يستمرّ السجال في لبنان على خلفية التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، وانتقد فيها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، واعتبر أنّ جماعة الحوثيين تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات.
"حزب الله" يرفض إقالة قرداحي
وتلقى قرداحي في الساعات الأخيرة جرعة دعم من "حزب الله" الذي أشاد في بيان، مساء الخميس، بما سمّاه "الموقف الشجاع والشريف الذي اتخذه" قرداحي "من موقعه الإعلامي والأخلاقي والوطني، دفاعاً عن شعب اليمن المظلوم، وتوصيفه للعدوان على حقيقته باعتباره عدواناً أدى إلى سفك الدماء، وقتل مئات الآلاف، وحصار شعب بأكمله تحت مخاطر الجوع والمرض".
وندّد الحزب بما وصفها "الحملة الظالمة التي تقودها السعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي ضده (قرداحي)"، معتبراً إياها "اعتداء على سيادة لبنان وحرية مواطنيه بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم دون خوف أو تهديد، وابتزازاً مرفوضاً يطعن في كرامة كل لبناني".
ورفض "حزب الله" رفضاً قاطعاً أي دعوة إلى إقالة الوزير قرداحي أو دفعه إلى الاستقالة، معتبراً هذه الدعوات "اعتداءً سافراً على لبنان وكرامته وسيادته" وفق البيان، مضيفاً أنّ الحزب "يندد بمواقف بعض السياسيين اللبنانيين المأجورين وضعاف النفوس، وكذلك ببعض الإعلاميين ووسائل الإعلام اللبنانية التي شاركت في هذه الحملة مدفوعة الثمن، ويعتبرها إهانة صريحة لمسيرة الإعلام اللبناني بمجمله، وسقوطاً خلقياً كبيراً وإساءةً خالصة إلى لبنان وشعبه وسيادته وكرامته الوطنية".
"المستقبل": بيان "حزب الله" حول قرداحي خروج عن الأصول
وجاء الرد على "حزب الله" سريعاً من "تيار المستقبل" (يترأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري)، الذي وصف بيان الحزب بأنه "مطالعة دفاعية عن الوزير المتذاكي، ضمّنها هجوماً عنيفاً على المملكة ودول الخليج العربي". وتابع التيار في بيان في وقت متأخر من مساء الخميس: "لقد اعتاد اللبنانيون على هذه اللغة من "حزب الله"، بمثل ما اعتادوا على خروجه عن مقتضيات المصلحة الوطنية وإصراره على وضع لبنان في خانة العداء لأشقائه، كرمى لعيون أولياء أموره في طهران".
ورأى أنّ "أسوأ ما في بيان الحزب أنه يتخذ من سيادة لبنان مادة للتحريض على بلدان الخليج مجتمعة، فيما هو يعرض سيادة لبنان يومياً للإهانة والخرق والتسيب، ويعتدي على سيادة دول وشعوب عربية، بالتكافل والتضامن مع الحرس الثوري الإيراني، وأدواته المعروفة في سورية والعراق واليمن والبحرين والعديد من دول المنطقة".
وأكد "تيار المستقبل" إدانته بأشد العبارات، "تطاول الحزب على الأشقاء العرب، وتعريضه مصالح لبنان للخطر من جديد"، معتبراً بيان "حزب الله"، "خروجاً كاملاً على الأصول، وتعدياً على مقام رئاسة الحكومة وموقفها، ومحاولة رخيصة لاختصار السيادة الوطنية بمواقف عشوائية صدرت عن مسؤول غير مسؤول في الدولة اللبنانية".
وأثارت تصريحات قرداحي جدلاً واسعاً في الأيام الأخيرة بين مؤيد ورافض لها في لبنان، فيما قام كلّ من السعودية والإمارات والكويت والبحرين، الأربعاء، باستدعاء السفراء اللبنانيين لديها للاحتجاج على تصريحاته. وعبّر كذلك الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه التام لتصريحات قرداحي، مشيراً إلى أنها "تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث في اليمن".
وأمس الخميس، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال استقباله وزير الداخلية بسام مولوي، إنّ تصريحات الوزير قرداحي "صدرت قبل توزيره ولا تعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية"، مشدداً على أنّ "مواقف أي طرف لبناني لا يجوز أن تعتبر مواقف الدولة اللبنانية ولا أن يتم التعامل معها على هذا الأساس".
الرئيس عون خلال استقباله وزير الداخلية: تصريحات الوزير قرداحي صدرت قبل توزيره ولا تعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية، ومواقف أي طرف لبناني لا يجوز أن تعتبر مواقف الدولة اللبنانية ولا أن يتم التعامل معها على هذا الأساس
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 28, 2021
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أكد، الأربعاء، أنّ كلام وزير الإعلام في حكومته جورج قرداحي "كلام مرفوض"، مشدداً على أنّه "لا يعبّر عن موقف الحكومة إطلاقاً، ولا سيما في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب"، وفق بيان لرئاسة الحكومة.
من جهته، قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في بيان في وقت سابق من أمس الخميس، إنّ "التعرض للمملكة العربية السعودية ولدولة الإمارات العربية المتحدة ولسائر دول مجلس التعاون الخليجي مرفوض من أي كان "مهما علا شأنه"، إلا من له نوايا سيئة ويحمل في نفسه البغض والحقد والضغينة لدول قدمت للبنان الكثير من الدعم في شتى أنواعه على مدى عقود من الزمن". وأضاف: "لبنان ودار الفتوى حريصان على علاقاتهما مع دول الخليج العربي ويدينان ويشجبان ويستهجنان أي إساءة لهذه الدول التي نريد أن تكون علاقاتنا معها على أفضل مستوى ممكن"، قائلاً: "نحن بانتظار المعنيين في الدولة اللبنانية أن يقدموا على تصحيح ما ارتكب بحق الإخوة الأشقاء".
أما رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط فغرّد عبر "تويتر" بالقول: "كنا بغنى عن هذا التحليل أو هذا التصريح (...) لوزير الإعلام اللبناني الذي حرق ما تبقى من أواصر العلاقات بيننا وبين دول الخليج، التي كانت وستبقى الحاضن الأساس لمصالح لبنان واللبنانيين".
كنا بغنى عن هذا التحليل او هذا التصريح الهميوني لوزير الاعلام اللبناني الذي حرق ما تبقى من اواصر العلاقات بيننا وبين دول الخليج التي كانت وستبقى الحاضن الاساس لمصالح لبنان واللبنانيين #الخليج pic.twitter.com/9Xvgre6oty
— Walid Joumblatt (@walidjoumblatt) October 28, 2021