تسلّم السفير التونسي الجديد لدى ليبيا، الأسعد عجيلي، أوراق اعتماده من الرئيس التونسي قيس سعيّد، ليسدّ بذلك الشغور الحاصل في المنصب منذ 6 سنوات، في خطوة اعتبرها محللون تطوراً في الوضع الأمني والسياسي الليبي، وخطوة نحو تنشيط العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وذكر بلاغ رسمي لرئاسة الجمهورية أن عجيلي أدى القسم أمام رئيس الجمهورية، بحضور وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، ليتسلّم مهامه سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى دولة ليبيا.
وينتظر عجيلي عمل كبير وملفات حارقة على مكتبه الجديد في السفارة التونسية بطرابلس، بعد أن تم غلقها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، ثم غلق القنصلية العامة في بنغازي يوليو/تموز 2015، على خلفية تردي الأوضاع الأمنية، واختطاف 10 دبلوماسيين تونسيين، قبل أن يتم إطلاقهم بعد فترة.
وفي شباط/فبراير 2015، قدّم سفير تونس لدى طرابلس رضا بوكادي، استقالته للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي بسبب صعوبة ظروف العمل هناك والتهديدات التي طاولته، لتبقى تمثيلية تونس الدبلوماسية شبه معدومة إلى حدود إعادة فتح السفارة والقنصلية، في إبريل/نيسان 2016، قبل أن يتم تعيين مدير عام الأمن الرئاسي حينها توفيق القاسمي قنصلاً عاماً لتونس في ليبيا، عام 2018.
وشهدت علاقات تونس الاقتصادية مع ليبيا تراجعاً حاداً منذ 2011 بسبب تردي الأوضاع الأمنية والصراع الدائر في ليبيا، وازداد الوضع تردياً بين البلدين بتراجع المبادلات التجارية بسبب ضعف التمثيل الدبلوماسي وعدم الاستقرار في الجانب الليبي إلى جانب تداعيات وباء كورونا على الجانبين.
شهدت علاقات تونس الاقتصادية مع ليبيا تراجعاً حاداً منذ 2011 بسبب تردي الأوضاع الأمنية والصراع الدائر في ليبيا
وعرفت الجالية التونسية المقيمة في ليبيا، والتي كان عددها يتجاوز 50 ألفاً قبل موجة العودة إلى تونس بسبب انتشار وباء كورونا، صعوبات كبيرة وإشكاليات متعددة تعمقت بسبب غياب سلطة تواصل دبلوماسي مع بلدهم تونس، حيث تفاقمت الاعتداءات على التونسيين وعمليات الاحتجاز والاختطاف من قبل الجماعات المتطرفة، وأفراد المرتزقة التي نشط دورها خلال الحرب الأهلية بين طرفي النزاع الليبي.
وقال وزير الخارجية الأسبق وخبير الشأن الدبلوماسي أحمد ونيس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذا التعيين يعكس انفراجاً في الساحة السياسية الليبية، بما يسمح بمسؤولية دولية تستطيع تونس أن تتحرك فيها، وهو منشط هام بالنسبة لمستقبل ليبيا"، مشيراً إلى أن "ليبيا تقطع في مرحلة بناء نستطيع اعتمادها نحو مخطط أبعد من تعيين سفير، بما يطرح عملاً استراتيجياً مستقبلياً مع الليبيين".
وبيّن ونيس أن "هذا مؤشر أيضاً على التطور الأمني في ليبيا، لاعتبار أن التونسيين مستهدفون أكثر من غيرهم من طرف الجماعات المتطرفة والعصابات المسلحة التي كانت تختطف الدبلوماسيين والصحافيين، من أجل التأثير على موقف تونس، وهو ما يُعدّ ضماناً للتعويل على الأمن الليبي والتزام الجانب الليبي في هذا المجال".
وأكد ونيس أن هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح من قبل الرئيس سعيّد، وهي "خطوة مسؤولة وغير معزولة مرتبطة بالتزامات أمنية بالنسبة لتونس من قبل ليبيا، وتقييم تونسي لتطور الميدان الأمني".
وحول إمكانية أن يساهم السفير الجديد في تحقيق رؤية الرئيس التونسي قيس سعيّد نحو تفعيل مبادرته لدعم التسوية الليبية، قال ونيس إنه "ليس لديه ثقة في قدرة تونس على لعب دور في الشأن الداخلي الليبي من خلال هذا التعيين"، معتبراً في المقابل أن "تعيين سفير جديد في طرابلس، من شأنه أن يحرك المبادلات التجارية والاقتصادية بين البلدين، لأن هذا العامل مهم جداً ولا يجب الاستهانة به"، على حدّ توصيفه.