في وقت تتعرض فيه الحكومة الإسرائيلية لانتقادات بسبب حرصها على إخفاء المعلومات المتعلقة بنتائج الهجمات السيبرانية التي تتعرض لها، رجحت مصادر أمنية في تل أبيب أن إيران تقف وراء سلسلة الهجمات الإلكترونية التي استهدفت مرافق أمنية ومدنية حساسة، الليلة الماضية.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست"، اليوم الإثنين، أنّ الهجمات السيبرانية استهدفت بشكل خاص الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وتحديداً مرافق الصناعات الجوية؛ مشيرة إلى وجود مؤشرات على أن الهجمات تأتي في إطار حملة إيرانية لاستهداف الشركات الأمنية الإسرائيلية إلكترونياً. ولفتت إلى أنّ 141 شركة إسرائيلية تعرضت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لهجمات سيبرانية، في حين أن 137 هجوماً استهدفت هذه الشركات خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الذي سبقه.
الهجمات السيبرانية استهدفت بشكل خاص الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وتحديدا مرافق الصناعات الجوية
وبحسب الصحيفة، فإنّ التقديرات السائدة في إسرائيل ترجح أن الهجمات السيبرانية تمثل جزءاً من رد إيران على اغتيال عالم الذرة محسن فخري زادة.
وفي السياق، وجّه معلق إسرائيلي انتقادات لسلوك الحكومة الإسرائيلية التي تحاول عدم الإفصاح عن نتائج الهجمات السيبرانية. وقال يوآف ليمور، المعلق العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، إنه تم التأكد من حدوث الهجمات السيبرانية التي استهدفت الصناعات الجوية الإسرائيلية بعدما قام المهاجمون بتسريب معلومات عن الشركة.
وفي تحليل نشرته الصحيفة اليوم، الإثنين، لفت ليمور إلى أنه في الوقت الذي كشفت الولايات المتحدة عن الهجمات السيبرانية غير المسبوقة التي تعرضت لها والتي لم تتم الإحاطة بعد بكل تداعياتها، فإنّ إسرائيل تتبنى خطاً "متعجرفاً" عبر إخفاء نتائج التهديدات السيرانية التي تتعرض لها.
وأضاف أنّ الهجمات التي نفذتها مجموعة "Pay2Key" استهدفت أيضاً مرافق مدنية حساسة، مثل وزارات الصحة والمواصلات، إلى جانب "الصناعات الجوية".
وأشار إلى أن "الصناعات الجوية" أنكرت في البداية تعرضها لهجمات سيبرانية، لكنها عادت وأكدت ذلك؛ في حين ظلت ترفض تقديم معلومات حول نتائج الهجمات بحجة أن المؤسسة الأمنية في تل أبيب تحظر ذلك. واستهجن ليمور أن صناع القرار في إسرائيل "لم يستوعبوا حقيقة أنه لم يعد في العام 2020 ممكناً إخفاء معلومات، وتحديداً عندما يتمكن المهاجمون من تقديم أدلة تؤكد حدوث الهجمات، وعندما يحددون الوقت الذي يكشفون فيه عن المعلومات التي حصلوا عليها".
وأضاف: "عندما يتم اختراق المؤسسات الحكومية والوكالات الأكثر حساسية في الولايات المتحدة، فإن هذا يدل على أن إسرائيل أيضاً ليست محصنة في مواجهة هذه الهجمات". وأوضح أنه على الرغم من أن الهجمات لم تستهدف حتى الآن معلومات أمنية أو اقتصادية حساسة "إلا أن كل جهة (معادية) تستثمر جهوداً كافية وأموالا فإنها ستتمكن من اختراق الكثير من المواقع وتلحق أضراراً كبيرة في إسرائيل".
وأشار إلى أن المهاجمين استهدفوا تحديداً شركة "ألتا" المتفرعة عن شركة "الصناعات الجوية" والمتخصصة في مجال منظومات الإنذار المبكر والقيادة والتحكم والحرب الإلكترونية، مشيراً إلى أن المنظومات المحوسبة لهذه الشركة تحتوي على معلومات بالغة الحساسية.
وشدد على أن البرمجيات والتقنيات التي تنتجها "ألتا" لا تنتجها أي شركة في إسرائيل والعالم، لافتاً إلى أن منظومات التحكم التي تنتجها الشركة تعد مركباً مهماً من منظومات الدفاع الجوي المتقدمة التي تنتجها إسرائيل، ولا سيما منظومات "القبة الحديدية"، و"العصا السحرية". وأبرز حقيقة أنّ الشركة المستهدفة "تساهم بشكل حاسم في تعزيز التفوق النوعي الإسرائيلي" إلى جانب مساهمتها في عوائد التصدير للخارج.
وحذر من أن "الخطورة لا تكمن فقط في إمكانية السيطرة على معلومات الشركة بل أيضاً في المعلومات الحساسة للجيش الإسرائيلي المرتبطة بها"، إلى جانب ارتباط العديد من جيوش العالم بمنتوجاتها.
ويرى ليمور أن إيران ليست الوحيدة التي يمكن أن تقوم بشن هجمات على المرافق الحيوية الإسرائيلية، مشيراً إلى إمكانية أن تلعب كل من الصين وروسيا دوراً في ذلك، إلى جانب أن المجموعات المدنية غير المرتبطة بدول يمكن أن تلحق أيضاً أضراراً هائلة.