أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء أمس الخميس، إصدار أمر رئاسي لدعوة الناخبين للانتخابات المحلية والجهوية، تكون يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول، وسط مخاوف وتوقعات بالعزوف، وضعف المشاركة، ودعوات مناصرين لتأجيلها.
واعتبر رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تحديد موعد الانتخابات يُعدّ قراراً سياسياً يعود لرئيس الجمهورية، خصوصاً أن هذه الانتخابات تُعدّ الأولى من نوعها".
ورجح معطر أن يدوم "المسار الانتخابي للانتخابات المحلية والجهوية بدورتيها، وإعلان النتائج، والطعون، والتقاضي، ثم تنصيب مجلس الجهات والأقاليم، لأشهر"، مبيناً أنه يتطلب على أقل تقدير 5 أشهر، وقد تطول العملية إلى 8 أشهر.
بدوره، قال المتحدث باسم حزب "حركة الشعب" أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "سبق أن طالبنا في حركة الشعب بتأخير الانتخابات، لأن الوضع العام الاقتصادي والاجتماعي لا يسمح بالقيام بالانتخابات، وأن المرحلة المقبلة تستدعي أن يشعر المواطن أن هناك اهتماماً بأولوياته بتحسين المعيشة والقدرة الشرائية، حتى يكون هناك إقبال على العملية السياسية، يليه إقبال على العملية الانتخابية في ما بعد".
ورأى أن العملية ستكون فاشلة في الوضع الحالي بسبب القرب الزمني، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يمكن إجراء الانتخابات تقنياً، لعدم جهوزية هيئة الانتخابات التونسية، وضرورة تكوين مراقبين وأعوان، بالنظر لعدد الترشيحات، والدوائر الانتخابية، والتحضيرات الكبيرة، بالإضافة إلى عملية جمع التزكيات في كل عمادة، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ونعتقد أن الهيئة غير مستعدة لهذا العمل الكبير الآن، وفق تأكيده.
وتابع عويدات "من الناحية السياسية لا يمكن أن نجري انتخابات ونحن في وضع عزوف عام عن العملية السياسية، وهو ما سيقودنا إلى عزوف عام عن العملية الانتخابية، ونحن كنا مع إرجائها، وهذا أفضل لتونس حتى يتحسن الوضع الاجتماعي للمواطنين حتى يهتم التونسيون بالوضعية الانتخابية".
من جانبها، أعلنت الممثلة القانونية لحراك 25 يوليو فاطمة بن حسين، خلال ندوة صحافية، أمس الخميس، أن الحراك "طالب بتأجيل هذه الانتخابات بالنظر إلى أن الوضع العام والأزمة التي تمر بها البلاد قد تكون عقبة أمام خروج الناخب التونسي للمشاركة في الانتخابات المحلية"، مضيفة "لكننا مطالبون بمساندة قرارات رئيس الجمهورية، ونحن مجبرون على الانخراط فيها"، وفق تعبيرها.
وإذ أكدت "الاستعداد للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة على مستوى المكاتب الجهوية والمحلية"، أشارت إلى أنه لا يمكن القيام بأية خطوة فعلية قبل صدور الأمر الرئاسي لدعوة الناخبين.
وتتجه مختلف أطياف المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة التي تعتبرها امتداداً للانقلاب، وترسيخاً لنظام الحكم الفردي، واعترافاً بمسار أحادي انقلب على الشرعية ومنظومة دستور 2014.
ويرى معارضون لسعيّد أن هذه الانتخابات، كما انتخابات مجلس نواب الشعب، ستشهد عزوفاً وضعفاً في الإقبال، ومقاطعة واسعة، ما يجعل النظام يدخل مغامرة جديدة ستكشف تراجع شعبيته، فيما يرى جانب آخر من المعارضة، أن سعيّد غير حريص على استكمال مؤسسات الدستور الذي صاغه بنفسه، مفضلاً مؤسسات عرجاء وشغورات دستورية ستعزز استدامة حكمه المفرد، بحسب تعبيرهم.
وسجلت انتخابات مجلس نواب الشعب نسبة إقبال على التصويت في الدورة الثانية مطلع العام الحالي، بلغت 11.4 بالمائة وفقاً للأرقام النهائية التي أعلنتها الهيئة، وبذلك يكون حوالي 90 بالمائة من الناخبين قد عزفوا عن المشاركة.
ويعتبر الخبراء أن نسبة الإقبال الهزيلة هذه هي الأضعف منذ ثورة 2011، وهي مؤشر سلبي لمشروع الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021.
وتنقسم "الوظيفة التشريعية" في دستور 2022 إلى غرفتين، مجلس نواب الشعب الذي بدأ أعماله في مارس/ آذار الماضي منقوصاً من 8 نواب، لم يتمكن من سد شغور مقاعدهم حتى اليوم، والغرفة الثانية تتمثل في مجلس الجهات والأقاليم الذي يمكن أن يرى النور خلال ربيع 2024، بحسب تقدير خبراء الشأن الانتخابي.