تتحدث مصادر دبلوماسية مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، عن أن ملفات الخلافات بين مصر وتركيا في طريقها للإغلاق، بعد أعوام من القطيعة الدبلوماسية بين البلدين.
ورجحت المصادر عقد لقاء على مستوى وزيري خارجية البلدين سامح شكري ومولود جاووش أوغلو، في أنقرة، قبل منتصف شهر مايو/أيار الحالي، مؤكدة أن الخطوات التي اتخذتها تركيا أخيراً في ملف المعارضة المصرية التي تعيش على أراضيها لاقت استحسان النظام السياسي المصري، الذي طالما وضع هذه القضية على رأس قائمة شروطه لاستعادة العلاقات الطبيعية مع أنقرة.
القاهرة تنتظر بوادر حسن نيّة من تركيا
وأشارت المصادر إلى أن زيارة شكري التي كانت مقررة خلال شهر رمضان، أرجئت نظراً لانتظار الجانب المصري ما يعتبرها بوادر حسن نيّة إضافية، لافتة إلى أن إغلاق مقر فضائية "مكملين" قد يكون هو البادرة التي كانت تنتظرها القاهرة.
وأعلنت قناة "مكملين" المعارضة المصرية التي كانت تبث من تركيا، يوم الجمعة الماضي، نقل مقرها إلى خارج الأراضي التركية. وقالت في بيان إن ذلك جاء بسبب "أوضاع لا تخفى على أحد، وحرصاً على استمرارية رسالة القناة الإعلامية لنقل الحقيقة كاملة". وقدمت القناة "الشكر الجزيل لتركيا قيادة وشعباً على حسن الاستضافة طيلة السنوات الماضية".
ترجيح عقد لقاء بين شكري وجاووش أوغلو في أنقرة خلال أيام
بالتوازي، قالت مصادر صحافية مصرية في تركيا إن "بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة بدأت بمغادرة الأراضي التركية، خصوصاً ممن لم يسووا أوضاع إقامتهم القانونية هناك، سواء باكتساب الجنسية التركية أو حيازة إقامة دائمة هناك".
خطوات النظام المصري للتقارب مع أنقرة
وعلم "العربي الجديد" من مصادر خاصة أنه في مقابل ذلك، قام النظام المصري ببعض الخطوات، منها إغلاق موقعي "تركيا الآن" و"المدار" اللذين أسسهما المذيع المصري المقرب من النظام نشأت الديهي بتمويل إماراتي. وبث الموقعان في الفترة الماضية تقارير مضادة لأنقرة.
وقالت المصادر إن "التقارب التركي الخليجي ساهم أيضاً في تمهيد الطريق لاستعادة العلاقات بين أنقرة والقاهرة، التي تريد ألا تضع نفسها تحت أي ضغط لتقارب أكبر بين حليفيها السعودي والإماراتي، وتركيا".
وأنهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، زيارة إلى السعودية، التقى خلالها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان. واعتبر أردوغان، الذي رافقه في زيارته إلى السعودية عدد كبير من الوزراء، بالإضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، في سلسلة تغريدات مساء الخميس، أن زيارته إلى السعودية "ستفتح الأبواب أمام عهد جديد مع المملكة".
وأكد أردوغان حرص تركيا على أمن واستقرار منطقة الخليج، فكتب: "نحن نؤكد في كل مناسبة أننا نولي أهمية لاستقرار وأمن أشقائنا في منطقة الخليج مثل ما نولي أهمية لاستقرارنا وأمننا. نؤكد أننا ضد جميع أنواع الإرهاب، ونولي أهمية كبيرة للتعاون مع دول منطقتنا ضد الإرهاب".
حُسمت معظم الملفات السياسية والاقتصادية في الفترة الأخيرة، وعلى رأسها ملف الطاقة وغاز البحر المتوسط وليبيا
وبالعودة إلى المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنه "إذا نفذت أنقرة المطالب المصرية الخاصة بتسليم بعض العناصر المعارضة، وطرد البعض الآخر من أراضيها، فإن ذلك سيكون بمثابة خطوة حاسمة في طريق تطبيع العلاقات بين البلدين".
ولفتت إلى أن "باقي الملفات السياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، حُسم معظمها في الفترة الأخيرة التي شهدت لقاءات بين مسؤولين من البلدين، وعلى رأسها ملف الطاقة وغاز البحر المتوسط وملف الأزمة الليبية، وهما الملفان الأهم في القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وقالت المصادر إن "تعديل بوصلة" سياسة أردوغان تجاه الدول الخليجية، و"مدى التقارب الذي وصلت إليه العلاقات بين أنقرة من جهة والرياض وأبوظبي من جهة أخرى، ساهما بشكل كبير في تسريع وتيرة التقارب التركي مع مصر، الذي لم يشهد حتى الآن خطوات علنية كبيرة على غرار المسارين الإماراتي والسعودي، نظراً لحجم التداخل والتشابك التركي مع القضايا التي تخص النظام المصري".
في السياق، قالت مصادر دبلوماسية مصرية إنه "رغم إقرار تركيا بأن مصر التزمت بالقانون الدولي وباتفاقية الأمم المتحدة لأعالي البحار عام 1982، وأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية اليونانية، في يونيو/حزيران 2021، احترمت الحدود البحرية لتركيا والجرف القاري التركي، إلا أن الخطاب الإعلامي والسياسي التركي حول شرق المتوسط لم يشهد أي جديد، باستثناء توقف سفن البحث التركية عن التحرش بالسفن اليونانية والقبرصية، وهو أمر يرجعه البعض لانشغال سفن البحث والتنقيب التركية في العمل في البحر الأسود، الذي ترى احتمالية وجود غاز أكبر بالنسبة لتركيا من البحر المتوسط".