تشهد القضية الفلسطينية أخيراً حراكاً من جانب العديد من الوسطاء على صعيد ملفاتها المختلفة، وهو الأمر الذي بات يمثل سبباً مهماً في إعادة ترتيب السلطات في مصر أوراقها، سواء على مستوى دورها في المصالحة بين الفصائل في رام الله وغزة، أو على مستوى الوساطات بين المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر مصر قيادتها لهذه الملفات "مصرية خالصة"، وتمثل لها أهمية بالغة تتعلق بأمن حدودها الشرقية وبإضفاء أهمية على الدور الدولي للقاهرة.
انزعاج مصري من تحركات الجزائر
ويأتي الانزعاج المصري هذه المرة في ظل تحركات جزائرية مكثفة على صعيد ملف المصالحة الداخلية الفلسطينية، بعد نجاحها في جمع ممثلي حركتي فتح وحماس على أرضها والتوقيع على "إعلان الجزائر" للمصالحة، وذلك قبل انعقاد القمة العربية يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في العاصمة الجزائرية.
وكان لافتاً إشارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في كلمته، لدور الجزائر في هذا الصدد، وإن لم ينس الإشارة العابرة للدور المصري. وسبق الجزائر في الاهتمام بالقضية الفلسطينية كل من قطر وتركيا، اللتين تملكان مساحات نفوذ واسعة عبر علاقاتهما بمكونات المشهد الفلسطيني المختلفة.
السفير السعودي في الأردن: دعم الرياض لـ"أونروا" مستمر حتى التوصل إلى حل عادل
كما برز أخيراً إفراج السعودية عن القيادي في "حماس"، ممثل الحركة السابق في المملكة محمد الخضري، بعد أكثر من ثلاث سنوات على اعتقاله، وهي الخطوة التي لاقت استحساناً واسعاً داخل أروقة الحركة، معتبرة أنها تدشن مرحلة جديدة في العلاقات.
كذلك أعلنت المملكة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تقديم دعم مالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، بقيمة 27 مليون دولار، ضمن ما يزيد عن مليار دولار قدمتها الرياض منذ عام 1999 للوكالة.
وأكد السفير السعودي لدى الأردن، نايف بن بندر السديري، خلال مؤتمر صحافي في مقر السفارة في عمّان، خُصص للإعلان عن الدعم السعودي للوكالة، أن دعم بلاده لـ"أونروا" مستمر إلى حين الوصول إلى حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مشدّداً على أن السعودية "لا تخلط الأوراق" في مواقفها السياسية.
أهمية الملف الفلسطيني لمصر
اهتمام المسؤولين في القاهرة بهذه التحركات المتعددة، تنبع بالأساس من أهمية الملف الفلسطيني بالنسبة لصانع القرار المصري، وارتباطه بالعلاقة مع واشنطن.
كما أن العلاقة بين القاهرة ومكونات المشهد الفلسطيني تمر بتوترات خلال المرحلة الراهنة لأسباب متفاوتة، خصوصاً بعد توجيه مستويات قيادية بحركة الجهاد الإسلامي اتهامات مبطنة للقاهرة، بالتواطؤ مع حكومة الاحتلال، خلال جولة الوساطة المصرية التي قامت بها لوقف موجة التصعيد العسكري في أغسطس/آب الماضي في قطاع غزة.
مصدر فتحاوي: فتور بين القاهرة وعباس بسبب انتقال القدوة لغزة
وبالإضافة إلى ذلك تشهد العلاقة بين القاهرة ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بحسب مصدر فتحاوي تحدث لـ"العربي الجديد"، فتوراً بسبب سماح القاهرة للعضو السابق في اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة (فُصل من الحركة العام الماضي) بالدخول إلى قطاع غزة والعمل من هناك.
وفي موازاة ذلك تشهد العلاقة بين مصر و"حماس"، أيضاً بعض الفتور، على وقع التجاوب الكبير من جانب الحركة مع تحركات الجزائر على صعيد الملف الفلسطيني، في وقت تقدمت فيه الحركة بملاحظات عدة للقاهرة أخيراً، بشأن وتيرة العمل في مشروعات إعادة الإعمار التي تقودها مصر في قطاع غزة.
ومما يزيد من القلق المصري بشأن نفوذها في الملف الفلسطيني هو دخول النظام السوري أخيراً على خط العلاقات مع فصائل قطاع غزة، بعد عودة العلاقات بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وحركة "حماس".