تواصل ملاحقة قيادات النهضة في تونس: تفكيك الهيكل التسييري وتغذية الفراغ التنظيمي

14 يوليو 2024
الأمين العام لحركة النهضة العجمي الوريمي، 17 فبراير 2017 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- طالبت حركة النهضة التونسية بإطلاق سراح أمينها العام العجمي الوريمي ومرافقيه، معتبرة اعتقالهم استهدافاً للهيكل التسييري للحزب وتفكيك النواة القيادية.
- أوضحت النهضة أن المعتقلين نُقلوا إلى مراكز أمنية مختلفة دون إذن قانوني أو توجيه تهم واضحة، وأدانت الاحتجاز غير القانوني، مؤكدة أن التهم معدة تحت الطلب.
- منذ 25 يوليو 2021، اعتقلت السلطات التونسية العديد من قيادات النهضة وأغلقت مقارها، وأكدت النهضة التزامها بمقاطعة الانتخابات رغم استهدافها.

طالبت الحركة النهضة التونسية، اليوم الأحد، بإطلاق سراح الأمين العام للحركة العجمي الوريمي ومرافقيه محمد الغنودي ومصعب الغربي، الذين اعتقلتهم السطات يوم أمس السبت، بشكل فوري، فيما اعتبرت قيادات في الحركة أن اعتقال العجمي الوريمي يمثّل "مواصلة لاستهداف الهيكل التسييري للحزب وتغذية الفراغ التنظيمي داخل الحركة عبر تفكيك النواة القيادية بالاعتقالات وإغلاق المقار وعمليات التضييق".

وأشارت النهضة، في بيان، إلى أن إيقاف العجمي الوريمي، الأمين العام للحركة، ومصعب الغربي، جاء رغم عدم وجود أي قضية أو أوامر تفتيش متعلقة بهما، وقالت: "إنهما ليسا محل أي تتبع قضائي ما يوجب قانوناً عدم تقييد حريتهما تحت أي عنوان"، في حين أكدت "مفاجأة الجميع بإبلاغ محمد الغنودي (عضو مجلس الشورى) بأنه محل تفتيش، ما يستوجب نقله إلى الفرقة الأمنية المعنية لتسوية وضعيته القانونية".

وأضافت الحركة "في مخالفة للإجراءات القانونية وللحقوق والحريات، نقل الجميع إلى مركز الحرس ببرج العامري، ثم فرقة الأبحاث والتفتيش بطبربة، وبعد إحالة الغنودي على ثكنة العوينة لتسوية وضعيته القانونية، تم الإبقاء على الوريمي والغربي محتجزين دون إذن قانوني ودون توجيه أي تهمة لهما ومنع المحامين الموجودين في المكان من لقائهما ومعرفة أسباب احتجازهما إلى حدود فجر صباح يوم الأحد، حين تم إعلام الجميع بقرار الاحتفاظ بهما ومنع لقاء المحامين مدة 48 ساعة دون إعلام أي منهما بالتهم الموجهة لهما إن وجدت".

وتابعت الحركة في بيانها قائلة: "قبل انتهاء المدة المذكورة، وبعد 8 ساعات فقط من الاحتفاظ، نُقل العجمي الوريمي ومصعب الغربي إلى قطب مكافحة الإرهاب، ثم إلى ثكنة العوينة، وتم طلب التحاق المحامين بهما. وبمجرد وصول المحامين، أعلموهم بتواصل قرار المنع". وعبرت حركة النهضة عن إدانتها الاحتجاز الذي وصفته بغير القانوني للعجمي الوريمي ومصعب الغربي، مؤكدة أن "توجيه أي تهم لهما هي تهم لاحقة لاحتجازهما ومعدة تحت الطلب". أما في ما يخص محمد الغنودي، فقالت الحركة إن تواصل احتجازه يأتي على الرغم من أن الأمر يتعلق بـ"تسوية وضعية".

وبحسب البيان، فإنه "من المفروض تهيئة المناخ السياسي بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين مع قرب الانتخابات الرئاسية العامة، إلا أن عملية الاعتقال هذه تأتي لتؤكد المخاوف بأن هذه الانتخابات لن تكون ديمقراطية ولا علاقة لها بانتخابات حرة ونزيهة وشفافة"، وأكد تمسك الحركة بـ"الموقف الديمقراطي في معارضة الانقلاب ومقاومته والحرص على استعادة المسار الديمقراطي بكل الوسائل السلمية الديمقراطية".

ويُعد الوريمي ثالث مُسير لحزب حركة النهضة ممن اعتقلوا منذ 25 يوليو/تموز 2021، حيث اعتقل بداية زعيم الحركة راشد الغنوشي في 17 إبريل/نيسان 2023 تلاه إيقاف رئيس الحركة بالنيابة المنذر الونيسي في 5 سبتمبر/أيلول 2023، فضلاً عن سجن نائبي الرئيس، علي العريض ونور الدين البحيري، ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، وعضو الشورى السيد الفرجاني.

كما يقبع في السجون قياديون وازنون من مؤسسي الحركة، على غرار الصادق شورو والحبيب اللوز ومحمد بن سالم والصحبي عتيق، علاوة على قياديين في المكتب التنفيذي ووزراء سابقين وبرلمانيين من بينهم الوزير رياض بالطيب والنائبان السابقان أحمد المشرقي ومحمد فريخة بالإضافة إلى القيادي المستقيل من النهضة عبد الحميد الجلاصي. وتتصدر حركة النهضة قائمة أكثر الأحزاب التي طاولت الاعتقالات قياداتها ورموزها ونشطاءها في المستوى المركزي والجهوي والشباب.

وفي 18 إبريل/نيسان 2023 أغلقت السلطات التونسية مقارّ حركة النهضة وحجزت المعدات والوثائق في مقرها المركزي، ومقارّ "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة، وحظرت الاجتماعات والنشاطات فيها ولم تستعد النهضة مقارّها حتى اليوم برغم انتهاء عمليات التفتيش والأعمال القضائية فيها، بحسب ما تؤكده قيادة الحزب.

وقالت القيادية في حزب النهضة يمينة الزغلامي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "حركة النهضة منذ اعتقال رئيس الحزب وقادتها وإغلاق مقارها وهي مستهدفة، برغم أنها الآن غير معنية، لا في السر ولا في العلن، بالانتخابات الرئاسية"، مستغربة "احتجاز الأمين العام العجمي الوريمي الذي منذ انتخابه لهذه المهمة، وهو يسعى للتهدئة والحوار، تمسكاً بالديمقراطية والحريات". وأضافت "هذا الاعتقال يؤكد مرة أخرى أنه لا حرص على توفير المناخ السياسي لانتخابات تتساوى فيها الفرص للجميع من دون هرسلة وتضييق".

حركة النهضة ملتزمة بقرار مقاطعة الانتخابات

وشددت الزغلامي على أن "النهضة معنية بالدفاع عن الحريات وإطلاق سراح قادتها وحقها في النشاط السياسي السلمي"، مؤكدة أن "النهضة ملتزمة بقرار جبهة الخلاص، وهو عدم المشاركة (في الانتخابات) إلا في حال توفرت الشروط التي أعلن عنها رئيسها، نجيب الشابي، منذ مدة في ندوة صحافية، فلا مشاركة للنهضة حتى بالتزكيات، ومؤسسات الحركة شاركت في قرار الجبهة وملتزمة به ولا مجال للفوضى أو التراجع، فلا تزكيات ولا مساندة لأي مترشح".

واستبعدت الزغلامي خشية السلطة من وزن النهضة الانتخابي، قائلة "لمَ الانزعاج من النهضة، وكيف الخشية من حزب رئيسُه وقادته في المعتقلات ومقاره مغلقة؟" معتبرة أن "النهضة للأسف فقدت الآلاف من ثقلها الانتخابي، ولم تنجز الحركة مؤتمرها بسبب إغلاق مقراتها". وقالت إن "حزب النهضة تحمل وإلى الآن يتحمل تبعات حكم شاركت فيه أحزاب عدة لكن النهضة تُحمل المسؤولية عن كل إخفاقات عشرية الانتقال الديمقراطي".

وشددت الزغلامي على أن "ما بقي اليوم من النهضة المناضلات والمناضلون المستميتون في الدفاع عن الحريات"، مشيرة إلى أن "الثورة منحت النهضة وغيرها من أحزاب وإعلاميين ونخب وعموم المواطنات والمواطنين حرية وديمقراطية لا تنازل عنها".

وعرف إيقاف الوريمي موجة تضامن واسعة، على اعتبار أنه رجل حوار وتوافق، وعبر القيادي السابق في حزب التيار الديمقراطي، محمد الحامدي على حسابه في "فيسبوك" عن تضامنه مع الوريمي وكل الموقوفين. وقال القيادي في حزب تحيا تونس والنائب السابق في البرلمان مصطفى بن أحمد، على صفحته بفيسبوك "إني أتألم من أجلك صديقي ومن أجل كل الذين سلبوا حريتهم من أجل أفكارهم ومواقفهم وكلمة أتضامن لن أريح بها ضميري".

ووصفت المدونة والناشطة نزيهة رجيبة على حسابها في فيسبوك الوريمي قائلة "هذا الكائن اللطيف والرجل المثقف المؤمن بالحوار، المحترم الاختلاف، قد يكون النهضوي الوحيد الذي يصادقه أهل اليمين واليسار والحداثيون ... من دون أن يتصادم معه أحد"، فيما اعتبر القاضي المعزول حمادي الرحماني، إيقاف الوريمي "اعتقالاً انتخابياً".