08 يناير 2021
+ الخط -

لا تزال الخطوة الدولية نحو تشكيل لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في ليبيا، الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، محل جدل في الأوساط الليبية، وتساؤلات بين الخبراء خصوصا حول شكلها وطبيعة مهامها. 
ورغم إعلان سابق للأمم المتحدة عن مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لأعضاء مجلس الأمن بشأن ضرورة تشكيل اللجنة الدولية للعمل جنبا إلى جنب مع قوة مشتركة مؤلفة من طرفي الصراع (قوات حكومة الوفاق ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر)، محددا مدينة سرت مكانا لعمل اللجنة، إلا أن مصادر ليبية أكدت أن الأطراف الليبية لا تزال غير عارفة بتفاصيل الآلية التي ستعمل وفقها اللجنة. 
وكشفت المصادر الليبية، وهي برلمانية من طبرق وأخرى مقربة من اللجنة العسكرية المشتركة، النقاب عن انزعاج ليبي في معسكري الصراع، غربا وشرقا، من عدم تقديم الأمم المتحدة لأي توضيح بشأن الآليات التي ستعمل وفقها اللجنة الدولية خصوصا وأن مجلس الأمن لم يتوافق حتى الآن على أعضاء هذه اللجنة.


ومازال طرفا الصراع يتبادلان الاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، فبعد تصريحات اتهم فيها المتحدث الرسمي باسم "غرفة تحرير سرت – الجفرة" التابعة لحكومة الوفاق، الهادي دراه، مليشيات حفتر بإطلاق النار على قوات الوفاق في مواقعها غرب سرت، الأربعاء الماضي، وتصريحات أخرى عبر فيها عن اهتزاز ثقة قادة قوات الوفاق في التزام حفتر بتنفيذ بنود وقف إطلاق النار، اتهم رئيس "إدارة التوجيه المعنوي" بقيادة مليشيات حفتر، خالد المحجوب، قائد المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق، أسامة الجويلي، بتحريك فصائل تابعة له باتجاه مدينة غدامس للسيطرة عليها، أمس الخميس، تمهيدا لدعم أي تحرك لقوات الحكومة في مناطق الجنوب، وخصوصا القريبة من منابع النفط. 

ولا يتوقف الاتفاق العسكري الموقع من جانب أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 على وقف إطلاق النار فقط، بل يتضمن بنودا أخرى تتعلق بفتح مسارات الطرق بين شرق وغرب وجنوب البلاد، التي ترتبط كلها بمنطقة وسط ليبيا حيث تقع نقاط التماس بين الطرفين.
وينص كذلك على تبادل الأسرى، علاوة على ملف إخراج المقاتلين الأجانب الذي يعتبره الأكاديمي الليبي، ياسين العريبي، أكثر الملفات حساسية، مرجحاً أن يكون السبب وراء عرقلة تشكيل ووضوح آلية عمل اللجنة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار. 
وقال العريبي في تصريح "العربي الجديد" إن "لطرفي القتال ارتباطا بدعم خارجي، ولحساسية الملف اضطرت الأمم المتحدة لتوصيف مقاتلي الأطراف الخارجية الداعمة للطرفين بالمقاتلين الأجانب بدلا من المرتزقة". 
وأضاف موضحاً "موسكو مثلا لا تتواجد بشكل رسمي في ليبيا ولكنها تقف وراء فاغنر وهي عضو مؤثر في مجلس الأمن ولا يمكن تشكيل اللجنة الدولية خلافا لمصالحها"، مرجحا أن يكون وجود موسكو هو الذي قصر مهام اللجنة في مراقبة وقف إطلاق النار لحساسية دخولها في التفاصيل الأخرى للاتفاق العسكري. 

ويتوافق اعتقاد العريبي بشأن عدم تشكل اللجنة الدولية من قوات مسلحة تحت أي مسمى ولو كان "قوات حفظ سلام"، حتى لا تكون في مواجهة مع قوات روسية أو تركية، مع تصريحات صحافية لرئيس "إدارة التوجيه المعنوي" بقيادة مليشيات حفتر، خالد المحجوب، رجح فيها أن تنشر الأمم المتحدة عناصر من عدة دول مدنيين وعسكريين متقاعدين لمراقبة وقف إطلاق النار في سرت، نافيا أن تكون المراقبة الدولية تحتوي على عناصر مسلحة. 
وفي الجانب الآخر لا يرى الخبير الليبي في الشأن الأمني، الصيد عبد الحفيظ، أي أهمية للجنة الدولية إذا تشكلت من عناصر مدنية لفرض وقف إطلاق النار، معتبرا أن مهامها عندها ستقتصر على رفع التقارير إلى مجلس الأمن فقط بشأن أي خروقات محتملة. 
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد": "عدم تسمية الأمم المتحدة للأطراف المعرقلة لتنفيذ الاتفاق يضفي شيئا من الغموض على أعمالها وأعضائها أيضا". 
وأعلن آمر "غرفة تحرير سرت – الجفرة" التابع لحكومة الوفاق، إبراهيم بيت المال، الاثنين الماضي رفضه فتح الطريق بين شرق البلاد وغربها قبل سحب المرتزقة وإزالة الألغام. لكن وزارة الداخلية بحكومة الوفاق أعلنت في اليوم التالي عن لقاء جمع وزير الداخلية، فتحي باشاغا، بممثلي حكومة الوفاق في اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لبحث ترتيبات فتح الطريق الساحلي، والنظر في كيفية حل المشكلات المصاحبة لإغلاق الطريق، حسب بيان للوزارة.

ونقل البيان كذلك اتفاق الوزارة مع ممثلي الحكومة في اللجنة العسكرية على "تشكيل قوة أمنية مشتركة لتأمين الطريق الساحلي وتجهيزها بكافة الإمكانات التي تحتاجها من دعم حتى تقوم بدورها على أكمل وجه". 


هذا "التضارب" من جانب معسكر غرب البلاد، الذي يشي باختلاف في مواقف قادة حكومة الوفاق، قد يؤدي إلى مزيد من العرقلة لتنفيذ الاتفاق، بحسب عبد الحفيظ، الذي اعتبر أن مواقف قادة القوات المرابطة في سرت تتبع مواقف وزير الدفاع بحكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، الذي لم يتوقف عن التصريحات بشأن تمتين العلاقات مع أنقرة وأنها طرف أساسي من بين حلفاء الحكومة، في مقابل مواقف باشاغا، الذي بدا ميالا لصالح احتضان طرابلس لكل الأطراف المتصارعة في الملف الليبي. 

موقف
التحديثات الحية

وضمن بنود الاتفاق العسكري الأخرى ينتظر أن يتبادل طرفا الصراع مزيداً من الأسرى، خلال الأسبوع المقبل، وفق عادل أبو عرابة عضو لجنة اجتماعية ليبية تشرف على تبادل الأسرى بمنطقة الشويرف، المتاخمة شمالا لمنطقة الجفرة، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد".
لكن عبد الحفيظ لا يرجح أن يتوصل مجلس الأمن إلى قرار قريب بشأن اللجنة الدولية، مؤكدا أن توازن القوى لا يزال الضامن الأول لاستمرار صمود وقف إطلاق النار. 
وأوضح أن مسارات الحل العسكرية والسياسية تسير في اتجاه واحد في مستوى الإخفاق والتعثر بسبب عدم وضوح الخيارات الدولية في الملف الليبي، سيما مع غياب واضح لرؤية البيت الأبيض الغارق في مشاكله الداخلية.