كشف دبلوماسيون مصريون لـ"العربي الجديد"، عن "طبيعة تحركات القاهرة خلال الفترة الأخيرة لاحتواء تداعيات الأزمة السياسية في السودان، المرتبطة بشكل مباشر بأزمة سد النهضة الإثيوبي، والتي تسعى مصر للوصول إلى حل بشأنها خلال الفترة المقبلة".
مبادرة سعودية مصرية لمصالحة البرهان وحمدوك
وقال دبلوماسي مصري، مطلع على ملف العلاقات العربية الأفريقية، إن الفترة الماضية "شهدت مبادرة سعودية، جاءت بتنسيق مع القاهرة، للمصالحة وتهدئة الأجواء بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، قائد قوات الدعم السريع".
وكان دقلو قد انتقد في تصريحات تلفزيونية أخيراً، المسار الذي اتخذه الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان العام الماضي، قائلاً إنه فشل في إحداث التغيير. وقال دقلو: "للأسف الشديد، نحن لم ننجح في التغيير، لأسباب لن أتحدث عنها الآن"، متابعاً: "فشلت الحكاية. والآن أصبحنا أسوأ".
التسليم بالهزيمة في الحالة السودانية بالنسبة لمصر، يعني ترك الساحة خالية لإثيوبيا
وبحسب الدبلوماسي المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، فإنه "على الرغم من فشل كافة الرهانات المصرية على بعض الأطراف خلال الفترة الأخيرة، من السياسيين والقوى المدنية السودانية التي تواصلت معها، إلا أن القاهرة لا تزال متمسكة بالحضور الفعال في المشهد السوداني، نظراً للتأثير المباشر للخرطوم على الوضع في مصر، وفي أزمة سد النهضة تحديداً"، وأضاف: "التسليم بالهزيمة في الحالة السودانية بالنسبة لمصر، يعني ترك الساحة خالية تماماً لإثيوبيا، ولأي مخطط لا يراعي المصالح المصرية".
وأوضح الدبلوماسي أن "التحركات المصرية الأخيرة، والتي تأتي بالتنسيق مع السعودية، تهدف في المقام الأول للحفاظ على قوة المكوّن العسكري في السودان، الذي ترى القاهرة أنه وحده القادر على ضبط إيقاع المشهد السوداني ومنعه من الانهيار".
خلاف حول وقف المفاوضات السودانية
وكان البرهان قد أعلن بشكل مفاجئ عن جملة قرارات في الرابع من يوليو/ تموز الماضي، تضمّنت انسحاب المكوّن العسكري من المفاوضات السياسية لإفساح المجال أمام القوى المدنية للاتفاق على تشكيل الحكومة واستكمال الهياكل الانتقالية، وذلك أثناء وجود حميدتي في دارفور. وثارت وقتها الكثير من التأويلات بأن حميدتي الذي كان يرأس وفد التفاوض مع المكون المدني، ليس راضياً عن وقف المفاوضات التي كانت قد بدأت برعاية سعودية أميركية، وما دعم هذه التكهنات بقاء حميدتي في دارفور أسابيع.
تأويلات بأن حميدتي لم يكن راضياً عن قرار وقف المفاوضات السياسية
يُذكر أن إعلان البرهان في يوليو الماضي تضمّن أنه "سيتم حل مجلس السيادة، وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية، وليكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع، بعد تشكيل الحكومة المدنية".
وكان حميدتي قد أبدى أخيراً استعداداً للترشح لمنصب الرئيس في السودان في حال أجريت انتخابات، وردّ في تصريحات إعلامية على احتمال ترشحه لمنصب الرئيس، بالقول "لن ندخل في موضوع الترشح هذا، لكن إذا رأينا السودان ينهار سنكون حاضرين، ونحن جزء من الشعب السوداني، وما ينطبق على الآخرين ينطبق علينا"، وأردف "ليس لدي طموح سياسي، لكن الواقع فرض عليّ أن أكون موجوداً، وهذه حقيقة يجب أن أقولها. وإذا أتى أناس وملأوا هذا الفراغ، وهم على قدر المسؤولية، بالتأكيد سنساعدهم كي لا ينهار بلدنا".