وصلت إلى مناطق في ريف محافظة حلب الشمالي، الواقع شمال غربي سورية، خلال الساعات الأخيرة تعزيزات روسية وأخرى للنظام السوري، وانتشرت حول مدينة منبج، التي يضعها الجيش التركي هدفاً له في العملية العسكرية التي يحضر لها، وخاصة أن الاجتماع الذي جمع وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس الأربعاء، في العاصمة التركية أنقرة، لم يخرج بتفاهم معلن.
وقال الناشط محمد الإبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إن ما لا يقل عن 15 آلية عسكرية روسية وصلت إلى قاعدة السعيدية الواقعة غربي مدينة منبج، ورافقتها مروحيات استمرّت بالتحليق على خطوط التماس معظم ساعات اليوم، واتجهت نحو خطوط التماس في منطقتي رأس العين والقامشلي بريف الحسكة.
وأضاف الإبراهيم أن ذلك تزامن مع انتشار مئات العناصر من قوات النظام في محيط مدينة منبج، وخاصة منطقة خط الساجور، لافتاً إلى أن عملية نقل المقاتلين من قوات النظام ما زالت مستمرة، وسط حديث عن تحضير "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) للتصدي للقوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري التي تتحضّر للتقدم في هذه المنطقة.
وفي وقت سابق، أرسلت القوات الروسية تعزيزات عسكرية جديدة إلى قاعدتها في المباقر قرب بلدة تل تمر شمال غربي الحسكة، ومطار القامشلي، ضمّت جنوداً ومدرعات وعربات عسكرية، إضافة إلى رادارات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة بينها مضاد للطيران.
وكانت صحيفة "خبر تورك" التركية ذكرت، الخميس، أن تركيا تلقت من روسيا تفهماً لمواقفها حيال الهجمات التي تتم من منبج وتل رفعت اللتين تسيطر عليهما "قسد"، ضد المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في شمال سورية، مؤكدة أن موسكو لم تعترض على الحجج التركية المقدمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن "تركيا أشارت للجانب الروسي إلى وقوع تل رفعت داخل الحدود على مسافة 18 كيلومتراً، ومنبج على مسافة 28 كيلومتراً، وأن منع الهجمات المسلحة يتطلب تشكيل منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً"، مؤكدة أن الوزيرين اتفقا على تواصل اللقاءات بين البلدين، ما يعني أن الموافقة الروسية لم تحصل خلال هذا اللقاء.
تخوف من تقدّم النظام السوري
وقال مصدر مقرّب من الجيش الوطني لـ"العربي الجديد" إن الاستعدادات العسكرية تمّت من قبل الجيش التركي وقوات المعارضة، لكن مقاتلي المعارضة يتخوّفون من تقدم النظام في المنطقة، وتكرار السيناريو الذي حدث أثناء عملية "نبع السلام" عام 2019، حيث تقدّمت قوات النظام وتعهدت روسيا حينها بانسحاب "قسد" حتى عمق 30 كلم إلى الجنوب من الحدود التركية.
وأشار المصدر إلى أن الرغبة في شنّ أي عمل عسكري في المنطقة لم تعد موجودة كالسابق لدى كثيرين من عناصر الوطني، حيث باتت التفاهمات السياسية تحكم المنطقة، وأنها لم تعد ذات جدوى، بحيث تعيد السكان النازحين في تركيا والشمال السوري إلى منازلهم، وهو ما لم يحدث أيضاً عام 2019، بحسب قوله.
وبحسب المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه فإن، كثرة التصريحات التركية حول موعد انطلاق العملية العسكرية، والاعتراض الأميركي والروسي الواضح، يعزّزان الحديث عن رغبة أنقرة في الحصول على مكاسب سياسية من الطرفين المؤثرين في الحدث السوري، كما يؤكّدان على أن الأهداف ليست سورية خالصة، إنما تنطوي على مصالح وربّما تحصيل مكاسب لهذه الأطراف على الأراضي السورية أو خارجها.
وفي 23 مايو/ أيار الماضي قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده تعتزم شن عمليات عسكرية عند حدودها الجنوبية مع سورية، وأشار إلى أنها بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارها المتعلق بإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كلم شمالي سورية، و"تطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين".