تواصل القوى السياسية في الجزائر إعلان مواقفها من مبادرة سياسية لـ"لمّ الشمل" أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون، على الرغم من عدم وضوح مشروع هذه المبادرة وغاياتها، فيما يحضّر تبون لعقد مائدة مستديرة تجمعه بقادة الأحزاب السياسية مجتمعة، في إطار حوار وطني حول بعض القضايا الداخلية والرهانات الإقليمية.
وقال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، مساء أمس الثلاثاء، في تجمّع لكوادر حزبه في منطقة تمنراست، إن "مبادرة اليد الممدودة تشكّل مبادرة فعل حضاري وتساهم في تشكيل جبهة داخلية قوية".
وأشار بعجي إلى أن "هذه المبادرة السياسية لا تعبّر عن أزمة سياسية في البلاد، ولكنها تكريس لتقاليد الحوار"، مضيفاً "الجزائر ليست في أزمة، وإنما السلوك الحضاري هو الذي يتم من خلاله الدخول في مشاورات مع مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات من أجل بناء الوطن، لذلك من الطبيعي أن تلتقي الأحزاب والمنظمات في حوار وطني، لأن هناك تهديدات، خاصة في منطقة الساحل".
واستمرارا لسلسلة لقاءاته السياسية، استقبل الرئيس عبد المجيد تبون، مساء الاثنين الماضي، رئيس حزب "الفجر الجديد"، الطاهر بن بعيبش، والذي أكد أن "مبادرة لمّ الشمل طموحة وتحتاج إلى الدعم والمساندة"، مضيفا: "نعتقد أن الرئيس تبون يحمل مشروعا طموحا يحتاج إلى الدعم والمساندة، وأنه يعي جيدا العراقيل التي يمكن أن تعترض تطبيق هذا المشروع، وقد عرض الحلول الخاصة بالمشاكل المطروحة والآفاق المستقبلية حول هذا الجانب".
من جانبها، أكدت رئيسة حزب تجمع أمل الجزائر، فاطمة الزهراء زرواطي، التي التقت الرئيس تبون الاثنين الماضي، أن "الجزائر بحاجة اليوم إلى مبادرة لم الشمل وإلى تكوين جبهة داخلية قوية، يمكن من خلالها مواجهة مختلف التحديات"، وثمنت خطوة فتح حوار يُعنى بكافة انشغالات المواطنين.
ويرى بعض المراقبين السياسيين أن المبادرة السياسية المعنية "مازالت غير واضحة"، خاصة وأن قادة الأحزاب السياسية الذين التقاهم الرئيس تبون لم يكشف أي منهم عن مضمون هذه المبادرة السياسية وأهدافها.
وقال المحلل السياسي ناصر حداد، في تصريح لـ"العربي الجديد": "حتى الآن، ليست لدينا وثيقة واضحة تفسر ما إذا كانت المبادرة مجرد لقاءات تشاور سياسي أو أنها تتعلق بخطوات سياسية ينوي الرئيس تبون تنفيذها في المستقبل، ولا نعرف ما إذا كان الرئيس أبلغ قادة الأحزاب التسعة التي التقاها حتى الآن بمضونها".
وأوضح حداد أن الأحزاب "التزمت واجب التحفظ ولم تكشف التفاصيل، وما إذا كانت هناك فعلا مبادرة تتضمن خطوات سياسية، على غرار الإفراج عن معتقلي الرأي، وتحسين المجال السياسي، وتحرير الإعلام أكثر، أم أن الأمر متعلق بغايات أخرى.. ليس لدينا ما يكفي للحديث عن المبادرة في الوقت الحالي".
ويحضّر الرئيس تبون لعقد طاولة مستديرة موسعة مع مجموع قادة الأحزاب السياسية في غضون الأسبوعين المقبلين، قُبيل احتفالات البلاد بذكرى ستينية الاستقلال، بعد سلسلة اللقاءات التي يجريها منذ منتصف مايو/أيار الماضي مع قادة أحزاب سياسية من الموالاة والمعارضة، في إطار ما وصفه الرئيس خلال لقائه الجالية الجزائرية في تركيا بـ"مبادرة لمّ الشمل الضرورية من أجل تكوين جبهة داخلية متماسكة".
وكان الرئيس الجزائري قد التقى حتى الآن قيادات تسع هيئات جزائرية، هم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الطيب زيتوني، ورئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرين.
كما التقى تبون ثلاثة أحزاب من صف المعارضة، هم رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ورئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، واستقبل مؤخرا أمين عام اتحاد العمال الجزائريين سليم لعباطشة، ورئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني (هيئة استشارية تتبع الرئاسة) عبد الرحمن حمزاوي، إضافة إلى شخصية مستقلة هو الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي.