أمرت محكمة تركية، اليوم الاثنين، باستمرار حبس رجل الأعمال التركي عثمان كافالا، المتهم بارتباطه بأنشطة ضد الحكومة وتظاهرات في العام 2013، وبالمحاولة الانقلابية في العام 2016، حيث أثارت قضيته جدلا بعد مطالبة دول غربية بالإفراج عنه مقابل رفض تركي.
وانعقدت اليوم جلسة جديدة في القضية التي وحدتها المحكمة الجنائية الـ13 في إسطنبول، ويحاكم فيها 52 متهما، من بينهم كافالا، المعتقل الوحيد، ومستشار الاستخبارات الأميركية السابق هنري باركي وآخرون، في القضية التي تشمل أحداث وتظاهرات غزي بارك التي حدثت في منطقة تقسيم بقلب إسطنبول في العام 2013.
وطلب إيلكان كوينجو، محامي كافالا، من هيئة المحكمة الإفراج عن موكله، معتبرا أن "التهم الموجهة بحق كافالا هي غير حقيقية وهم يحاولون جعله عدوا"، مطالبا بالإفراج عنه.
وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن "هيئة المحكمة قررت بالأغلبية باستمرار حبس كافالا بالنظر لماهية الاتهامات المقدمة بحقه والحد الأعلى للعقوبات التي يمكن فرضها، والوضع بالاعتبار مدة الاعتقال والمرحلة التي وصلت لها المحاكمة".
واعترض عضو واحد من هيئة المحكمة على القرار، حيث وضع شرحا وقدم وجهة نظر بأنه يمكن تطبيق الإفراج المشروط بالرقابة العدلية على كافالا وفق أكثر من مادة قانونية.
ومن ضمن القرارات المتخذة أيضا في جلسة اليوم، إصدار قرارات جلب بالقوة بحق مجموعة من المتهمين، كما طلب استكمال بعض المعلومات عن متهمين آخرين عبر مخاطبات رسمية، كما أصدرت المحكمة قرارا بإلقاء القبض على 8 من المتهمين الفارين، ومن بينهم رجل المخابرات الأميركية السابق هنري باركي، والصحافي جان دوندار وآخرون، وتم تحديد جلسة جديدة في 21 فبراير/شباط المقبل.
وكانت قضية كافالا قد اكتسبت زخما في الأشهر الماضية، عندما صدر عن سفراء كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلاندا، في 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بيان انتقدوا فيه اعتقال رجل الأعمال كافالا، ودعوا إلى الإفراج عنه، واعتبروا أن القضية المستمرة بحقه تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا، داعين إلى الإفراج عنه.
وتبع ذلك استدعاء سفراء الدول العشر إلى الخارجية التركية إثر نشرهم البيان، في وقت حذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية الشهر الماضي.
وإزاء ذلك، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقف بلاده ضد السفراء، مؤكدا أنه أصدر تعليماته بطردهم، وأعلن أنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية من أجل إعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت.
وعقب هذه التطورات، أعلنت السفارة الأميركية في تركيا عبر "تويتر" أن "الولايات المتحدة تؤكد على تطبيق المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، فيما تناقلت حسابات سفارات الدول المعنية، من بينها ألمانيا وبقية الدول والسفيرة الهولندية مارجاني دي كاوتسينت، "بناء على الأسئلة التي يتم توجيهها بخصوص بيان الـ18 من الشهر الجاري، نؤكد على تطبيق المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية".
وتنص المادة على عدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام تركية خطوة تراجع من قبل الدول المعنية، وعقبها، اعتبرت الحكومة التركية أن الدول العشر تراجعت عن موقفها، الأمر الذي جنب حصول أزمة دبلوماسية بينها.
ومثل كافالا عدة مرات أمام القضاء، بعدما واجه تهماً بالارتباط بجماعة "الخدمة"، وعلاقته مع مستشار المخابرات الأميركية السابق الأكاديمي هنري باركي، ووجهت النيابة العامة لرجل الأعمال تهم "الشروع في استخدام القوة لإلغاء النظام العام المفروض وفق الدستور التركي"، و"تسريب وثائق أمنية وسياسية تحمل صفة السرية لأمن البلاد والتجسس العسكري"، مطالبة بالحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين.
وظل كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، على الرغم من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والعديد من الجماعات الحقوقية بالإفراج الفوري عنه وإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، مشددة على عدم وجود دليل يدعم هذه الاتهامات.
والشهر الماضي، اتخذ المجلس الأوروبي قرارا بينيا، جاء فيه أن أنقرة "خرقت" قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلق بإطلاق سراح رجل الأعمال عثمان كافالا، الأمر الذي انتقدته تركيا واعتبرته تدخلا "بعمل القضاء المستقل".
وجاء قرار المجلس الأوروبي بعد انتهاء المهلة الممنوحة لأنقرة من أجل تطبيق القرار، حيث صوتت اللجنة الوزارية، وهي الجهاز التنفيذي للمجلس، في ستراسبورغ، بأغلبية الأعضاء البالغ عددهم 47 عضوا هم الممثلون الدائمون لبلدانهم، بإخلال أنقرة قرار المحكمة الأوروبية.
وتشمل مرحلة فرض العقوبات على أنقرة، بداية، توضيحا من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لتركيا عن كيفية تطبيق القرار المتخذ بإطلاق سراح كافالا فورا، على أن يتم انتظار 19 كانون الثاني/يناير الجاري للنظر بمسار قضية كافالا.