بعد تعتيم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القضية لأكثر من شهر، كُشف اليوم الخميس عن بعض ملابسات استشهاد أسير فلسطيني في سجن "كتسيعوت".
وانتهى الليلة الماضية أمر حظر النشر الذي فرضته السلطات الإسرائيلية لتكشف أنّ 19 سجاناً خضعوا للتحقيق بقضية استشهاد الأسير ثائر أبو عصب من محافظة قلقيلية، شمالي الضفة الغربية، المحكوم بالسجن منذ عام 2005 لمدة 25 عاماً، قضى منها 18 عاماً في السجن حتى يوم استشهاده في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وكانت سلطة السجون الاحتلال الإسرائيلية قد ذكرت، الشهر الماضي، أنها تفحص ملابسات وفاة الأسير الفلسطيني، لتكشف اليوم عن التحقيق مقرّة بأنّ هناك 19 سجاناً مشتبها بهم بضربه والاعتداء على أسرى فلسطينيين آخرين.
ورغم استشهاده في أعقاب الاعتداء عليه، فإنّ معهد الطب العدلي لم يحدد بعد سبب وفاة الأسير الفلسطيني، بزعم أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت ناجمة بشكل مباشر عن العنف الذي مارسه السجانون ضده، فيما لا تزال الشبهات الموجهة إلى السجانين حتى الآن تقتصر على الضلوع في حادثة عنيفة.
وفُرض على السجانين الاعتقال المنزلي لمدة خمسة أيام وكفالة مالية، ومُنعوا من التواصل مع ضالعين آخرين في هذه القضية لمدة شهر.
ويشير هذا القرار إلى عدم جدية التحقيق في هذه المرحلة وبقائه كإجراء شكلي فقط، إذ إنه ورغم علامات العنف الشديدة جداً على جثمان الأسير الفلسطيني، لم يحدد معهد التشريح سبب الوفاة وما إذا كانت ناجمة عن الضرب المبرح الذي تعرض له أبو عصب.
ذريعة أخرى لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لعدم محاسبتهم، هي أن السجانين الذين ضربوا أبو عصب كانوا يضعون خوذاً خلال الاعتداء عليه وعددهم الكبير يصعّب عملية تحديد الضالعين بالجريمة، رغم وجود كاميرات المراقبة الأمنية في السجن.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الخميس، عن مصدر أمني قوله "رغم موت الأسير قبل نحو شهر إلا أنّ الهراوات التي استخدمها السجانون أُخذت للفحص فقط في الآونة الأخيرة".
وتُنسب إلى الضالعين شبهات التسبب بإصابات خطيرة وتشويش التحقيقات المتعلقة بالقضية التي تورط بها أيضاً عدد من كبار المسؤولين في شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
ويخدم المشتبهون في وحدة "كيتر" التابعة لسلطة سجون الاحتلال ومهمتها السيطرة على ما يوصف بأنه أعمال شغب داخل السجون.
هيئة الأسرى: جريمة اغتيال متعمدة
إلى ذلك، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، في بيان لها، اليوم الخميس، أنّ "علامات عنف شديدة ظهرت على جسد أبو عصب تؤكد الشبهات الموجهة للسجانين وإلى جريمة اغتيال متعمدة، على الرغم من محاولات الشرطة الإسرائيلية التكتم الشديد وتشويش التحقيقات".
وأوضحت الهيئة أنّ الشرطة الإسرائيلية ادعت أنه لا يمكن التعرف على من قام بضرب الأسير بسبب الخوذات التي كان يلبسها المشتبهون خلال الاعتداء، بالإضافة إلى ذلك لم تقم الشرطة الإسرائيلية بإجراءات تحقيق فورية للتعرف إلى هوية السجانين، مثل تحويل الهراوات التي قامت الوحدة باستعمالها عند وقوع الحادث إلى الفحص المخبري لأخذ عينات منها ومقارنتها بالحمض النووي للأسير.
ووفق البيان الصادر عن الهيئة، فقد قامت الهيئة بالتوجه باسم عائلة الشهيد أبو عصب فوراً بعد استشهاده، بطلب فتح إجراءات تحقيق وفقا للقانون، وطلب لتشريح الجثمان، والكشف عن مخرجات التقرير الذي أعده المعهد الطبي "أبو كبير".
وأشارت الهيئة إلى أنها تنوي استمرار متابعة إجراءات التحقيق اللازمة لمنع إغلاق القضية دون تقديم لوائح اتهام.
ولطالما عانى الأسرى الفلسطينيون جراء سياسات القمع والتضييق التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضدهم لكن الوضع ازداد سوءاً منذ عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بشكل ملموس، وقبل ذلك منذ تولي المتطرف إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن القومي الإسرائيلي، حيث باشر منذ اليوم الأول بإجراءات ضد الأسرى الفلسطينيين لسلبهم أبسط احتياجاتهم وحقوقهم التي تنص عليها المواثيق الدولية.
وزعمت سلطة سجون الاحتلال الإسرائيلية أنه منذ بداية الحرب الحالية على غزة استوعبت في السجون آلاف الأسرى، وأنّ المرحلة الحالية شهدت تحديات وتهديدات كبيرة يتعامل معها السجانون.
كما زعمت أنه "على الرغم من الوضع الأمني الصعب في إسرائيل، فإن سلطة السجون تحرص على الحفاظ على المهنية والقيم. الأحداث التي تتطلب فحصاً ستُفحص بالتعاون الكامل مع الوحدات القائمة على التحقيق حتى إنهاء التحقيقات".