كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد والنجف، لـ"العربي الجديد"، عن أبرز ما دار خلال اجتماع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع قيادات وممثلين عن "الإطار التنسيقي"، الذي أوفد كلاً من هادي العامري وقيس الخزعلي وفالح الفياض إلى النجف، صباح اليوم الأربعاء، لبحث ملف تشكيل الحكومة المقبلة.
وأكدت المصادر على أن الاتفاق الوحيد الذي جرى التفاهم عليه في الاجتماع هو "تكرار اللقاءات لمواصلة البحث عن قاعدة اتفاق مشتركة بين الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد".
يأتي ذلك بعد يومين فقط من مصادقة المحكمة الاتحادية العليا في البلاد على نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتصدر فيها التيار الصدري بفارق كبير عن أبرز منافسيه، وهو تحالف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي.
ووصل وفد من قوى "الإطار التنسيقي"، التي تمثل كتلاً وأحزاباً سياسية مختلفة، أبرزها "الفتح"، و"دولة القانون"، ظهر اليوم الأربعاء، إلى مدينة النجف، جنوبي العراق، للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في زيارة اعتبرت انطلاقة للمشاورات المتعلّقة بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد يومين من المصادقة على نتائج الانتخابات البرلمانية من قبل المحكمة الاتحادية العليا.
اختلافات كبيرة بوجهات النظر
وقالت مصادر متطابقة في النجف وبغداد لـ"العربي الجديد"، إن اجتماع مقتدى الصدر مع هادي العامري وقيس الخزعي وفالح الفياض لم يفض لأي اتفاق في ما يتعلق بتشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان التي خولها الدستور بتشكيل الحكومة، كما أن هناك اختلافا كبيرا في توجهات الطرفين حيال ملف شكل الحكومة المقبلة.
وقال أحد المصادر إن "وفد الإطار التنسيقي طرح عدة نقاط، أبرزها رفض التجديد لأي من الرؤساء الثلاثة (رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، رئيس الجمهورية برهم صالح)، مع الإصرار على أن يكون زعيم تحالف (دولة القانون) نوري المالكي جزءا مهما من الحكومة الجديدة، ورفض إقصائه من الحكومة المقبلة".
وأضاف أن "قادة الإطار التنسيقي أكدوا أيضا على أهمية أن تكون الحكومة الجديدة حكومة توافقية بمشاركة كل القوى السياسية الفائزة في الانتخابات المبكرة، على غرار الحكومات الماضية، وهو ما يرفضه الصدر، معتبرا أنه لا يمكن تكرار الأخطاء السابقة مرة أخرى، ويجب الاتجاه إلى حكومة أغلبية سياسية، وأهمية وجود معارضة متنوعة داخل البرلمان".
فيما أكد مصدر آخر تلك المعلومات قائلا إن الاجتماع "انتهى باتفاق واحد وهو تشكيل لجان تفاوضية مشتركة لمواصلة الحوارات خلال الفترة المقبلة وضمان عدم توقفها من أجل الوصول إلى اتفاق وتوافق قبل موعد عقد مجلس النواب العراقي أولى جلساته".
وعقب الاجتماع، أكد الصدر تمسكه بحكومة الأغلبية السياسية، وقال في تغريدة له "حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) December 29, 2021
من جانبه، قال رئيس وفد الإطار التنسيقي هادي العامري، في بيان مقتضب له تعليقاً على الاجتماع، إن "اللقاء كان إيجابياً ومسؤولاً ومنطلقاً من تغليب مصلحة الدولة القوية والنجاح في المرحلة القادمة، وسيتم استكمال بحث ضمانات النجاح في بناء الدولة، وفي الأيام القريبة المقبلة ستكون لنا عودة مرة أخرى للنجف إن شاء الله".
في غضون ذلك، نفت كتلة نوري المالكي، الذي يتزعم "الإطار التنسيقي"، إقصاءه عن الاجتماع، وقالت النائبة عن "دولة القانون" عالية نصيف إن "ما يسوقه البعض بشأن عدم دعوة المالكي لاجتماع النجف، هو محاولة مقصودة غرضها استهداف وحدة صف الإطار التنسيقي".
وأكدت في تصريح صحافي أن "الدعوة كانت موجهة للإطار بكافة عناونيه، ولا تقتصر على الشخصيات التي شاركت بالاجتماع"، مشيرة إلى "وجود أصوات تحاول خلط الأوراق لأجل تشويه صورة الإطار التنسيقي، وبث الفرقة داخل البيت الشيعي والتلويح بوجود خلاف عميق بين الصدر والمالكي".
وشددت على أن "قوى الإطار التنسيقي وضعت آليات بشأن تقسيم المهام بإجراء الحوارات مع القوى السياسية الأخرى، حيث تم تكليف المالكي بإجراء حوارات وتفاهمات مع القوى الكردية، والعامري والخزعلي مع التيار الصدري، وكذلك تمت تسمية عدد من قادة الإطار للتفاهم مع القوى السنية".
وعدت اجتماع اليوم "مهما جدا للتوصل إلى رؤية شيعية مشتركة، ومناقشة القضايا ذات المصلحة العليا للبلاد، وليس المصلحة الفئوية أو الحزبية، والإسراع بتشكيل الحكومة ".
تعميق الأزمة
في المقابل، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عدم صدور بيان موحد عن الاجتماع وعدم عقد مؤتمر صحافي، يدلان على أن الاجتماع لم يحل أي من الملفات العالقة بين الصدر وقادة (الإطار التنسيقي)، بل ربما هذه الاجتماعات تعمق الأزمة، من خلال تمسك كل طرف بما يريده".
وبين الشريفي أن "الصدر مُصر على قضية حكومة أغلبية وليس توافقية، وهذا يعني أنه يريد مشاركة أجزاء محددة من الإطار التنسيقي ضمن الحكومة الجديدة، وليس مشاركة كل البيت السياسي الشيعي، والإطار يريد عكس ذلك، وهذا ما يعمق الخلافات".
واعتبر أن "تدخل اللاعب الخارجي ليس ببعيد بهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية العراقية كافة، وليس الشيعية – الشيعية فقط، وهذا اللاعب ربما ينجح بهذه المهمة، وربما يفشل، خصوصاً أن هذا اللاعب أصبح أضعف مما كان عليه خلال الفترات السابقة".
وبموجب نتائج الانتخابات العراقية، فقد فازت الكتلة الصدرية بـ73 مقعداً (من أصل 329)، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بـ31 مقعداً، وتحالف "تقدّم" بـ37، و"دولة القانون" بـ33، بينما حاز "تحالف كردستان" على 17 مقعداً.
أما تحالف "الفتح"، فقد فاز بـ17، والأحزاب الفائزة بمقعد واحد 16، وتحالف "عزم" 14 مقعداً، و"الجيل الجديد" 9، و"امتداد" 9، و"إشراقة كانون" 6، و"تصميم" 5، و"بابليون" 4، و"العقد الوطني" 4، و"قوى الدولة الوطنية" 4، و"حركة حسم للإصلاح" 3، وتحالف "جماهيرنا هويتنا" 3، و"جبهة تركمان العراق الموحّد" 1، بينما كان عدد مقاعد الأفراد الفائزين 43 مقعداً.