رحبت 12 منظمة مجتمع مدني دولية وإقليمية ومصرية بقرار البرلمان الأوروبي الصادر اليوم الخميس، بعد مناقشاته العامة أمس الأربعاء، الداعي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الحقوقي والناشط السلمي علاء عبد الفتاح وعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحافيين والنشطاء السلميين والسياسيين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتراجع عن الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي التعسفي.
كما ناشد البرلمان الأوروبي في القرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دعم المطلب باستحداث آلية أممية للمراقبة والإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
القرار تضمن أيضًا دعوة لإجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر في ضوء التقدم المحدود للغاية في سجل مصر الحقوقي، وحملتها المستمرة على المعارضة، على الرغم من دعم الشركاء الأوروبيين المستمر لها. كما طالب القرار جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالالتزام التام باستنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي الصادرة في 21 أغسطس/ آب 2013، والتي أوصت بتعليق تراخيص التصدير لأي معدات مستخدمة للقمع الداخلي، بما في ذلك تقنيات المراقبة المستخدمة لتعقب الأصوات المعارضة.
وأمس الأربعاء، عقد البرلمان الأوروبي جلسة مناقشة حول وضع حقوق الإنسان في مصر وسياسة الاتحاد الأوروبي تجاه البلاد، بحضور المفوض جانيز لينارتشيتش، وبمثل ما تم التأكيد عليه في المناقشات أمس؛ صدرت القرارات اليوم من البرلمان الأوروبي، بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر، بأغلبية تصويت 326 نائبا برلمانيا.
وسبق أن ألقى البرلمان الأوروبي الضوء مرارًا على قضايا حقوقية وحالات عاجلة في مصر، ووجه توصيات لمؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء وللسلطات المصرية في هذا الصدد، إلا أن مناقشة أمس مع المفوض لينارتشيتش والقرار الصادر اليوم لهما خصوصية أخرى، حسب المنظمات المرحبة بالقرار، "إذ جاءا بعد أيام من ختام مؤتمر المناخ COP27 الذي استضافته مصر، وشهدت خلاله انتقادات علنية لسجلها الحقوقي، فضلاً عن إغلاق السلطات المصرية للفضاء المدني، ردًا على الحملات التي باشرها النشطاء المصريون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني الدولي".
وتابعت المنظمات: "قرار البرلمان الأوروبي الذي تم تبنيه في جلسة التصويت اليوم سلط الضوء (على) عدم وجود أي تحسن جوهري في حالة حقوق الإنسان في مصر، مؤكدًا أن مصر لم تعّدل أي تشريع ذي صلة قبل استضافتها قمة المناخ، بما في ذلك التشريعات المتعلقة بالحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية الإعلام، وذلك رغم أن تمكين المجتمع المدني هو التزام مشترك منصوص عليه في أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وفي الدستور المصري".
وخلال جلسة المناقشة أمس، وبعد بيان متفائل من المفوض لينارتشيتش، أعرب أعضاء البرلمان الأوروبي، بما في ذلك بعض الأعضاء المشاركين في الوفد الرسمي للبرلمان في "كوب 27"، عن قلقهم الشديد بشأن مصير المجتمع المدني المصري والسجناء السياسيين، بمن فيهم علاء عبد الفتاح، بعد انتهاء فعاليات المؤتمر، مطالبين بالإفراج عن هؤلاء المحتجزين.
كما استنكر البرلمانيان باس إيكهوت وميك والاس اعتقال المئات في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن ترهيب المجتمع المدني.
وأضاف إيكهوت أن الوفد الرسمي للبرلمان الأوروبي نفسه قد تعرض لمضايقات في مؤتمر المناخ لارتداء بعض أعضائه شارات التضامن مع سجناء الرأي.
وفي السياق نفسه، استنكر البرلماني كريستوف أويتغن الاحتفاء بالإفراج عن بعض السجناء الذين لم يكن من المفترض أن يتعرضوا للاعتقال من البداية. وانتقد أعضاء آخرون المعايير المزدوجة للاتحاد الأوروبي في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا والصين، بينما يتم التساهل مع الانتهاكات في مصر.
من جانبه، رد المفوض الأوروبي على انتقادات النواب بأن "حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي"، وأن الاتحاد الأوروبي سوف يعزز مشاركته في هذا الصدد، مضيفًا أن "الاتحاد الأوروبي يدرك أن استقرار مصر وأمنها على المدى الطويل لا يمكن تحقيقه إلا إذا تم تعزيز جميع جوانب حقوق الإنسان بشكل كامل".
وأكد البرلمان الأوروبي أنه "رغم مزاعم السلطات المصرية تنفيذ إصلاحات جوهرية في مجال حقوق الإنسان، إلا أن الواقع القاسي لا يزال قائماً، والحكومة المصرية تواصل قمع المعارضة السلمية".
وفي وقت سابق من العام الجاري، اقترحت مجموعة من المنظمات الحقوقية سلسلة إجراءات جادة لتحسين الوضع الحقوقي، من بينها تشكيل آلية ملموسة للإفراج عن جميع السجناء السياسيين، لكن الحكومة المصرية لم تستجب لهذه التوصيات. ومن ثم، ما زال المعارضون السلميون، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيون والصحافيون، رهن الاحتجاز ظلمًا، بينما تستمر حملة القمع للمجتمع المدني المستقل.
وقالت المنظمات في بيانها المشترك، عقب صدور القرار، إن "ثمة احتياجا ملحا لأن ينتبه الاتحاد الأوروبي إلى أهمية وقف هذه الممارسات الانتقامية بحق النشطاء السلميين ومنتقدي السياسات الرسمية، سواء من المشاركين في مؤتمر المناخ أو بالتزامن معه. فضلاً عن أهمية العمل الجماعي والمشترك من المجتمع الدولي، لا سيما قادة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، لضمان الاستجابة لتحذير البرلمان الأوروبي بشأن أزمة حقوق الإنسان في مصر، والضغط على السلطات المصرية لوقف حملتها القمعية على المجتمع المدني، وكفالة حقوق الإنسان لجميع المواطنين المصريين دون تمييز، والمواطنين الأجانب في البلاد أيضًا".
المنظمات الموقعة هي "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وجمعية المسيحيين ضد التعذيب، وسيفيكوس، وكوميتي فور جستس، ولجنة حماية الصحافيين، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وKvinna till Kvinna Foundation".