توزيع النواب المستقلين في برلمان العراق: انقسام المواقف بثلاثة توجهات

13 مايو 2022
أزمة تشكيل الحكومة تدخل شهرها السادس (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

فتح تعثر النواب المستقلين والمدنيين في البرلمان العراقي في الخروج بموقف موحّد من مبادرتي "الإطار التنسيقي"، و"التيار الصدري"، المتضمنة تقديمهم مرشحهم لتشكيل الحكومة الجديدة؛ الجدل حول انقسام مواقفهم السياسية من أزمة تشكيل الحكومة الجديدة التي دخلت شهرها السادس على التوالي، وذلك على الرغم من المشتركات الكثيرة التي تجمع أغلبهم والبالغ عددهم 48 نائباً مدنياً ومستقلاً داخل قبة البرلمان الجديد.

ومنذ نحو أسبوعين، عرض تحالف "الإطار التنسيقي" مبادرة تضمّنت نقاطاً عدة، من بينها طرح النواب المستقلين والمدنيين مرشحهم لرئاسة الحكومة، لكن بشرط موافقة "كتلة المكون الأكبر" عليه، فيما ردّ الصدر بعد ساعات بمبادرة دعا فيها النواب المستقلين إلى تسمية مرشحهم للحكومة عبر تحالفه (إنقاذ وطن)، في خطوات اعتبرت أنها سباق بين طرفي الأزمة يهدف إلى كسب أصوات النواب المستقلين لتغليب كفّتهم في البرلمان.

ولم يفض الاجتماع الأول الذي أجراه أكثر من 35 نائباً مستقلاً، منتصف الأسبوع الحالي في بغداد، عن أي اتفاق، فيما علم "العربي الجديد" أنّ الاجتماع الثاني الذي كان من المقرر أن يُعقد مساء أمس الخميس لم يتحقق بسبب عدم حضور غالبية النواب، إذ قرروا الانكفاء وعدم إظهار أي موقف في الوقت الحالي.

ويتوزّع النواب المستقلون على "تحالف من أجل الشعب"، وعدد نوابه 18 نائباً، ويضم حركتي "امتداد" برئاسة علاء الركابي، و"الجيل الجديد" برئاسة شاسوار عبد الواحد، وهو أكبر تكتل مدني في البرلمان، وقد أعلن في وقت سابق المشاركة في إكمال نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، للمضي في الاستحقاقات الدستورية، من دون المشاركة في الحكومة، لكنه يعكف على إعداد مبادرة مشتركة مع المستقلين تحوي شروطه، وفقاً لما كشف عنه نواب داخل هذا التحالف.

يتبعه تحالف "العراق المستقل" الذي يملك 15 نائباً، وتفيد مصادر من داخل هذا التحالف بوجود تباين غير بسيط بين أعضائه، من ناحية الميل لـ"التيار الصدري"، أو "الإطار التنسيقي"، وآخرين إلى الذهاب للحياد، وهو ما يجعله الأقل تماسكاً، كما يملك تكتل "إشراقة كانون" 6 نواب، في حين يتضمّن "صوت المستقلين" 4 نواباً، وتأتي أيضاً "الكتلة الشعبية"، وقوامها ثلاثة نواب مستقلين.

ووفقاً لعضو مستقل في البرلمان العراقي، فإن انقسام مواقف المستقلين عائد إلى جملة أسباب، من بينها حداثة التجربة في العمل السياسي، والضغوط والتهديدات في بعض الأحيان التي يتعرضون لها بين وقت وآخر.

 
وبيّن العضو المستقل لـ"العربي الجديد"، متحفّظاً عن ذكر هويته، أن "المدنيين الأكثر وضوحاً، إذ إنّ معنى نائب مستقل أنّه لا ينتمي إلى حزب معيّن، ومن غير الضروري أنه لا يتبنى نهجاً إسلامياً أو مناطقياً، وهو غير القوى المدنية التي لها نهج ثابت وواضح من بين هذا المحور الذي بات يطلق عليه بالعموم (المستقلون)".

الناشط السياسي المدني في بغداد، وعضو حركة "نازل آخذ حقي" المدنية، علي محمود، قال إن "الحديث عن كون النواب المستقلين يمثلون جسداً واحداً هو أمر غير حقيقي ولا يمت للواقع السياسي بصلة، إذ إن قسماً منهم قريبون من الأحزاب الكبيرة والمعروفة، وضمنهم التيار الصدري والإطار التنسيقي".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "المشهد الحالي يؤكد وجود عدة أقسام، منهم من يرغب بأخذ الحياد، وآخرون يميلون لتأييد موقف الإطار التنسيقي، وهذا القسم يمكن اعتباره غير مستقل بالمعنى الحقيقي، كون التحالف (الإطار التنسيقي) قائماً على فكرة التخندق الطائفي من الأساس، وآخرين يميلون نحو التيار الصدري"، معتبراً أن "النواب المدنيين الأفضل من ناحية شفافية موقفهم حتى الآن".

وهو ما يؤكده النائب المستقل في البرلمان ياسر وتوت، قائلاً إن "خريطة توزيع النواب المستقلين في العملية السياسية غير ثابتة لحد الآن، وتحتوي على متغيرات وفقاً لما يجري في الساحة، وخلال اليومين المقبلين ستظهر جملة من المواقف التي من المفترض أن تُجيب عن التساؤلات التي يطرحها الشارع العراقي بخصوص هذا الموضوع تحديداً".

وأوضح وتوت، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هناك تعويلاً شعبياً واضحاً على المستقلين، ونحن نقدّر هذا التعويل ونسعى إلى أن نكون في صف الإرادة الشعبية، دون الانحياز إلى جهة معينة، لكن ما يمكن قوله حالياً إن كل الاحتمالات واردة، تحديداً في ما يتعلق بلعب المستقلين دوراً ريادياً في المرحلة المقبلة".

بدوره، بيَّن الخبير في الشأن السياسي العراقي إحسان الشمري أن "جزءاً كبيراً من النواب المستقلين في البرلمان العراقي يتبعون أحزاباً تقليدية، وقد حصل كثير منهم على تمويل مباشر من الأحزاب الكبيرة خلال حملاتهم الانتخابية وهم يمثلون نواباً وشخصيات سياسية تعمل في الظل لصالح الأحزاب الداعمة لهم التي تستخدمهم للمناورة السياسية وكسب الوقت، لذلك من الصعوبة إيجاد أي مشتركات بين الأطراف المستقلة حالياً، وقد ظهرت حقيقة بعضهم من خلال التماهي مع مواقف القوى التقليدية".

وأضاف الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مستقلين حقيقيين لكنهم قلة قليلة، بالتالي فإن تحوّل المستقلين إلى جسد واحد هو أمر مستحيل، إذ لا يمكن التعويل عليهم"، لافتاً إلى أن "أصل الخلاف بين الأحزاب التقليدية ينحصر حول موضوع رئيس الوزراء وتقاسم الوزارات، ولن تتخلّى الأحزاب التقليدية عن حصصها، لكنها دفعت بالمستقلين إلى الواجهة لأنها أرادت أن تكسب الوقت، وأرادت الأحزاب أن يكون المستقلون جزءاً من الأزمة، إلى حين التوصل إلى حلول، وهي أن يلجأ الصدر إلى المعارضة الوطنية أو الخضوع للتوافق مع الإطار التنسيقي، أو الذهاب إلى حل البرلمان".