تباينت مواقف الأحزاب المعارضة التونسية من مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، بعد أن استُثنيت أحزاب من المشاركة بها، وقاطعتها أخرى منذ انطلاقها، فيما دخلت الجبهة الشعبية اليسارية أولى حلقاتها، على مضض، لتغادرها بعد ذلك لأسباب مختلفة.
وقال زعيم الجبهة، حمة الهمّامي، في لقاء مع أعضائه، إن الجبهة الشعبيّة تملك البديل، وقدمت حلولاً جديّة للأزمة التي تمرّ بها البلاد، ورفضت الانخراط في ما وصفه "بـالمهزلة"، في إشارة إلى المشاورات الحكومية.
واعتبر الهمّامي أن الدولة تغضّ النظر عن هذه المقترحات، مشيراً إلى أنّ "الفساد مرتبط عضوياً بالدولة وبالأحزاب الحاكمة، التي لا تسعى إلى مقاومة الفساد والتهريب والتهرب الضريبي، وتستمر في السياسة نفسها، وتحميل مسؤوليّة الأزمة لمن لم يتسبب بذلك".
غير أنّ بقية أحزاب المعارضة التي تشارك في لقاءات قصر قرطاج، لا تلتقي مع موقف الجبهة، وبعد سلسلة من الاجتماعات المشتركة بين أحزاب المعارضة، من أجل صياغة موقف مشترك، خرجت الجبهة، و بقي كل من حزب "المسار" و"الشعب" و"الجمهوري". ويبدو أن موقف تلك الأحزاب أثار حفيظة قيادات الجبهة، فقررت وقف التنسيق معها.
واعتبر القيادي، نزار عمامي، أن موقف الجبهة لا يعني مقاطعة بقية أحزاب المعارضة وقطع التنسيق معها في كل القضايا، بل يقتصر على إنهاء التنسيق معها، فيما يتعلق بمشاورات حكومة الوحدة الوطنية.
وأوضح في تصريح لـ" العربي الجديد": أن "الجبهة الشعبية خاضت مع بقية الأحزاب مشاورات وجلسات تنسيق، حول موقف موحد للمعارضة، من مبادرة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، وانتهت في إثر ذلك إلى إقرار موقف يقضي بعدم المشاركة فيها، واعتبارها مبادرة مفرغة، الهدف منها كسب الوقت ليس أكثر، علاوة على أنها لا تقدم أي جديد بالنظر إلى الأولويات التي عرضها الرئيس".
وأضاف: "بعض أحزاب المعارضة، دخلت في إثر ذلك بالمشاورات حول حكومة الوحدة، وأعلنت عن رغبتها في الالتحاق بها، وبناءً على هذا، قررت الجبهة الشعبية تعليق التنسيق معها، لاختلاف المواقف من المبادرة، والمضي في قرارها بمقاطعة المشاورات".
وردّ عمامي على الاتهامات الموجهة للجبهة الشعبية بتشتيت المعارضة، وتفريق صفوفها، ومحاولة الاستئثار بالرأي والموقف، فقال: "كانت الجبهة منذ البداية راغبة في التوحد، ولذلك دعت بقية الأحزاب للتشاور والخروج بموقف موحد، وهو ما حصل أول الأمر، قبل انقسام الآراء وتراجع بعض الأطراف عن الالتزام بالموقف، كما أنها لا تزال منفتحة على أي مبادرات للعمل المشترك، خاصة حول مسائل مهمة على غرار التحرك ضد قانون المصالحة وغيره".
وفيما لم تصدر بعد من بقية الأحزاب المعنية، أي ردود حول موقف الجبهة، فإن صف المعارضة يبقى مهدداً، خصوصاً إذا استمرت الأحزاب في المشاورات، ودخلت التشكيلة الحكومية، ما يعني أنها ستدخل الائتلاف الحاكم، الأمر الذي قد يزيد في تقلص حجم المعارضة في البرلمان، وفي الشارع التونسي أيضاً.