تفاصيل وساطة البارزاني لإنهاء أزمة انتخاب رئيس البرلمان العراقي

07 يوليو 2024
جلسة سابقة للبرلمان العراقي، 9 يناير 2022 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **وساطة البارزاني لحل الأزمة**: مسعود البارزاني يقترح وساطة لحل الأزمة بين القوى السياسية السنية في العراق حول انتخاب رئيس البرلمان، تتضمن الاتفاق على مرشح تسوية أو إجراء جلسة انتخاب جديدة. المبادرة لاقت دعماً من مختلف الأطراف السياسية.

- **موقف حزب تقدم**: حزب تقدم يصر على نيل استحقاقه الانتخابي بمنصب رئاسة البرلمان ويرحب بمبادرة البارزاني بشرط تقديم الأطراف الأخرى تنازلات. الحزب يفضل بقاء منصب رئاسة البرلمان شاغراً حتى نهاية الدورة البرلمانية.

- **الصراع السني وتأثيره**: الصراع السني على رئاسة البرلمان هو صراع نفوذ وقوة، حيث يسعى كل طرف للسيطرة على المناطق السنية سياسياً وانتخابياً. البرلمان العراقي أخفق خمس مرات في حسم الملف وشهدت الجلسة الأخيرة عراكاً بالأيدي.

كشف أعضاء في البرلمان العراقي وسياسيون عراقيون لـ"العربي الجديد"، عن طرح زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، وساطة لحل الأزمة الحالية بين القوى السياسية العربية السنية، والمتعلقة بانتخاب رئيس جديد للبرلمان، والعالقة منذ نحو 8 أشهر. وعلى الرغم من مرور ثمانية أشهر على إنهاء عضوية رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، بقرار من المحكمة الاتحادية العليا بتهمة التزوير، ما زالت الخلافات قائمة على اختيار بديل له بين القوى السياسية العراقية، على الرغم من كل الوساطات التي أطلقتها أطراف سياسية مختلفة داخل البيت السياسي السني، ومن قبل أطراف ضمن التحالف الحاكم في العراق، "الإطار التنسيقي".

ووفقاً لآلية المحاصصة الطائفية المتبعة في العملية السياسية في العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، فإن منصب رئيس البرلمان يكون للعرب السنّة، ورئيس الحكومة للعرب الشيعة، بينما يُمنح الكرد منصب رئاسة الجمهورية الذي يُعتبر منصباً شرفياً، أكثر من كونه يملك أي صلاحيات تنفيذية. وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، لـ"العربي الجديد"، إن "البارزاني طرح، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد واجتماعاته مع قيادات المكون السنّي، نفسه وسيطا لحل الخلافات بشأن انتخاب رئيس البرلمان، وأطلق مبادرة على تلك القيادات لاقت ترحيباً ودعماً، لما يمتلكه من ثقل وثقة لدى تلك الأطراف".

وبيّن كريم أن "مبادرة البارزاني تختصر الاتفاق على مرشح تسوية يكون ممثلاً عن كل المكون السني. وفي حال تعذّر ذلك، يدخل المرشحون للقوى السياسية السنية (سالم العيساوي، ومحمود المشهداني) جلسة انتخاب جديدة مع بداية الفصل التشريعي الجديد، ومن يحصل على أقل الأصوات في الجولة الأولى للتصويت ينسحب لصالح مَن حصل على أعلى الأصوات، وهناك تجاوب مع هذا الطرح من قبل كل الأطراف". وأضاف أن "الحوارات مستمرة وقائمة بين كل الأطراف السياسية، وهناك تواصل أصبح ما بين القوى السنية بعد مبادرة البارزاني وتدخّله لحل الخلافات بشأن انتخاب رئيس البرلمان العراقي الجديد، كما أن هذه المبادرة لاقت أيضاً ترحيب ودعم الإطار التنسيقي".

من جهته، قال العضو في حزب تقدم، عمار الجميلي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك اتفاقات وتحركات سياسية عالية المستوى تريد أن تنهي أزمة انتخاب رئيس البرلمان العراقي المستمرة منذ أشهر طويلة، وسبب هذه الأزمة هو محاولة بعض الكتل السياسية القفز على الاستحقاقات الانتخابية لحزب تقدم". وبيّن الجميلي أن "أي مبادرة لا تعطي لحزب تقدم استحقاقه الانتخابي، سيكون مصيرها الإخفاق. ونحن ما زلنا مصرّين وثابتين على نيل استحقاقنا الانتخابي بالحصول على منصب رئاسة البرلمان العراقي، ونحن فتحنا كل أبواب الحوارات والمفاوضات للوصول إلى حلول لهذه الأزمة، لكننا نحتفظ بحقنا الانتخابي".

وأضاف أنه "في حال لم تعطَ رئاسة مجلس النواب لحزب تقدم، فيجب إعادة الأمور إلى البداية، وأن تُعطَى وتقسم المناصب ما بين الأطراف السياسية السنية حسب النقاط الانتخابية. ولغاية الآن، لا يوجد أي اتفاق نهائي وفق ما طرحه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، والنقاشات مستمرة بشأن تلك المبادرة". وقال القيادي في حزب تقدم: "ندعم أي مبادرة تدفع إلى دخول جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب بمرشح واحد تتفق عليه كل الأطراف السياسية السنية، مع حفظ الاستحقاق الانتخابي لحزب تقدم وحفظ النقاط الانتخابية. فنحن قدمنا 25 نقطة لحصول الحلبوسي على رئاسة البرلمان، فهل ستعيد الأطراف السياسية السنية الوزارات الـ3 مقابل هذه النقاط وأخذ رئاسة البرلمان؟".

ولفت الجميلي إلى أن "مبادرة بارزاني مرحب بها، وهو له ثقله السياسي في العملية السياسية، ونحن مستمرون في الحوارات، لكن على الأطراف السياسية الأخرى التجاوب مع هذه المبادرة، من خلال تقديم التنازلات، وعدم القفز على الاستحقاقات الانتخابية، وننتظر نتائج تلك المبادرة، التي يمكن أن تتضح بشكل أكبر خلال الأيام القليلة المقبلة".

في المقابل، أكد الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم لـ"العربي الجديد"، أن "زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، له تأثير كبير على القوى السياسية السنية، ومبادرته ربما تكون هي الأكثر تأثيراً على الأطراف المتصارعة على رئاسة مجلس النواب، لكن هذا لا يعني نجاح المبادرة بهذه السهولة". وبيّن الحكيم أن "الصراع السني - السني على رئاسة البرلمان العراقي محتدم، وهذا الصراع هو صراع نفوذ وقوة ومحاولة السيطرة على المناطق السنية سياسياً وانتخابياً، والكل يعلم جيداً أن من يقود منصب رئيس البرلمان، سيكون هو صاحب الحظ الأوفر في كسب أصوات الجماهير في المناطق ذات الأغلبية السنية، وسيكون هو المتصدر في قيادة وزعامة المكون السني سياسياً".

وأوضح أن "حزب تقدم يفضّل بقاء منصب رئاسة البرلمان شاغراً، واستمرار محسن المندلاوي رئيساً بالنيابة إلى نهاية الدورة البرلمانية الحالية، بدل المجيء بأي رئيس جديد من خارج الحزب، فهو يعلم جيداً خطورة هذا الأمر على المستوى السياسي والانتخابي، ولهذا نتوقع أن مبادرة البارزاني سيكون مصيرها الإخفاق كحال باقي المبادرات، وسيبقى المندلاوي هو الرئيس لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة، وهذا هو الأقرب للمشهد وفق كل المعطيات".

وأخفق البرلمان العراقي خمس مرات تباعاً في حسم الملف، في ظل انقسام بين الأطراف السياسية في دعم أحد المرشحين للمنصب، وهما محمود المشهداني مرشح حزب تقدم، وسالم العيساوي مرشح الأطراف السنية (السيادة والعزم والحسم)، والذي حصل على أغلبية الأصوات خلال جلسة البرلمان العراقي الأخيرة. وشهدت الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس البرلمان العراقي الجديد التي عُقدت في نهاية مايو/أيار الماضي عراكاً بالأيدي، وأصيب أحد النواب بجرح في رأسه جراء مشاجرة بين نائبين ينتمي كل واحد منهما إلى حزبٍ يُنافس الآخر للظفر بالمنصب، فضلاً عن شتائم وسِباب بين نواب والمندلاوي، الأمر الذي أفضى إلى تدخل قوات الأمن لفض الشجار، ومغادرة معظم النواب ورؤساء الكتل السياسية قاعة البرلمان، ورفع الجلسة حتى إشعار آخر.