاسي في عهد ترامب والمحاميين جينا إليس وجون إيستمن ومستشار الحملة الانتخابية بوريس إبستاين، فضلاً عن المحامي الشخصي السابق لترامب رودي جولياني. ولم يوجّه الاتّهام إلى الرئيس الأميركي السابق، لكن القضاء اعتبره شريكاً في المؤامرة غير متّهم، حسب صحيفة "واشنطن بوست".
وكان جو بايدن فاز في هذه الولاية الواقعة جنوب غربي البلاد متقدّما على ترامب بما يزيد قليلا على عشرة آلاف صوت، غير أن مسؤولين كثيرين في الحزب الجمهوري تحدثوا عن عملية تزوير، مؤكدين أن ترامب هو من فاز في أريزونا من دون إثبات ذلك، ووقّع ممثّلو ترامب مستندات تثبّت فوزه في هذه الولاية.
وبعد ميشيغن وجورجيا ونيفادا، باتت أريزونا رابع ولاية تطلق ملاحقات قضائية ضدّ أشخاص حاولوا وضع قوائم بديلة لناخبين كبار. ويؤكد ترامب الذي يخوض السباق الرئاسي في 2024 في وجه جو بايدن، باستمرار وبلا إثبات، أنه فاز بانتخابات 2020.
(فرانس برس، العربي الجديد)