دخلت الحملة الانتخابية المخصصة للاستفتاء على مشروع الدستور الذي طرحه الرئيس التونسي قيس سعيّد، أسبوعها الثالث والأخير، فيما يصفها مراقبون بالباهتة، وسط خروقات وتجاوزات بالجملة.
ويتوجه التونسيون في 25 يوليو/تموز الحالي للتصويت بـ"نعم" أو بـ"لا"، على مشروع الدستور الذي طرحه الرئيس التونسي قيس سعيّد في 30 حزيران/يونيو، قبل أن يعدله في 8 يوليو بسبب أخطاء (64 خطأً) تسربت إليه، بحسب سعيّد.
وسيكون يوم 24 يوليو يوم صمت انتخابي، تتوقف عنده الحملة وتمنع فيه كل أشكال الدعاية الانتخابية، وينطلق التصويت للتونسيين المقيمين في المهجر في 23 يوليو الحالي.
ولم تشهد الحملة على الاستفتاء منذ انطلاقتها في 1 يوليو في الخارج و3 يوليو داخل البلد نشاطات دعائية وبرامج ترويجية تذكر، سوى بعض الأنشطة المحدودة في عدد من المناطق، وسط حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأوضاع بعد الاستفتاء.
وقال المدير التنفيذي لمرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية"، الناصر الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد": إن "اعتماد الأشخاص الطبيعيين (148 مواطناً) وإشراكهم في حملة الاستفتاء وغالبيتهم اختاروا أن يقولوا نعم للدستور الجديد في غياب منافسة جدية، جعل الحملة باهتة للأسبوع الثالث".
وتابع: "سبب ضعف المتابعة أن التونسيين يقضون عطلتهم الصيفية، بالإضافة إلى حالة الانقسام، بما جعل الحملة بطيئة وغير عادية مقارنة بالمنافسة الشديدة التي تعودناها في الانتخابات السابقة، حيث كانت الأحزاب تنزل بثقلها خلال الحملة منذ إطلاقها".
وأضاف: "إن الأحزاب السياسية الكبرى والمنظمات الوطنية انسحبت وقاطعت، ما جعل الحملة باهتة، وهو ما أعطى انطباعاً بأن هذه الحملة لا تعني كل التونسيين".
وقال: "نحن كمنظمات رقابية وكمجتمع مدني لم نلاحظ ما يدفع الناخبين من خلال هذه الحملة وما يشجعهم لتغيير موقفهم من نعم إلى لا أو العكس أو ما يدفع المحايدين لتحديد موقف". وأوضح الهرابي أن "مشاركة الأفراد نقطة ضعف الحملة، باعتبار أن لا ثقل انتخابياً لهم، بالإضافة إلى غياب تمويل عمومي والاعتماد على التمويل الخاص".
وأثرت حالة الانقسام الحاد في البلاد في سير الحملات الدعائية بوضوح، حيث يُلاحظ غياب الأحزاب والائتلافات الانتخابية، المقاطعة والمناهضة للاستفتاء، فيما تصاعد نسق الحملة في المنابر الإعلامية على حساب الحملة الميدانية.
ودانت منظمة شبكة مراقبون، المختصة في الشأن الانتخابي، في بيان "تراخي هيئة الانتخابات وعدم تدخّلها لوضع حدّ للتجاوزات"، داعية الهيئة إلى تطبيق القانون واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التجاوزات.
وقدم الحزب الدستوري الحر، شكوى بهيئة الانتخابات لإيقاف "المسار الاستفتائي"، كاشفاً عن "وجود جملة من الخروقات في مسار الاستفتاء في ظل غياب احترام القانون الانتخابي". وأشار إلى "وجود تمويلات مشبوهة في حملات عدد من الجمعيات والأشخاص المساندين للدستور مجهولة المصادر".
ودعا المعهد العربي للديمقراطية بتونس إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد، معتبراً في بيان له، أمس الاثنين أنّ "الاستفتاء لا يتوافر له الحدّ الأدنى من النزاهة والشفافية واحترام القواعد الديمقراطية".
ودعا في المقابل إلى "مناهضة جميع الخطوات والإجراءات المتخذة منذ 25 يوليو 2022، مطالباً بعودة البلاد إلى مسار الانتقال الدستوري والشرعية الدستورية" وفق نصّ البيان.
واعتبر المعهد أنّ ''الدستور الشرعي للبلاد'' (في إشارة إلى دستور يناير/كانون الثاني 2014) لا يمنح رئيس الجمهورية حقّ إلغائه، وعرض دستور جديد على الشعب". وأضاف أنّ "المرور بقوّة ومحاولة فرض نظام سياسي جديد بحجّة الأمر الواقع وبآليات يراها مخالف للآليات الدستورية هوّ تمشّ مرفوض ولا يمكن إلاّ أن يعمّق أزمات البلاد".