تصعيد الأسرى الفلسطينيين يدخل شهره الثاني لمواجهة بن غفير: نحو الإضراب الشامل مطلع رمضان
يدخل الأسرى الفلسطينيون، اليوم الأربعاء، شهرهم الثاني على شروعهم بخطوات (العصيان) وفقاً للبرنامج النضاليّ الذي أقرّته لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، ضد إجراءات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، وصولاً إلى الإضراب الشامل مطلع شهر رمضان.
ويقوم البرنامج على عدة خطوات أبرزها إرجاع وجبات الطعام، وارتداء اللباس البني (زيّ الشاباص)، والاعتصام في السّاحات، وصولاً إلى الإضراب الشامل في اليوم الأول من شهر رمضان المقبل، والمتوقع أن يبدأ الخميس 23-3-2023.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس لـ"العربي الجديد" إن "الأمور تسير نحو الإضراب، ولا يبدو أن الحركة الأسيرة ستتراجع، نظراً لرفض إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية الاستجابة لهم أو حتى التعاطي مع خطواتهم التصعيدية التي ينفذونها حالياً".
وتابع فارس أنّ "المعركة الحاسمة مقبلة لا محالة، فإدارة سجون الاحتلال متعنتة تماماً، وهي تواصل تنفيذ جملة من الإجراءات ضدّ الأسرى وبمستويات مختلفة في معظم السّجون"، مشدداً على أنّ الأسرى "موحدون، وهم ملتزمون بقرار النواة الصلبة لقيادتهم بغض النظر عن توجهاتهم".
وفيما إذا كانت هناك أي وساطات أو تدخلات خارجية، قال فارس: "لم يكن هناك وساطات بالمعنى الحقيقي، أو تدخلات خارجية، وإن كان هناك أي تدخل فليس لثني الأسرى عن خطواتهم النضالية التي تلقى دعماً شعبياً مطلقاً، بل لمتابعة ما سيترتب على دخول الأسرى في الإضراب وتداعياته في الخارج".
وتابع فارس "يجب أن نبادر لخلق حالة في الخارج داعمة للأسرى، وصولاً إلى تصعيد كبير حتى لا نتركهم وحدهم، فهذه معركة الكل الفلسطيني. هذه القضية تلقى إجماعاً وطنياً"، محذراً من أن ملف الأسرى هو "صاعق التفجير" للأوضاع في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الأسيرات حاضرات أيضاً
من جهتها، قالت الأسيرة المحررة لينا أبو غلمي من بلدة بيت فوريك بمدينة نابلس، التي أفرج عنها الأسبوع الماضي بعد اعتقال دام 9 أشهر، إن "الأسيرات على أهبة الاستعداد لدعم الأسرى في معركتهم، وهن جاهزات لتلبية النداء".
وتابعت أبو غلمي في حديث لـ"العربي الجديد" "هناك نقاش دائم بين الأسيرات وعلى مختلف المستويات بشأن موضوع الإضراب، وكان الموقف الجمعي لهن أنهن لن يتأخرن لحظة عن الوقوف مع الأسرى الذين وقفوا معهن دوماً وخاضوا عشرات الفعاليات الاحتجاجية حين كنّ يتعرض للتنكيل من إدارة السجون، ولم يترك الأسرى الأسيرات وحدهن يوماً، فلن نتركهم".
رسالة لبن غفير
من جهته، قال منسق اللجنة العليا لشؤون الأسرى في محافظة نابلس مظفر ذوقان لـ"العربي الجديد" إن "اللجنة بالتنسيق الكامل مع كافة المؤسسات التي تُعنى بقضايا الأسرى سيكونون السند للحركة الأسيرة، والدور المطلوب منا هو تفعيل الشارع وحثه على نصرة الأسرى وعدم تركهم وحدهم، خاصة مع الشروع في الإضراب المرتقب".
وتابع ذوقان "يجب أن نتجاوز الفعاليات والوقفات في مراكز المدن على أهميتها، لخلق حالة وطنية عامة تستجيب فوراً لنداء السجون، والشارع الفلسطيني يغلي في ظل تعاظم جرائم الاحتلال، وهو جاهز لكل فعل نضالي".
وأوضح ذوقان أن تلك الفعاليات وما سيتبعها "هي رسالة للمتطرف وما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير وداعميه، بأن مخططاته العنصرية التي يسعى إلى تحقيقها لن يسمح الشعب الفلسطيني بمرورها، وسيواصل محاربتها بكل الوسائل المتاحة للتراجع عن تنفيذها"، مؤكداً أنه مهما تطاول الاحتلال بإجراءاته فإن الأسرى على موعد قريب من الحرية.
وقفات تضامنية
وكان الفلسطينيون في معظم محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة قد نفّذوا مساء أمس الثلاثاء وقفات تضامنية تحت عنوان "الثلاثاء الحمراء" نصرة للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع خطوات "العصيان" التي يقومون بها ضد إدارة السجون، ومع اقتراب معركة إضرابهم عن الطعام مع بدء شهر رمضان المبارك.
وشارك العشرات في مدن نابلس وجنين وقلقيلية ورام الله والخليل في وقفات تضامنية لمساندة الأسرى تلبية لدعوة "لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة".
وألقيت كلمات عدة خلال الوقفات، أكد خلالها المتحدثون دعم الأسرى، مستنكرين قرارات حكومة الاحتلال التي تسعى إلى تشريع قانون "إعدام الأسرى" وحرمانهم من أبسط حقوقهم.
ورفع المشاركون صور الأسرى، ويافطات وشعارات تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، والضغط على حكومة الاحتلال لوقف إجراءاتها الهادفة إلى النيل من صمود الأسرى.
رفع المشاركون صور الأسرى، ويافطات وشعارات تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، والضغط على حكومة الاحتلال لوقف إجراءاتها
وأكّدت هيئة الأسرى، ونادي الأسير الفلسطينيّ، في بيان مشترك اليوم، أنّ خطوات (العصيان) ستستمر حتّى إعلان الأسرى عن الشّروع بخطوة الإضراب عن الطعام في الأول من رمضان تحت عنوان (بركان الحرّيّة أو الشهادة)، وستبقى هذه الخطوة التي تعتبر أقسى خطوة يمكّن للأسرى أن يلجأوا إليها، مرهونة بموقف إدارة السّجون، وأيّ تحوّل يمكن أن يحدث حول مطالب الأسرى، والمطلب الأساس، ألا وهو تراجع الإدارة عن الإجراءات التّنكيلية التي أعلنت عنها بتوصيات من (بن غفير).
وعلى مدار الشّهر الماضي نفّذ الأسرى عدة خطوات، وتمثلت بعرقلة ما يسمى بالفحص الأمني (دق الشبابيك)، وإرجاع وجبات الطعام، والاعتصام في السّاحات، وتأخير الدخول إلى الأقسام بعد انتهاء (الفورة) وبعد صلاة الجمعة، وارتداء اللباس البني (الشاباص) للتأكيد على استعداد الأسرى للمواجهة، الجماعية، والفردية.
ومن الخطوات أيضاً إغلاق الأقسام الذي يعني توقف جميع مظاهر الحياة الاعتقالية اليومية، والتي تحتكم إلى واقع الحياة الاعتقالية المفروضة على الأسرى، بالإضافة إلى (الإرباك الليليّ - التكبير والطرق على الأبواب)، وعقد جلسات تعبئة خلال ما يسمى بإجراء (العدد)، وتأخير الخروج إلى البوسطات (نقل الأسرى من السّجون إلى المحاكم أو إلى سجون أخرى).
في المقابل، من أبرز الإجراءات التي اتخذتها إدارة سجون الاحتلال بتعليمات من بن غفير ضد الأسرى كان التحكم في كمية المياه التي يستخدمونها وتقليص مدة الاستحمام بحيث يسمح للأسرى بالاستحمام في ساعة محددة، كما وُضعت أقفال على الحمامات المخصصة للاستحمام في الأقسام الجديدة في سجن (نفحة).
ومن جملة الإجراءات أيضاً تزويد الأسرى بخبز رديء، وفي بعض السّجون زودت الإدارة الأسرى بخبز مجمد، كما ضاعفت من عمليات الاقتحام، والتفتيش بحقّ الأسرى، والأسيرات مؤخراً، مستخدمة القنابل الصوتية، والكلاب البوليسية خلال عمليات القمع والاقتحامات.
ومن الخطوات كذلك مضاعفة عمليات العزل الانفرادي بحقّ الأسرى، وسحب التلفزيونات من أقسام الموقوفين الذين يقبعون في أقسام ما تسمى (المعبار)، والتصعيد من عمليات نقل قيادات الحركة الأسيرة، وأسرى المؤبدات بشكل خاصّ، وإغلاق المرافق العامة في بعض السّجون المركزية، كما جرى في سجن (النقب)، وفرض تضييقات على إدخال الملابس.
وعلى الصعيد القضائي، جرت المصادقة بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون حرمان الأسرى من العلاج، وبعض العمليات الجراحية، ومصادقة الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يقضي بإعدام الأسرى الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال.