- الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يحذر من خطورة اجتياح رفح ويسعى لوقف إطلاق النار، بينما يزيد الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل من القلق المصري.
- الخبراء يرون في الجهود الأميركية تمويهًا للتماهي مع اقتحام رفح، ويعتبرون العملية مقامرة بالنظر لعدد سكان رفح، مع قلق مصري من نزوح محتمل نحو حدودها.
قال مصدر مصري خاص، لـ"العربي الجديد"، إن "الاتصالات المصرية الإسرائيلية، على المستوى الأمني، في الفترة الأخيرة، تبلورت حول العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في مدينة رفح الفلسطينية".
ولفت إلى أن الجانب المصري "حصل على تعهدات من إسرائيل، بأنه إذا تم تنفيذ تلك العملية، فستكون وفق ضوابط معينة تراعي المخاوف المصرية، والمتمثلة في الأساس بالقلق من حدوث موجات نزوح جماعية من الفلسطينيين نتيجة العمليات العسكرية".
وأكد عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بني غانتس، أول من أمس الخميس، أن "مجلس الحرب متفق ومتحد على ضرورة مواصلة العملية البرّية في غزة، بما فيها منطقة رفح، من أجل تفكيك قدرات حركة حماس العسكرية".
رفح وما بعدها في قلب الهواجس المصرية
وقال المصدر المصري إن "الهاجس الأكبر لدى الإدارة المصرية، هو ما بعد اجتياح رفح، لأن اجتياح المدينة، وإنهاء المعركة الأخيرة جنوبي غزة، وفي حال استطاع جيش الاحتلال تصفية باقي قيادات حماس، والنسبة الكبرى من المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع، فإن المشكلة الأكبر بالنسبة إلى مصر ستكون بعد ذلك، وكيفية التعامل مع الأمر الواقع الذي سيفرضه الاحتلال في قطاع غزة"، على حدّ قوله.
مصدر مصري: المشكلة الكبرى ستكون بعد ذلك، وكيفية التعامل مع الأمر الواقع الذي سيفرضه الاحتلال في غزة
وأوضح المصدر أن "كون إسرائيل تجثم على قطاع غزة، وتستفحل بقوة عسكرية كبيرة، بعد الدعم العسكري والسياسي الضخم الذي حصلت عليه من الولايات المتحدة، ودول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا، في الأشهر الخمسة الأخيرة، وأدى إلى تعظيم قدراتها العسكرية، سيكون مثار قلق لمصر، ومن المؤكد أنه سيشكل هاجساً أمنياً خطيراً على حدودها الشرقية".
وأعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التحذير من شنّ إسرائيل عملية عسكرية لاجتياح مدينة رفح. وقال في كلمة ألقاها بمقر أكاديمية الشرطة في العاصمة المصرية القاهرة، أمس الجمعة، إن "مصر تسعى بكل جهد إلى التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنقاذ المدنيين الأبرياء في القطاع من ويلات الحرب المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر". وأعرب عن "تمنياته بالتوصل خلال الأيام القليلة المقبلة إلى وقف إطلاق النار في غزة"، فيما حذر من "خطورة اجتياح رفح ومن اتساع نطاق الحرب".
مقامرة مجنونة وكابوس مصري
وفي سياق ذلك، قال خبير حفظ السلام الدولي السابق في البلقان، وضابط الاتصال السابق في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الإدارة الأميركية على قلب رجل واحد مع دولة الاحتلال في هدف التخلص من حماس، وربما تكون الجهود الأميركية الخجولة في الفترة الأخيرة، والتي هي مجرد ذرّ للرماد في العيون، والتي تتوج الآن بإنشاء ميناء مؤقت وممرات إنسانية بحرية إلى قطاع غزة، مجرد تمويه أو تغطية عن السكوت والتماهي الأميركي مع اقتحام عسكري ضخم في رفح الفلسطينية".
وشدّد سلامة على أن "اقتحام رفح من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، دون أي اعتبار لدولة الجوار (مصر)، والتي ترتبط معها بمعاهدة دولية، وهي معاهدة السلام الموقعة عام 1979، يعد انتهاكاً صريحاً وصارخاً وتحديداً للبروتوكول المعدل الأول لتلك المعاهدة، والذي أبرمته الدولتان في عام 2005، والمعني بممر صلاح الدين (فيلادلفيا)".
أيمن سلامة: الجهود الأميركية الخجولة اليوم مجرد تمويه عن التماهي مع اقتحام رفح
وأكد سلامة أن "المقامرة الإسرائيلية باقتحام رفح الفلسطينية، مقامرة مجنونة في ظل وجود ما يقرب من مليون ونصف المليون فلسطيني، سواء من سكان رفح أو من النازحين قسراً من وسط وشمال غزة إلى رفح".
وقال إن "حديث (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو عن خطة لإجلاء المدنيين غير المشتركين في النزاع المسلح، من رفح الفلسطينية، قبل شنّ عملية عسكرية إسرائيلية ضخمة في المدينة، هو جنون مطبق، فكيف يعيد توطين ما يناهز مليون ونصف المليون مدني، وما هي المناطق الآمنة والممرات الإنسانية التي سيسلكها هؤلاء، وما هي المناطق التي يستطيع أن يوفرها جيش الاحتلال لكل هذا العدد؟".
من جهته، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر لا تريد عملية في رفح، لكنها في الوقت نفسه غير قادرة على إلزام الاحتلال بأي شيء، لأنها تراهن فقط على ضغوط سياسية ودبلوماسية محدودة، من دون أن تستخدم بجدية أوراقا مثل العلاقات الاقتصادية واتفاقية السلام".
وأضاف: "أعتقد أنه لولا الضغوط الأميركية لما تأخر الاحتلال في تنفيذ هجوم رفح، لكنه الآن يسعى لإرضاء واشنطن بالسماح بعودة بعض النازحين قبل الهجوم".
وتابع: "في كل الأحوال فإن أي عملية في رفح، ستنجم عنها احتمالات مرتفعة لموجة نزوح إلى مصر، لأنه ليس من المتوقع عودة كل النازحين في رفح إلى أماكنهم المدمرة، وبالتالي فإن الكابوس الذي تتحسب منه مصر، سيتحقق على الأرجح".
وشدّد فايد على أن "النهج المصري منذ بدء الحرب، يُرسل رسالة واضحة، أن ما يعني مصر هو عدم تعرضها للنزوح أو انتهاك حدودها مع الاحتلال، وهذا واضح تماماً سواء في موقفها من هجوم رفح، والموقف من الترتيبات الأمنية المقترحة لمحور فيلادلفيا، والتي لا تمانع مبدأ إعادة احتلاله، ولكن ترفض انتهاك طيران الاحتلال للحدود أو نقل تسجيلات الكاميرات بشكل فوري للاحتلال".
بدوره، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد": "لا أتصور أن تقبل مصر بعملية عسكرية في رفح، أياً كان شكلها، في ظل عدد النازحين المهول، عند أقرب نقطة إلى رفح المصرية، فهذه مسألة في منتهى الخطورة على الأمن القومي المصري بشكل عام".
وأضاف أن "وجود حماس والمقاومة الفلسطينية بتنوعاتها وأيديولوجياتها المختلفة، هو ما يقود المواجهة مع العدو الإسرائيلي في قطاع غزة"، موضحاً أن "وجود المقاومة وكون غزة محررة من أي إسرائيلي، مسألة مهمة جداً بالنسبة إلى مصر، والمطلوب هو تحرير الضفة الغربية أيضاً، والقدس، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967".