تتزايد المطالبات الشعبية للحكومة العراقية بإعلان محافظة ديالى منزوعة السلاح، وسحب القرار الأمني من المليشيات والجماعات المسلحة، والدفع بقوات أمنية إضافية إلى مدن المحافظة، بعد تسجيل هجوم جديد في ساعة متأخرة من ليل الإثنين-الثلاثاء، أدّى إلى مقتل 8 مدنيين وإصابة اثنين آخرين من أسرة واحدة بينهم نساء شرقي المحافظة.
ووفقاً للشرطة العراقية في مدينة بعقوبة، العاصمة المحلية لمحافظة ديالى، (80 كيلومتراً) شرق بغداد، فإنّ 8 عراقيين بينهم نساء وأطفال قُتلوا، وأُصيب اثنان آخران من عائلة واحدة، عندما استهدف مسلحون بهجوم مزدوج منزلاً وسيارة تستقلها عائلة من أقرباء زعيم قبلي بارز في مدينة المقدادية شرقي المحافظة، أدت إلى مقتل ثمانية وجرح اثنين آخرين.
وقال مسؤول أمني عراقي لـ"العربي الجديد"، في اتصال عبر الهاتف: "الوضع الأمني في المحافظة متوتر للغاية وهناك تحشيد من قبل أطراف مسلحة، ومن المتوقع أن يصل مسؤولون من بغداد، خلال الساعات المقبلة". وأكد أنّ الهجوم "يحمل طابعاً إرهابياً، لكن أطرافاً ترتبط بمليشيات مسلحة نافذة تسعى إلى تحويل الاعتداء على أنه عملية ذات بعد طائفي".
وأغلقت قوات الأمن العراقية منطقة الحادث، فيما شوهدت قوات من الجيش تنتشر في مدينة المقدادية وضواحيها، حيث وقع الهجوم ليلة أمس.
ونقلت وسائل إعلام عراقية محلية، عن مصادر لم تسمها، تأكيدها أنّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجه بفتح تحقيق فوري في الهجوم الجديد، مبينة أن هناك اتصالات بين رئيس الحكومة وبعض القيادات الأمنية ونواب في البرلمان العراقي، وصدرت عدة أوامر مباشرة للتحقيق الفوري بمجريات ما حصل وتقديم تقرير خلال 24 ساعة يوضح حقيقة ما حصل.
وأكّدت أن "وفداً رفيعاً في الطريق إلى محافظة ديالى للوقوف على تفاصيل حادثة بلدة المقدادية في محافظة ديالى".
ويأتي التصعيد الأمني الجديد، بعد سلسلة من الأحداث الأمنية الدامية التي شهدتها المحافظة خلال الشهر المنصرم، كان أبرزها مقتل وإصابة 17 مدنياً بهجمات نفذتها مليشيات مسلحة، على قرية الجيايلة شرقي ديالى، أعقبتها عمليات اغتيال طاولت طبيباً بارزاً ثم ضابطاً بالجيش العراقي السابق.
وتُحمّل الأوساط الشعبية في محافظة ديالى، المليشيات المسلحة المسؤولية عن استمرار التوتر الأمني في المحافظة، مطالبة الحكومة بحصر الملف الأمني في قوات الجيش والشرطة فقط.
وتنشط عدة مليشيات في المحافظة، أبرزها "بدر"، و"عصائب أهل الحق"، و"لواء البقيع"، و"سرايا السلام"، إلى جانب جماعات مسلحة أخرى تتقاسم النفوذ بين مدن المحافظة.
وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من الفصائل الموجودة إلى جانب القوات النظامية، فإن تنظيم "داعش" الإرهابي، تسجّل بين وقت وآخر اعتداءات إرهابية بالمحافظة ذات المساحة الجغرافية الصغيرة.
ووصف الناشط السياسي في بعقوبة مركز محافظة ديالى، محمد العزي الوضع الأمني في المحافظة، بأنه "متوتر للغاية، والمخاوف كبيرة بين الأهالي".
وقال العزي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المحافظة بحاجة إلى تغييرات أمنية عاجلة، وإقالة المسؤولين الحاليين من بينهم المحافظة، وأن يتولى رئيس الوزراء مسؤولية المحافظة مؤقتاً، ويأمر بإخراج المليشيات أو سحب يدها من ملف الأمن". ولفت إلى أنّ "هناك شحناً طائفياً خطيراً من قبل تلك الفصائل بعد هجوم أمس يُخشى أن يتسبب بأزمة أمنية جديدة، أو اعتداء يذهب ضحيته أبرياء جدد".
وأظهرت صور ولقطات بثتها وسائل إعلام وناشطون تكدس جثث ضحايا الهجوم في مستشفى حكومي وسط تجمهر العشرات من أهاليهم.
الأمين العام للمشروع الوطني العراقي، الشيخ جمال الضاري، دعا رئيس الوزراء العراقي، إلى "إعلان حالة الطوارئ في المحافظة، وتسليم إدارة الملف الأمني لشخصية عسكرية مهنية واجبها حفظ الأمن وضبط الحدود، وفرض هيبة الدولة وتعزيز سلطة القضاء لمحاكمة القتلة المجرمين".
وطالب الضاري، في تغريدة على "تويتر"، بـ"عدم التستر على المتورطين أو على الجهات التي تقف خلفهم وتحاول إثارة الفتنة بين صفوف العراقيين".
تكرار الهجمات الإجرامية واستمرار نزيف الدم العراقي في #ديالى أمر غير مقبول إطلاقا، ندعو القائد العام للقوات المسلحة، لإعلان حالة الطوارئ في المحافظة، وتسليم إدارة الملف الأمني لشخصية عسكرية مهنية واجبها حفظ الأمن وضبط الحدود، وفرض هيبة الدولة وتعزيز سلطة القضاء لمحاكمة القتلة… https://t.co/gZoRrROWAX
— Jamal Al Dhari جمال الضاري (@AldhariJamal) March 7, 2023
من جانبها، دعت النائب في البرلمان عن محافظة ديالى، ناهدة الدايني، رئيس الوزراء إلى "التحرك العاجل، وإيجاد حلول جذرية لأمن ديالى"، وقالت في تصريحات مقتضبة للصحافيين، إنّ "حوادث القتل والاغتيالات يزداد ضحاياها يوماً بعد يوم في ديالى".