حذرت تقديرات إسرائيلية من التداعيات الخطيرة لوثيقة التعاون الشامل التي وقعت عليها، السبت، إيران والصين، على مصالح تل أبيب الاستراتيجية.
ولفت باحث ومعلق إسرائيلي إلى أن هذه الوثيقة "ستعزز من قدرة طهران على المساومة، عند التفاوض على أي اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة".
واعتبر دان شفطان، رئيس "مركز دراسات الأمن القومي"، التابع لجامعة حيفا، الاتفاق الصيني الإيراني "تهديدا استراتيجيا يمكن أن يتطور إلى تهديد وجودي".
وفي تحليل نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم الإثنين، أوضح شفطان أنه في حال استنفدت الصين وإيران كل الطاقة الكامنة في اتفاق التعاون، فإن هذا التطور يمكن أن يحول الشرق الأوسط إلى "ساحة حرب باردة بين القوى العظمى بشكل يمثل تهديدا على إسرائيل".
وشبه شفطان تداعيات التحالف الصيني الإيراني المحتملة بتداعيات التحالف بين مصر في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والاتحاد السوفياتي، في ستينيات القرن الماضي، وهو التحول الذي أدى إلى تقييد حركة إسرائيل لعقد من الزمان.
ولفت إلى أن ما يفاقم الأمور خطورة حقيقة أن وثيقة التعاون الصينية الإيرانية تترافق مع اتجاه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للتصالح مع طهران، وهو ما سيعزز من دافعية إيران لفرض هيمنتها على المنطقة "بشكل سيمثل تحديا استراتيجيا بشكل لم تعرفه إسرائيل من قبل منذ حرب 1973"، على حد تعبيره.
وأوضح أن اتفاق الشراكة الصيني الإيراني يحيد عمليا تأثير استراتيجية العقوبات القصوى التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على إيران، لأنه يمنح طهران آفاقا اقتصادية واسعة، وسيحسن من مكانتها التفاوضية عند الشروع في المباحثات بينها والولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي.
واستدرك بأن التعاون الصيني الإيراني يعزز من فرص تطوير التحالف بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة في مواجهة كل من إيران وتركيا، على اعتبار أن هذه الدول "أقل ثقة واعتمادا" على إدارة بايدن.
وزعم الباحث الإسرائيلي أن الدول العربية، التي ترى في إيران تهديدا لمصالحها، تنطلق من افتراض مفاده أن إسرائيل وحدها التي بإمكانها التصدي لإيران، والعمل على إحباط مخططاتها لفرض هيمنتها على المنطقة؛ مشيرا إلى أن العدد الكبير من الغارات التي تشنها إسرائيل في سورية وغرب العراق، بهدف ضرب قدرة طهران على التمركز عسكريا في هذه المناطق، يضفي صدقية على مكانة إسرائيل لدى هذه الدول.
من ناحيته، رأى جاي إيلستر، المعلق في موقع "وللاه"، أن الاتفاق الصيني الإيراني يدل على فشل استراتيجية "الضغوط القصوى" التي اعتمدتها إدارة ترامب ضد إيران، على اعتبار أن هذا الاتفاق منح طهران الكثير من الآفاق الاقتصادية التي ستمكنها من تجاوز تأثيرات العقوبات الأميركية.
وفي تقرير نشره الموقع، لاحظ إيلستر أن استراتيجية ترامب انتهت بتمكين إيران من تصدير نفطها إلى الصين مقابل استثمارات صينية وتعاون أمني، كما تنص وثيقة التعاون.
ولفت إيلستر إلى أن الاتفاق بين طهران وبكين يقلص من قدرة إدارة بايدن على عزل إيران، التي تبدو في غير عجلة من أمرها للعودة إلى الاتفاق النووي، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لمّحت في نهاية الأسبوع إلى استعدادها لتقديم مواقف مرنة إزاء ظروف العودة للاتفاق، من خلال تصريح مسؤول كبير في الإدارة بأن واشنطن وطهران يمكنهما القيام بـ"خطوات لبناء الثقة في وقت متزامن"؛ في حين تصر إيران على رفع تام للعقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وشدد على أن ما يدفع إسرائيل للقلق أكثر من الاتفاق الصيني الإيراني حقيقة أنه ينص على تعاون الجانبين في مجالات عسكرية واستراتيجية، ضمنها تدريبات ومناورات مشتركة، وأبحاث وتطوير وسائل قتالية، وتبادل معلومات استخبارية وغيرها.