- علاوي أشار إلى وجود أكثر من 30 شخصية سياسية بثروات تجاوزت المليار دولار من موارد الدولة، بينما تحدث الكريم عن تجاربه مع الرشوة.
- الفساد في العراق يعيق التنمية ويؤجج الاحتجاجات، مع تصنيف البلاد بين أسوأ الدول في مؤشرات الفساد. هناك حاجة ماسة لإصلاحات جذرية لمكافحة الفساد واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة.
لم تستغرب النخب السياسية وقوى الحراك المدني في العراق التعليقات النارية التي أطلقها بعض السياسيين والمسؤولين حول الفساد المالي والرشى، وتحوّل عديدين إلى "مليارديرات". وقد أثارت تصريحات وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، ورئيس كتلة برلمانية شعلان الكريم، جدلاً واسعاً حول مدى تفشي الفساد والاستغلال في البلاد. وبعد تلك التصريحات، أصدرت هيئة النزاهة الاتحادية بيانات تدعو فيها المتحدثين إلى تقديم إفادات رسمية لاتخاذ إجراءات قانونية بحق المتهمين بالفساد.
وظهر وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي في برنامج تلفزيوني، أشار فيه إلى وجود "أكثر من 30 شخصية سياسية تجاوزت ثرواتها مليار دولار"، مبيناً أن "مصدر الإثراء الكبير في العراق هو الدولة، حيث إنّ الموارد الأساسية في الدولة تتوزع بالمفهوم العريض، وقسم لا بأس به يُسرق". وعقب هذا التعليق، دعت هيئة النزاهة الاتحادية علاوي للحضور إلى مقر الهيئة وتقديم إفادته عن المعلومات التي أدلى بها.
وبحسب بيان الهيئة، فإنها "خاطبت وزارة المالية لتبليغ علاوي من أجل الحضور بغية تقديم إفادته حول وجود أكثر من ثلاثين شخصيَّة سياسيَّة تجاوزت ثرواتها مليار دولارٍ، لغرض الاستيضاح حول أسماء تلك الشخصيات ومناصبها أو أية دلالات تعرفها وماهية تلك الأموال (نقدية لبيان مصارف إيداعها، أو عقارية لبيان مواقعها، وما يملكه من معلومات أخرى)".
كما ظهر رئيس كتلة "تقدم" في البرلمان العراقي شعلان الكريم في برنامج تلفزيوني، وتحدث عن أن "أحد أعضاء مجلس النواب وقف بالضد من التصويت لي في جلسة اختيار رئيس البرلمان عقب إقالة محمد الحلبوسي"، مؤكداً أن "هذا النائب طلب رشوة تقدر بـ3 ملايين دولار، من أجل أن يسيطر على قرارات مجلس النواب، وأن يتحول إلى أبٍ روحي، وقد رفضت هذا العرض".
واضح ما تكلم عنه شعلان الكريم عن عقد الصفقات في مكتب المقاولات الكبير الذي يطلق عليه عملية سياسية..
— عصام حسين (@IssamHussein19) April 5, 2024
في العراق لا يمكن للسياسة وحدها تحقيق الاهداف انما يجب مزج الحالة الاقتصادية حتى تحصل على النتائج المرجوة بنجاح كبير..
هذا النظام يسير بالعراق إلى حتفه، مسألة وقت.. pic.twitter.com/K10TfyIXSc
ودعت هيئة النزاهة النائب شعلان الكريم للحضور إلى مقرّ رئاسة الهيئة والإدلاء بإفادته، حول تلقّيه عرض رشى من أحد النوَّاب الحاليّين، مقابل انتخابه لرئاسة مجلس النوَّاب، وفقاً لبيان الهيئة. وسبق أن نظمت هيئة النزاهة العراقية حملة "من أين لك هذا" للإبلاغ عن تضخم الأموال والكسب غير المشروع في قطاعات مؤسسات الدولة المختلفة، وحثت المواطنين على الإبلاغ عن أيّ زيادةٍ في أموال الموظفين والمديرين في هذا القطاع، أو أزواجهم أو أولادهم لا تتناسب ولا تنسجم مع مواردهم الاعتيادية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، كشف لأول مرة عن هذه القضية التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطاً شديداً في العراق، الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد. وحول هذه القضية، قال الناشط السياسي علي الحجيمي إن "النظام العراقي الحالي قائم على الفساد وشراء الذمم والمسؤولين، ولولا المال الوفير لما استمر هذا النظام عقدين"، مبيناً أن "الأجهزة الرقابية والتحقيقية بشأن قضايا الفساد هي أيضاً متهمة لتسترها على الكثير من الملفات".
وأضاف الحجيمي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "علي عبد الأمير علاوي كان قد كشف في دراسة كاملة كل أركان الفساد الذي يجري في البلاد، وطرق سرقة المال العام، وقدمها لحكومة محمد شياع السوداني، إلا أن الحكومة لم تتحرك بهذا الاتجاه مطلقاً، بل إنها أفرجت عن مرتكب أشهر سرقة في العراق، وهو المدعو نور زهير". وأكد أن "انتظار محاسبة حقيقية للفاسدين وسراق المال العام من هذا النظام لن يجدي نفعاً". يذكر أن وزير المالية علي علاوي في حكومة مصطفى الكاظمي السابقة قدم استقالته من منصبه في أغسطس/آب من العام 2022، فيما قال إن سبب الاستقالة يعود لأسباب مرتبطة بضعف الحوكمة اقتصادياً ومالياً في البلاد.
ووصفت منظمة الشفافية الدولية، في تقرير سابق، العراق بأنه "من بين أسوأ الدول في مؤشرات الفساد والحوكمة، مع تفاقم مخاطر الفساد بسبب نقص الخبرة في الإدارة العامة، وضعف القدرة على استيعاب تدفق أموال المساعدات، والقضايا الطائفية، وغياب الإرادة السياسية لبذل جهود مكافحة الفساد". وبحسب المنظمة، فإن "عمليات الاختلاس واسعة النطاق، وعمليات الاحتيال في مجال المشتريات، وغسل الأموال، وتهريب النفط، والرشوة البيروقراطية واسعة النطاق، هي ما أدت إلى وصول البلاد إلى قاع تصنيفات الفساد الدولي، وأججت العنف السياسي وأعاقت بناء الدولة وتقديم الخدمات الفعال".