توقعات سعودية "محدودة" من الحوار مع إيران

06 مايو 2021
حروب بالوكالة بين السعودية وإيران (Getty)
+ الخط -

بعد سنوات من الحروب بالوكالة، تؤشر المحادثات السرية بين السعودية وإيران على تحوّل دبلوماسي، ولو أن احتمالات حدوث انفراجة تبدو بعيدة، وسط توقعات سعودية "محدودة" من الحوار.
والتقى وفد سعودي بقيادة رئيس جهاز المخابرات، خالد بن علي الحميدان، بمسؤولين إيرانيين في بغداد في التاسع من إبريل/ نيسان. ومن المتوقع أن تجري المملكة مزيداً من المحادثات هذا الشهر، وفقاً لمصادر متعددة، من بينها مسؤول غربي مطلع على المحادثات.
ويمثل الحوار الذي يستضيفه العراق أول جهد جدي لنزع فتيل التوترات منذ قطع العلاقات بين السعودية وإيران في 2016 إثر مهاجمة بعثات دبلوماسية سعودية في إيران على خلفية إعدام رجل دين شيعي معارض في المملكة.
وقال مصدر مقرّب من مركز الحكم في السعودية إنّ توقعات المملكة من حوارها مع إيران محدودة، مستبعداً حدوث اختراق سريع بعد سنوات من التنافس المرير.
فقد دعمت السعودية وإيران طرفي نقيض في العديد من الصراعات الإقليمية، من سورية إلى اليمن. وتعتبر الرياض المجموعات المسلحة المدعومة من طهران تهديداً رئيسياً، ولا سيما بعد هجمات عدة على منشآتها النفطية.

وقال المصدر السعودي، لوكالة "فرانس برس"، إنّ المحادثات ستساعد على الأقل "في القول لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إننا عقلانيون ومنفتحون على الحوار".
وتأتي التحركات في وقت يضغط فيه الرئيس الأميركي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 الذي خرج منه سلفه دونالد ترامب.
وسعت السعودية إلى الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات.
لكن وسط تحفظ من جانب إيران بسبب مخاوف من أن تحاول السعودية تخريب الصفقة، قال مسؤول غربي لـ"فرانس برس"، إن المملكة تأمل على الأقل نيل "مقعد في غرفة مجاورة للغرفة".
وبحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو، "لا يوجد شيء أكبر في الحوار السعودي الإيراني"، مضيفة: "اليمن مقابل الاتفاق" النووي.
ولم تردّ السلطات السعودية على طلب وكالة "فرانس برس" التعليق.

تقارير عربية
التحديثات الحية

دبلوماسية متجدّدة 
يقول محللون إن الجهد الدبلوماسي المتجدد يؤكد القناعة في الرياض بأن سياسة "الضغوط القصوى" التي انتهجها ترامب والتي تهدف إلى الضغط من أجل الحصول على تنازلات من إيران، لم تؤتِ ثمارها.
كذلك تراجعت علاقات الرياض مع واشنطن بعد العلاقات الوثيقة جداً في عهد ترامب، إذ يسعى بايدن إلى الضغط على المملكة في مسائل متعلقة بحقوق الإنسان.
وتتحرّك المملكة لخفض درجة التوتر على جبهات عدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك التصالح مع قطر بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات، وعلى الصعيد الداخلي الاستثمار لتمويل مشاريعها العملاقة الطموحة وتنويع مواردها بدل الاعتماد على النفط.
لكن هدفها الرئيسي إخراج نفسها من الصراع الدائر في اليمن الذي خلّف عشرات الآلاف من القتلى وسبّب أزمة إنسانية كبرى.
ويحذر بعض المراقبين من الآمال الخاطئة بأن المحادثات مع إيران ستساعد المملكة في تحقيق هذا الهدف.
وتقول الباحثة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" إيلانا ديلوزير، لـ"فرانس برس"، "يفضّل الحوثيون أن يكون لهم وسيطهم الخاص مع السعودية ولن يرغبوا في أن تأخذ إيران مكانهم في ذلك".
وتتابع: "حتى إذا انتهى الأمر بحصول السعودية على بعض التأثير بخيارات إيران في ما يتعلق باليمن، فلن يتمكن الإيرانيون من اختطاف المحادثات السعودية الحوثية بالكامل".

انهاء حرب اليمن
وتسعى الرياض الآن إلى الحصول على دعم من طهران يساهم في إنهاء انخراطها العسكري المكلف الذي دام ست سنوات في اليمن المجاور حيث يشنّ الحوثيون حملة للسيطرة على مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال، ويصعّدون ضرباتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة.
وفي موازاة الجهود المبذولة في بغداد، التقى وفد أميركي بقيادة المبعوث الخاص تيم ليندركينغ والسناتور كريس مورفي خلال الأسبوع الماضي مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث في سلطنة عُمان كجزء من مسعى دبلوماسي لوقف إطلاق النار في اليمن.
ويقول الباحث في معهد "مركز كارنيغي للشرق الأوسط" أحمد ناجي، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "هناك صلة مباشرة بين المحادثات السعودية الإيرانية وما يحدث في مسقط بالنظر إلى نفوذ الإيرانيين على الحوثيين".
ويضيف: "السؤال الرئيسي هنا هو: هل يمكن هذه الجولة من المفاوضات أن تضع حداً لحرب اليمن التي طال أمدها أو أن تؤدي إلى وقف إطلاق نار مؤقت فقط؟".
ويتابع: "كل الجهود تهدف إلى محاولة تهدئة الصراع بين السعوديين والحوثيين، لكن هناك طبقات عدة من الصراع. وسيتطلّب الأمر آليات طويلة المدى ومتعددة المسارات تبدو غائبة" حتى الآن.


(فرانس برس)