مع إعلان أوكرانيا، الأسبوع الماضي، إحباط هجوم إلكتروني روسي استهدف إحدى أكبر منشآتها للطاقة، ازدادت المخاوف في ألمانيا والغرب من تعرض بنيتهم التحتية الحيوية لهجوم مماثل.
وحذر رئيس مجلس الأمن السيبراني الألماني، هنز فيلهلم دون، في حديثه مع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أخيرا، من هجمات إلكترونية تقودها روسيا، قائلاً إنه "في ضوء التطور العسكري الحالي في أوكرانيا، فإن البنية التحية، مثل مؤسسات الدولة، بينها الصحية والمالية، في وضع خطير".
وأبرز فيلهلم دون، الذي يقدم المشورة للشركات والسلطات وصناع القرار السياسي في ألمانيا، أنه "بمجرد اختراق النظام يمكن للمتسللين العبث بمحتويات تلك الشبكات"، متوقعاً أن ينفذ هؤلاء القراصنة المزيد من الهجمات الإلكترونية.
هجمات إلكترونية أُعدِت لألمانيا
كذلك، حذّر هنز فيلهلم دون من مخاطر البرامج الضارة المستخدمة على موردي الطاقة ومشغلي البنية التحتية الحيوية، لا سيما أنه لا يعود بالإمكان التحكم بالأنظمة بعد الهجوم، وهذا ما قد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي أو تلف البنية التحتية.
وافترض أن هجمات مماثلة قد أُعدت لألمانيا، واخترقت أنظمة سكادا الألمانية من قبل قراصنة معادين، وهم ينتظرون اللحظة المناسبة للهجوم، لافتاً إلى أهمية اختبار جميع أجهزة الطوارئ الخاصة بفشل الأنظمة.
ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 فبراير/شباط، أصدر العديد من الخبراء ووكالات الأمن السيبراني تحذيرات بشأن إمكانية لجوء روسيا لشن هجمات إلكترونية محتملة ضد البنية التحتية الحيوية لأهداف غربية، مع إمكانية تنفيذ هجمات مضادة ليتحول الأمر إلى ما يشبه الحرب السيبرانية المفتوحة بين الجانبين.
وأردف الخبير دون أنه "على المدى الطويل، يجب أن يكون هناك تبادل للمعلومات المتعلقة بالأمان من أجل تحديد نقاط الضعف والبرامج الضارة ودرئها في مرحلة مبكرة".
وشدد على ضرورة أن تنعكس أهمية الأمن السيبراني في الميزانية لتدابير حماية تكنولوجيا المعلومات.
من المعلوم أنه من أموال الصندوق المخصص للدفاع، سيتم توسيع الدفاع السيبراني للجيش الألماني.
ألمانيا هدف ضعيف
وفي السياق، أبرزت شبكة "أس دبليو آر" الإخبارية عن خبراء دوليين بارزين قولهم إن "ألمانيا هدف ضعيف".
ووصف رئيس قسم المعلوماتية في معهد هولون والمتخصص في حماية البنية التحتية الحيوية، هاريل ميناشري، حالة التهديد من منظور دولي، مشيراً إلى أن "روسيا دولة رائدة في الهجمات الإلكترونية".
وفي رأيه، فإن الحظر المفروض على روسيا سيؤدي إلى زيادة الأنشطة الإلكترونية، والتي من المرجح أن تستهدف في المقام الأول "الأهداف السهلة للدول الغربية".
وأوضح أنه "مثلاً كلما كانت الوحدات أصغر بين شركات قطاع إمدادات الطاقة والموردين كانت مفضلة لدى المهاجمين وأسهل للمتسللين للاختراق، نظراً لوجود قدرة أقل للتدابير الوقائية".
وفي هذا المجال، دعا اتحاد الشركات البلدية لإنشاء مركز دفاع إلكتروني وطني حقيقي، ودعم مالي للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في مجال الأمن السيبراني.
مطالب بدفاع سيبراني آمن
ومع زيادة المخاطر من وقوع هجوم الكتروني خطير، ارتفعت الأصوات المطالبة بدفاع سيبراني آمن وأكثر نشاطاً في ألمانيا.
وقال المتحدث باسم السياسة الرقمية في كتلة المسيحي الديمقراطي، راينهارد براندل، إنه يجب على الدولة أن تكون قادرة على حماية نفسها من أي هجوم إلكتروني.
وانتقد ما وصفه بـ"تقصير" ائتلاف "إشارات المرور" الحاكم في هذا المجال، مبرزاً أن "لدى الاتحاد المسيحي مقترحا بالسماح للبوندسفير (الجيش الألماني) باستخدام قدراته للدفاع عن البنية الحيوية في جميع الأوقات، إن كان في السلم أو الحرب لصد الهجمات السيبرانية، واكتساب الخبرة العملية تحت سلطة المكتب الفيدرالي لأمن المعلومات".
الهجومات الإلكترونية
وعن الأنواع المستخدمة في الهجومات الإلكترونية، قال الخبير في الأمان الإلكتروني في شركة أمن تكنولوجيا المعلومات "أسيت"، تورتسن أوربنسكي، في حديث مع "اس دبليو آر"، إن هذه البرامج الحديثة الضارة اكتشفت أخيراً في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بصيغة جديدة لما يسمى بالبرامج الضارة، والتي أطلق عليها الخبراء اسم "إندستروير 2".
وبحسب الخبير، فإن هذه البرنامج تتميز بحقيقة أنها تتولى على وجه التحديد التحكم بالضوابط الصناعية لمكونات الأجهزة المختلفة.
ثمار معلّقة
على المقلب الآخر، توقع ماتياس فاهلين، مدير التحريات والتهديدات في شركة الأمن السيبراني "ترويسك"، والذي يعمل لصالح السلطات السويدية منذ 35 عاماً، بأن يكون لدى ألمانيا بعض المشاكل في اكتشاف مثل هذه التهديدات.
وقال: "نعتقد أن ألمانيا تتخلف عن الدول الغربية الأخرى، وبالتالي يمكن الآن وعن كثب استهداف المنظمات الألمانية، نظراً لأن الدول الأخرى قد حسّنت بشكل كبير من دفاعات أمنها السيبراني في السنوات الأخيرة".
وأضاف أن "الأهداف الألمانية ثمار معلقة لمجرمي الإنترنت والجهات الفاعلة الحكومية على حد سواء"، موضحاً أن "المهاجمين يأخذون دائماً المسار الأقل مقاومة لتحقيق هدفهم".
واستدرك أنه "حتى الآن، قدم حاجز اللغة قدراً معيناً من الحماية، لكن المنظمات لديها الآن المال لتوظيف أفراد يتحدثون الألمانية أيضاً".
وكان المكتب الفيدرالي لأمن المعلومات أشار، أخيراً، في بيان، إلى أنه يقوم بتقييم التهديدات التي تشكلها البرامج الضارة الجديدة والهجمات غير مرجحة، من دون النفي أنه تم التعرف على تهديدات متزايدة في ألمانيا.