أثار وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي جدلا بتلميح غير مفهوم عن "النذالة وخيانة الأوطان"، ما فتح أبواب التساؤل حول علاقة ذلك بتوتر بدأت تظهر ملامحه أخيرا مع قصر الرئاسة، لا سيما بعد استقالة مديرة الديوان نادية عكاشة.
وأعاد الجرندي نشر تعليق بعدما حجبه لمدة ساعات، قال فيه "للأوطان حرمة لا يبيعها إلا الأنذال"، وأضاف إليها توضيحا وتفسيرا قائلا "عندما يعمل رئيس الجمهورية ليلا نهارا للدفاع عن سيادة هذا الوطن وحرمته، وعندما لا تدخر الحكومة جهدا من أجل الحفاظ على كرامة التونسي ومجابهة كل التحديات، فإن هذه التغريدة هي نداء للبعض لصون حرمة الوطن والكف عن الترويج للادعاءات الباطلة والمضللة. تونس بخير وستظل أجمل أمهات الأرض".
عندما يعمل رئيس الجمهورية ليلا نهارا للدفاع عن سيادة هذا الوطن وحرمته، وعندما لا تدخر الحكومة جهدا من أجل الحفاظ على كرامة التونسي ومجابهة كل التحديات، فإن هذه التغريدة هي نداء للبعض لصون حرمة الوطن والكف عن الترويج للادعاءات الباطلة والمضللة. تونس بخير وستظل أجمل أمهات الأرض. pic.twitter.com/tDzvXBnA6x
— Othman Jerandi (@OJerandi) January 30, 2022
وفتح الجرندي أبواب التساؤل حول مقاصده من التعليق الذي نشره من مكان وجوده في الكويت في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب.
ويرى مراقبون أن علاقة الجرندي بالرئيس قيس سعيد كانت محكومة بجفاء لأشهر، حتى أنه كان يعد من بين الوزراء المرجح رحيلهم في أول تعديل وزاري، غير أن سعيد استقبل الجرندي منذ ثلاثة أيام في مكتبه بعد انقطاع طويل، مرجحين أن تكون عودة العلاقة بينهما مرتبطة بمغادرة مديرة الديوان نادية عكاشة مهامها أخيرا.
وأكد المحلل السياسي شكري بن عيسى، في تعليق لـ"العربي الجديد"، أن "تعليق الجرندي مثير جدا، خصوصا بعد غياب طويل، وقد أثارت التغريدة التي نشرها جدلا كبيرا واهتماما واسعا، حيث تم تداولها بشكل واسع أمس".
وشدد على أن "التعليق شد الانتباه بشكل كبير ولافت لأنها مختزلة ولا تتكون سوى من بعض كلمات مضمونها حاد جدا تفتقد للياقة وللغة الدبلوماسية المستوجبة من دبلوماسي، كما لا تفصح بوضوح عن مقاصدها، بل إنها مثيرة لكل التأويلات، حتى أن البعض ذهب إلى أن وزير الخارجية قطع الصلة برئاسة الجمهورية والحكومة أو أنه ينوي الاستقالة"
وتابع أن "المثير أكثر هو توقيت نشرها على الساعة الثالثة صباحا؛ وبعدما سحبها خرج ليعدل فيها ويوضح فيها بأن الرئيس يعمل ليلا ونهارا وأن الحكومة لا تدخر جهدا حتى يفند أنه لا يقصد ما ذهب إليه البعض".
وشدد بن عيسى أن "هذا الجدل يعود للغياب شبه التام للدبلوماسية التونسية دوليا أو في المشهد التونسي، وهو متصل مع علاقة الجرندي والرئيس حيث انقطعت تقريبا لقاءاتهما".
وبيّن أنه "على المستوى الخارجي والدولي، فإن عدد الشغورات الموجودة في التمثيلية التونسية من قناصل وسفراء يعكس أن الدبلوماسية التونسية شاغرة وفارغة، ويدل على أن الدولة تدار بمنطق الاعتباط والارتجال إلى حد الفوضى، وهذا يعود أساسا إلى أن هذه الحكومة خارجة عن القواعد الدستورية وهي حكومة التدابير الاستثنائية، فالإخفاق يتجاوز الخارجية وحدها إلى رئيس الجمهورية والحكومة ككل".