تستمر لليوم الثاني على التوالي عملية "تسوية أوضاع" المطلوبين للنظام السوري في بلدة المزيريب بريف درعا الغربي جنوبيّ سورية، فيما تبرز مخاوف من عملية عسكرية واسعة يحضر لها النظام السوري وروسيا شمال غربيّ البلاد، في ضوء تزايد وتيرة التصعيد العسكري من جانبهما بهدف السيطرة على قرى وبلدات جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وذكر الناشط محمد الشلبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ قوات النظام والشرطة العسكرية الروسية، واصلت، اليوم الخميس، عمليات تفتيش المنازل في بلدة المزيريب بحثاً عن أسلحة وذخائر، بالتزامن مع استمرار عمليات "التسوية" التي شملت حتى الآن نحو 240 شخصاً من المسلحين المحليين أو من المدنيين المطلوبين للخدمة العسكرية في جيش النظام، وذلك تطبيقاً للاتفاق الذي جرى التوصل إليه، أول أمس الثلاثاء، بين وجهاء البلدة واللجنة الأمنية التابعة للنظام برعاية روسية، ودخل حيّز التنفيذ صباح أمس الأربعاء.
ووفق وكالة "سانا" التابعة للنظام، فقد سلّم العشرات من أبناء البلدة أسلحتهم، من بينها بنادق آلية وقاذفات محمولة على الكتف وصناديق ذخيرة، فيما جرت تسوية أوضاع أكثر من 200 شخص، من بينهم مسلحون وعسكريون منشقون ومتخلفون عن الخدمة العسكرية، وذلك في اليوم الأول من تنفيذ اتفاق بلدة المزيريب. وأضافت أنّه رُفع اليوم علم النظام فوق بلدة المزيريب بعد انتشار قوات النظام في البلدة.
وفي الإطار نفسه، اجتمع، مساء أمس الأربعاء، وجهاء عشائر مدينة طفس في ريف درعا مع ممثلين عن العسكريين والمدنيين، وتوافق الجميع على تجنيب المدينة الحرب والدمار وتشريد سكان المدينة، وفوضوا إلى اللجنة المركزية وعدد من وجهاء المدينة إجراء مفاوضات مع النظام السوري، لأخذ الضمانات التي تحفظ أمن المدينة وسلامتها وسلامة أهلها.
إلى ذلك، أعادت قوات النظام السوري تمركزها في حاجز الدوار في مساكن جلين بريف درعا الغربي، حيث أرسلت عشرات العناصر وعدداً من الآليات الثقيلة، وذلك بعد أن انسحبت منه العام الفائت، وفق موقع "تجمع أحرار حوران".
ويُعَدّ حاجز دوار مساكن جلين نقطة وصل بين مدينة طفس وبلدات منطقة حوض اليرموك غربيّ محافظة درعا.
وكانت قوات النظام قد فقدت، أمس الأربعاء، خمسة من عناصرها جراء تفجير عبوة ناسفة بسيارة عسكرية قرب قرية الفقيع شماليّ درعا، تبع ذلك استنفار واسع لعناصرها وردّت باستهداف القرى المحيطة بالقذائف والرشاشات الثقيلة.
من جهة أخرى، اعتقلت قوات النظام شابين من مدينة جاسم في أثناء ذهابهما إلى عملهما على حاجز المفرزة بين مدينة الحارة وبلدة نمر، دون معرفة الأسباب بحسب "تجمع أحرار حوران".
وفي السويداء، بدأت حركة "رجال الكرامة" بفكّ الطوق الأمني الذي فرضته على بلدة عتيل، بهدف حصار مليشيا "الفلحوط" التابعة لمخابرات النظام السوري، وذلك تسهيلاً لحركة المدنيين، وبعد جملة اعتقالات نفذتها الحركة تجاه من أسمتهم "المتهمين بجرائم وانتهاكات" في مناطق متفرقة من السويداء.
وبحسب شبكة "السويداء 24" المحلية، فإنّ مبادرات عديدة من مشيخة العقل ووجهاء السويداء تخللت التوترات، أمس الأربعاء، بهدف منع أي اقتتال داخلي بين الفصائل المحلية، رغم أن الحركة تعرضت لإطلاق نار من عناصر تابعين لمخابرات النظام خلال حملات الاعتقال والاستنفار.
التصعيد في إدلب
وشمال غربيّ البلاد، تتعزز مخاوف من عملية عسكرية واسعة يحضر لها النظام السوري وروسيا تستهدف السيطرة على منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
وتحدثت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام عن "استكمال الجيش العربي السوري استعداداته لشنّ عملية عسكرية محتملة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الغربي لطرد المسلحين المدعومين من النظام التركي، في حال اتخاذ قيادته العسكرية قرار الحرب لاستعادة المنطقة المحتلة، وذلك توازياً مع لقاءات بين مبعوث الرئيس الأميركي ومسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين، والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف".
وبحسب الصحيفة، فإن العملية إن نُفِّذت ستكون بدعم جوي روسي، وتستهدف دفع مسلحي المعارضة إلى شمال الطريق الدولية "إم 4" الواصلة بين محافظة حلب والساحل السوري، "تمهيداً لافتتاحه أمام حركة المرور والترانزيت بموجب تفاهمات روسية أميركية سيضع خطوطها العريضة اللقاء المقرر بين مبعوثي الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف".
من جهتها، ذكرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير لها، اليوم الخميس، أنّ القوات الروسية وقوات النظام السوري "ارتكبت انتهاكات تشكل جرائم حرب خلال هجمات غير مشروعة على منطقة جبل الزاوية وما حولها"، مشيرة إلى مقتل قرابة 61 مدنياً، 33 منهم على يد القوات الروسية، بينهم 20 طفلاً، واستهداف 13 منشأة حيوية منذ يونيو/حزيران حتى سبتمبر/أيلول 2021.
وقال التقرير إنه "رصد تصعيداً عسكرياً من قبل قوات الحلف السوري الروسي، مع بداية يونيو/حزيران المنصرم 2021، استهدفت به منطقة جبل الزاوية بهجمات على مناطق مدنية، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وحصول أضرار مادية كبيرة في منشآت ومرافق حيوية، موضحاً أنَّ هذا التصعيد جاء بعد فترة هدوء نسبي امتدت على مدى أشهر، على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار التركي الروسي المبرم في مارس/آذار 2020.
وتحدث التقرير عن أهمية منطقة جبل الزاوية وسرد واقع السيطرة عليها من قبل أطراف النزاع، وعرضَ أبرز النقاط التي ميزت الحملة العسكرية الأخيرة منذ بداية يونيو/حزيران 2021 عن الحملات السابقة، حيث الاستخدام المكثف لطائرات الاستطلاع ولذخائر ذات نوعية خاصة من حيث دقة إصابة الهدف والتدمير الكبير للمكان المستهدف موجهة عبر دارة ليزرية، إضافة إلى القصف الصاروخي المكثف. وميَّز هذه الحملة أيضاً، بحسب التقرير، استخدام ذخائر لم يسبق أن رُصد استخدامها من قبل في النزاع السوري، وبكثافة غير مسبوقة.