تتباين التحليلات حول ما ستؤول إليه الأوضاع في شمال غرب سورية، وفي محافظة إدلب بشكل خاص، بسبب اشتعال جبهاتها، وبسبب النية الواضحة لدى روسيا في تمكين النظام من السيطرة على جنوب الطريق أم 4 الاستراتيجي، ما يعني السيطرة على كل منطقة جبل الزاوية وريف إدلب الجنوبي. وتركز التحليلات بشأن مصير المنطقة بشكل أساسي على تفنيد وتحليل التفاهمات التركية الروسية (المبهمة أصلاً) حول المنطقة، وعلى الأداء العسكري لقوات كل منهما على الأرض، مع استبعاد الدخول في تحليل موازين القوى بين قوات النظام وفصائل المعارضة، وذلك كون هذا الأمر يعد ثانوياً نسبياً، قياساً بإرادة كل من موسكو وأنقرة في حسم أية معركة على الأرض.
ومما يزيد من تباين التحليلات عدم إفصاح أي من الدولتين عن حقيقة التفاهمات بينهما حول المنطقة، والاقتصار على إعلان بعض النقاط التي لا تكفي لرسم تصور عام للاتفاق، أو التفاهم، إضافة إلى التباين بين خطاب مسؤولي الدولتين، واتهام كل طرف للآخر بنقض الاتفاق. ويضاف إلى التناقض بين أداء القوى العسكرية لكل دولة في إدلب، وبين ما يتم الإعلان عنه على أنه تفاهمات. وكل ذلك يجعل التحليلات أقرب إلى تمنيات أو تنبؤات. فيتم مثلاً قراءة إنشاء نقاط عسكرية تركية في منطقة جبل الزاوية على أنها حدود خطوط الاشتباك المسموح بالوصول إليها، وأنها دليل على عدم سماح أنقرة للنظام بالتقدم نحو خط أم 4، كما أنها لن تسمح بموجات نزوح جديدة. في موازاة ذلك يقرأ محللون آخرون القصف اليومي للطيران العسكري الروسي لتلك المناطق على أنه مؤشر على عملية عسكرية وشيكة لتمكين النظام من المنطقة على مراحل. وتذهب بعض التحليلات بعيداً بالحديث عن تحويل إدلب إلى "دويلة" تابعة لتركيا وعن تسليمها للنظام على مراحل كنموذج المنطقة الجنوبية (محافظتي درعا والسويداء) من خلال تسويات تتم بالتدريج.
وبانتظار إنجاز الوضع النهائي للمحافظة، والذي لن يتحقق ما لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح وصريح ومعلن بجدول زمني، وبمباركة دولية، فإن المؤشر الأهم يرتبط فعلياً بكمية الأموال التي تصرف من أجل إنشاء بنى تحتية للمنطقة ومؤسسات خدمية ومالية حقيقية فيها. حينها يمكن التنبؤ بمصير المنطقة استناداً للجهة التي تبذل الأموال في هذا المجال، وتبقى المؤشرات الأخرى لا تعدو أكثر من كونها تحركات تكتيكية.