تمسك لبناني بمبادرة فرنسا رغم اعتذار أديب... ومؤتمر صحافي لماكرون الأحد

26 سبتمبر 2020
اتفقت معظم القوى اللبنانية على التمسك بالمبادرة الفرنسية رغم اعتذار أديب (حسين بيضون)
+ الخط -

اتفقت معظم القوى اللبنانية على التمسك بالمبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك بعدما اعتذر رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب، في وقت سابق اليوم السبت، عن عدم متابعة مهمّة تشكيل الحكومة، بعد لقاء عقده لمدة عشرين دقيقة مع الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، وفي وقت ثمنت بعض القوى موقف أديب بالاستقالة، دعت أخرى إلى الاتفاق على خليفة له.

وذكرت الرئاسة الفرنسية، مساء السبت، وفق ما أورته "رويترز"، أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون سيعقد مؤتمراً صحافياً، غداً الأحد، يتناول الوضع السياسي في لبنان. 

واعتذر أديب، في وقت سابق اليوم، عن عدم متابعة مهمّة تشكيل الحكومة، بعد لقاء عقده لمدة عشرين دقيقة مع الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا.

وقال أديب في مؤتمر صحافي: "أعتذر عن عدم متابعة مهمة تشكيل الحكومة"، قبل أن يضيف: "تبين لي أن التوافق الذي قبلت من أجله هذه المهمة الوطنية لم يعد قائماً".

وشدد أديب على أنّ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجب أن تستمرّ، لأنها تعبّر عن نيّة صادقة من فرنسا تجاه لبنان، وهو ما عبر عنه الرئيس اللبناني لاحقاً بالقول إن "المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تزال مستمرة، وتلقى مني كل الدعم وفق الأسس التي أعلنها الرئيس الفرنسي".

من جهتها، أصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بياناً جاء فيه أن أديب شرح للرئيس ميشال عون "الصعوبات والمعوقات التي واجهته في عملية تشكيل الحكومة، وقد قدّم له كتاب اعتذاره عن عدم تشكيلها".

وشكر عون أديب على الجهود التي بذلها وأبلغه بقبول الاعتذار، وفق البيان الذي أشار إلى أنّ رئيس الجمهورية سيتخذ الإجراءات المناسبة وفقاً لمقتضيات الدستور.

أما رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، فقال إنّ "حركة أمل" التي يتزعمها متمسكة بالمبادرة الفرنسية. وجاء في بيان لمكتبه "لا أحد متمسكا بالمبادرة الفرنسية بقدر تمسكنا بها، ولكن هناك من أغرقها في ما يخالف كل الأصول المتبعة"، مضيفاً "نحن على موقفنا بالتمسك بالمبادرة الفرنسية وفقاً لمضمونها".

وكان رئيس "تيار المستقبل"، سعد الحريري، قد أصدر بياناً جاء فيه: "مرة جديدة يقدم أهل السياسة في لبنان لأصدقائنا في العالم نموذجا صارخا عن الفشل في إدارة الشأن العام ومقاربة المصلحة الوطنية. اللبنانيون يضعون اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن عدم مواصلة تشكيل الحكومة، اليوم، في خانة المعرقلين الذين لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، وقد كشفوا عن أنفسهم في الداخل والخارج ولكل من هب من الأشقاء والأصدقاء لنجدة لبنان بعد الكارثة التي حلت ببيروت".

وتابع "نقول لأولئك الذين يصفقون اليوم لسقوط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنكم ستعضون أصابعكم ندما لخسارة صديق من أنبل الأصدقاء، ولهدر فرصة استثنائية سيكون من الصعب أن تتكرر لوقف الانهيار الاقتصادي ووضع البلاد على سكة الإصلاح المطلوب".

وشدد على أنّ "مبادرة ماكرون لم تسقط، لأن الذي سقط هو النهج الذي يقود لبنان واللبنانيين إلى الخراب، ولن تنفع بعد ذلك أساليب تقاذف الاتهامات ورمي المسؤولية على الآخرين ووضع مكون رئيسي لبناني في مواجهة كل المكونات الأخرى".

ويأتي موقف بري المتمسك بالمبادرة الفرنسية على الرغم من أنّ "حركة أمل" و"حزب الله" لم يقابلا مبادرة الحريري التي أطلقها بشأن تشكيل الحكومة بموافقة فورية، باعتبار أنّ "الثنائي الشيعي" تمسّك بمبدأ تسمية الوزراء أيضاً، وليس فقط بأن تكون وزارة المال من حصة الطائفة.

وشكلت وزارة المال عقدة خلال مباحثات تشكيل الحكومة، نتيجة تمسك "الثنائي الشيعي بها"، وقبل أيام، قرّر الحريري مساعدة أديب في التشكيل بتسمية وزير مالية مستقلّ من الطائفة الشيعية يختاره هو، شأنه شأن الوزراء "على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء"، إلا أنّ مبادرته لم تلق النجاح.

بدورهم، أسف رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، في بيان، لـ"أن يصار إلى الالتفاف على الفرصة التي أتيحت للبنان"، مؤكدين وقوفهم "إلى جانب الدكتور مصطفى أديب في اعتذاره عن عدم الاستمرار في مهمته التي جرى الإطاحة بها"، وآملين "أن يصغي الجميع للضرورات والاحتياجات الوطنية، وأن يدركوا مخاطر التصدع والانهيار من دون حكومة قادرة وفاعلة وغير حزبية".

وعن المبادرة الفرنسية، قال البيان إنه "من المؤسف أن يصار إلى الالتفاف على هذه الفرصة التي أتيحت للبنان ومن ثم إلى إجهاض جميع تلك الجهود، لا سيما أنه قد أصبح واضحا أن الأطراف المسيطرة على السلطة لا تزال في حالة إنكار شديد ورفض لإدراك حجم المخاطر الرهيبة التي أصبح يتعرض لها لبنان. وبالتالي هي امتنعت عن تسهيل مهمة ومساعي الرئيس المكلف ما أدى إلى إفشالها".

وفي مواقف القوى اللبنانية، دعا "التيار الوطني الحر" إلى الإسراع بالاتفاق على شخصية لتشكيل الحكومة، مشدداً على أن يكون هناك "اتفاق مع الرئيس المنوي تكليفه حول الحكومة وصيغتها لكي لا يتكرر ما جرى مع أديب".

ودعا "التيار الحر"، في بيان صدر عن الهيئة السياسية للتيار (حزب رئيس الجمهورية)، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمواصلة مبادرته "التي تقوم على أولوية تشكيل حكومة مهمة تنفذ البرنامج الإصلاحي، وتكون مؤلفة من وزراء يتمتعون بالقدرة ‏على تنفيذ البرنامج من دون تقييدها بشروط مسبقة".

وفي السياق، وصف رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط كل من يعرقل تشكيل الحكومة بـ"المجرمين".

وشدد، في حديث لصحيفة "لوريان لوجور"، على أنّ "التأخير في تشكيل الحكومة هو نتيجة حسابات خارجية، وهذا يحصل في وقت لم يعد الوضع الاقتصادي والاجتماعي يحتمل مثل هذه المناورات".

من جهته، اعتبر رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أنّ "المبادرة الفرنسية فرصة ذهبية للبنان ويجب أن تستمر عبر رئيس وفاقي"، داعياً، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى "الإسراع بتشكيل حكومة وفاق لإنقاذ لبنان مما هو فيه".

رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أشاد باعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب قائلاً "تهاني الحارة للرئيس أديب، ولو لم نكن قد سميناه، لأنه أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكن من أن يترجم قناعاته".

أما رئيس "حزب الكتائب" النائب المستقيل سامي الجميل، فغرد عبر "تويتر" قائلاً إنه "لا خلاص بوجود هذه المنظومة المدمرة والمستسلمة لإرادة حزب الله وسلاحه. أدعو كل نائب إلى أخذ القرار الشجاع والاستقالة من المجلس النيابي ليتمكن الشعب اللبناني من استعادة القرار وإنقاذ مستقبله".

بدورها، رأت "الجماعة الإسلامية" (تيار الإخوان)، في بيان نقلته "الوكالة الوطنية للإعلام، أنّ "الرئيس المكلف قام بما أملاه عليه واجبه الوطني وأتاحه له الدستور لناحية تشكيل الحكومة، ورفض أي تجاوز للمواد الدستورية الناظمة لعملية تشكيل الحكومات".

وحملت الجماعة "الطبقة السياسية مسؤولية الفشل وما وصلت إليه الأمور، وهي المسؤولة المباشرة عن فتح المجال للتدخلات الخارجية من أكثر من طرف وجهة، حتى تحول البلد إلى ساحة لتصفية الحسابات أو دمية بين المتلاعبين".

وقدّمت فرنسا مبادرة لحلّ الأزمة اللبنانية، وذلك خلال زيارتين متتاليتين أجراهما الرئيس الفرنسي بعيد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب الماضي، التي خلّفت مئات القتلى والجرحى وشرّدت الآلاف، إضافة إلى الخسائر المادية التي قدّرت بمليارات الدولارات، واستقالت على إثرها حكومة حسان دياب.

وأمهل ماكرون الأطراف اللبنانية فترة أسبوعين لتشكيل حكومة، ما لبثت أن تمدّدت بعد فشل أديب في تشكيل حكومته، لأسباب أبرزها تمسك ما يُسمى "الثنائي الشيعي" (القوتان الشيعيتان في البلد حركة أمل وحزب الله) بالوزارات السيادية، وخصوصاً المالية.

وتقوم المبادرة الفرنسية على مساعدة لبنان من خلال تخصيص مؤتمر دعم دولي، على أن تقف باريس إلى جانب البلاد في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها. بيد أنّ هذه المساعدات التي شدد ماكرون، مراراً وتكراراً، على أنها لن تكون شيكاً على بياض للسياسيين اللبنانيين، بل مشروطة بإصلاحات، تبدأ بتشكيل حكومة مهمات خلال مهلة 15 يوماً،(مددت المهلة استكمالاً للمباحثات والمشاورات ولعدم سقوطها)، ومن ثم مكافحة الهدر والفساد في قطاعات الدولة.

المساهمون