نشر مركز "سيتا" التركي للأبحاث والدراسات السياسية (غير حكومي) تقدير موقف حول النتائج المتوقعة لقمة قادة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بأزمة شرق المتوسط، في 24 و25 سبتمبر/ أيلول الحالي، وقبله اجتماع وزراء الخارجية غداً الاثنين.
وتحدث المركز، الذي يعمل من تركيا وله مكاتب في برلين وبروكسل وواشنطن ويعرف بقربه من الحكومة، عن وجود جهود كبيرة في الكواليس للدفع بقادة الاتحاد لفرض عقوبات قاسية على تركيا بسبب أزمة شرق المتوسط، مشيراً إلى الدور الرئيس الذي تؤديه كل من فرنسا واليونان وقبرص في تأجيج العداء من باقي الدول الأوروبية تجاه تركيا.
وبحسب التقرير، فإن هناك جهودا في المقابل لا تريد أن تقطع حبل الود السياسي مع تركيا، وتدفع نحو اتخاذ قرارات عادلة وعقلانية.
إلا أن التقدير يقول إن هناك أربعة أسباب تجعل من غير الممكن أن يتصرف الاتحاد الأوروبي بشكل عادل وعقلاني في القرارات التي سيتم اتخاذها في القمة المرتقبة حول النزاع في شرق المتوسط مع اليونان وقبرص صاحبتي العضوية، في مقابل تركيا التي تنتظر على أبواب الاتحاد منذ سنوات.
فرنسا قبل كل شيء
يقول تقدير الموقف إن فرنسا لن تدع الاتحاد الأوروبي يتحرك بشكل عادل وعقلاني في المسألة التركية، وذلك لأن إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ترى تركيا عائقاً أمام تحقيق أهدافها في ليبيا. كما أنها تريد استخدام النزاع بين أنقرة وأثينا في شرق المتوسط لحشر تركيا في الزاوية. وتريد أن تضع تركيا تحت الضغط لدفعها من أجل اتخاذ خطوة إلى الوراء في الملفين السوري والليبي، وعليه تريد فرنسا استخدام الاتحاد الأوروبي لتحقيق ذلك.
خلاف تاريخي
بسبب الخلافات القديمة بين أعضاء في الاتحاد الأوروبي وتركيا فإنه من الصعب أن يكون سلوك الاتحاد محايداً وعادلاً، بحسب تقدير الموقف.
ويعود للأذهان الخلاف حول المسألة القبرصية، "عندما تمت مكافأة الجانب اليوناني من الجزيرة بمنحه عضوية الاتحاد الأوروبي، بعد أسبوع فقط من رفضه الاستفتاء على توحيد الجزيرة وفق خطة الأمين العام للأمم المتحدة في حينه كوفي عنان للحل عام 2004، في الوقت الذي ما زال الاتحاد يعاقب الجانب التركي الذي قال نعم للخطة الأممية وللاستفتاء". وهذا الأمر يؤشر إلى موقف الأوروبيين المتساهل مع اليونان وقبرص اليونانية.
أردوغان والعدالة والتنمية
يتحدث تقدير الموقف عن نشوء جماعات ضغط في عدد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا والنمسا وهولندا وبلجيكا، تهدف للتخلص من حكم العدالة والتنمية ورئاسة رجب طيب أردوغان، خصوصاً أن السياسة المستقلة عن الغرب التي تنتهجها أنقرة في السنوات الأخيرة أزعجت هذه الجماعات التي تنشط ضد تركيا، مثل اللوبيين الأرمني والإسرائيلي "اللذين يهدفان لإسقاط حزب العدالة والتنمية المحافظ" مستخدمين شتى الطرق لتحقيق ذلك، واللذين يوجدان في وسائل الإعلام أيضا.
وعليه يبدو الاحتمال ضئيلاً أن يكون اجتماع الاتحاد الأوروبي في بروكسل عادلاً في مسألة شرق المتوسط.
أمن الطاقة
يرى الاتحاد الأوروبي في توسع النفوذ التركي في مجال الطاقة شرقي البحر المتوسط تهديداً على أمنه الاستراتيجي، ومعيقاً لخطط نقل مصادر الطاقة إلى أوروبا عبر المتوسط. ولذلك تتبع الدول الأوروبية سياسة لمحاصرة النفوذ التركي في محاولة للتقليل من تأثير هذا النفوذ.
وبحسب تقدير الموقف، فإن شعور أوروبا بهذا التهديد يمكن أن يكون عائقاً أمام قادة الاتحاد لاتخاذ قرارات عادلة ومنصفة أثناء اجتماعهم المقبل حول أزمة شرق المتوسط.
وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات السلبية، حسب تقدير الموقف، فإن هناك أطرافاً في الاتحاد الأوروبي معنية باستمرار التعاون الاقتصادي الكبير مع تركيا، وستمنع اتخاذ قرارات تزعجها، وذلك لأن أنقرة تلعب دوراً مهما في حماية أمن أوروبا وفي مسألة اللاجئين.