تستعد الكتل والمجموعات البرلمانية التونسية لانطلاقة البرلمان الجديد، بداية شهر مارس/ آذار المقبل، وسط خلافات حول مرشح رئاسة البرلمان ومواصفات الشخصية ''الأقدر والأقرب" لرئيس الجمهورية.
ويتوقع المتحدث باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا يفصل الكتل والمجموعات البرلمانية سوى أسبوعين على انطلاقة البرلمان، مرجحاً "إعلان النتائج النهائية بين 20 و24 فبراير/ شباط، ومن ثم دعوة رئيس الجمهورية المجلس الجديد للاجتماع في غضون 15 يوماً من ذلك الموعد، بحسب ما ينص عليه البند 71 من الدستور".
وينطلق البرلمان منقوصاً عددياً بـ154 نائباً فقط من أصل 161 عضواً كما ينص عليه الدستور الجديد، في انتظار إجراء انتخابات جزئية في 7 دوائر انتخابية خارج البلاد، والتي لم تشهد أي ترشحات خلال الانتخابات السابقة.
ويُعد انتخاب رئيس البرلمان أول اختبار ينتظر البرلمانيين الجدد، ويتطلب الأمر توافقاً بين الكتل والمجموعات البرلمانية حول شخصية واحدة ليتم التصويت عليها بالأغلبية المطلقة. ويتم عادة خلال الجلسة العامة الافتتاحية التي يرأسها أكبر النواب سناً (يساعده في ذلك أصغر النواب عمراً)، تشكيل لجنة انتخابية مؤقتة لفرز الأصوات واحتسابها من بين ممثلي كل الكتل والمجموعات الفائزة بعضوية المجلس، وتكون أول مهمة للجلسة العامة هي انتخاب مكتب رئاسة المجلس المتكون من الرئيس ونائبيه الأول والثاني.
وبرز اسم رئيس لجنة الحوار الاقتصادية والاجتماعية حول مقترح دستور 2022، عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة، مرشحاً لرئاسة البرلمان الجديد، حيث أعلن عزمه على الترشح أكثر من مرة، غير أن ترشحه يبدو فردياً دون مساندة غالبية مكونات كتلة "لينتصر الشعب" التي ينتمي إليها، ناهيك عن باقي الكتل التي لا تنوي دعمه أو مساندته لأنها تريد ترشيح شخصيات تنتمي إليها.
وتتفق الكتل على أن يكون مرشح رئاسة البرلمان الشخصية "الأقدر" على قيادة المجلس الجديد و"الأقرب" لمسار 25 يوليو/ تموز، وهو التاريخ الذي أعلن فيه سيعّد انقلابه على المؤسسات الديمقراطية.
وأكد عضو مبادرة "لينتصر الشعب"، أمين عام حزب التيار الشعبي زهير حمدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مبادرة (لينتصر الشعب) هي مشروع كتلة برلمانية بصدد التشكل، وتنعقد الاجتماعات حالياً من أجل بلورة تركيبة الكتلة، فيما تدور النقاشات بين أعضائها وبين نواب لم ينضموا إليها بعد حول شكلها ومسارها، وتدور اللقاءات الداخلية من أجل بلورة نظام داخلي للمجلس الجديد وللنظر في هندسة البرلمان وهيكلته، ابتداءً من رئاسته وأعضاء مكتبه، ونهايةً باللجان والأولويات التشريعية للبرلمان عند انطلاقته".
وأوضح حمدي أنه سيتم "إصدار وثيقة ملزمة لكل أعضاء الكتلة تكون بمثابة بلورة مخرجات اللقاءات التشاورية، تتضمن العلاقة في ما بينهم، إضافةً إلى الحقوق والواجبات لكل عضو وكل كتلة، وكذا علاقتنا بباقي الكتل".
وحول إعلان بودربالة ترشحه للبرلمان ودعم الكتلة له، قال أمين عام التيار الشعبي: "لم نناقش بعد المسؤوليات وليس لدينا مرشح باسم (لينتصر الشعب)"، مشدداً على أنه "قد يكون لنا مرشح من داخل الكتلة، وقد ندعم مرشحاً آخر".
وأفاد المتحدث بأن "تصريحات بودربالة حول ترشحه جاءت بشكل فردي، وهي غير ملزمة للبقية في المبادرة".
وأكد حمدي "أن المرشح لرئاسة البرلمان المقبل يجب أن يلتزم بالأرضية السياسية للكتلة وللعمل الجماعي، ويكون مرشحاً منتخباً بطريقة ديمقراطية".
وبالنسبة لشرط دعم مرشح رئاسة البرلمان من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أكد أمين عام حزب التيار الشعبي أن "الكتلة تدعم مسار 25 يوليو/ تموز".
وبين المتحدث الرسمي باسم حركة الشعب أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس البرلمان حسب مواصفات حركة الشعب يجب أن يكون شخصية جامعة وقادرة على السيطرة على الجلسات، كما يجب أن يكون متمكناً من فهم خصوصية العمل البرلماني، ويدعم مسار 25 يوليو/ تموز وأولوياته، وأن تكون له قدرات اتصالية تمكنه من الإقناع وتجميع مختلف الأطراف".
وبين عويدات أنه "ليس ضرورياً أن يكون كل من بلغ عضوية البرلمان بهدف خدمة البلاد مسانداً لرئيس الجمهورية، حيث يمكن أن تكون داخل البرلمان الجديد كفاءات قادرة على رئاسة البرلمان وغير مساندة لمسار 25 يوليو/ تموز، ومن الممكن أن تكون لديهم مسافة نقدية للمسار".
ورأى المتحدث أن "حركة الشعب معنية برئاسة البرلمان، لكن يبقى هذا النقاش داخل الكتلة وللنقاش مع بقية الكتل داخل البرلمان، لأن رئيس البرلمان لا يكفي ترشيحه وتزكيته من حركة الشعب، بل يجب أن يكون حوله توافق جامع".
وحول مساندة ترشح بودربالة لرئاسة البرلمان، أوضح عويدات أنه "يصعب دعم العميد بودربالة"، مشدداً على أنه "داخل حركة الشعب شخصيات قادرة على رئاسة البرلمان القادم من ذوي الخبرة والتجربة والعالمين ومن يملكون الخبرة في العمل البرلماني، على غرار الأساتذة بدر الدين القمودي وعبد الرزاق عويدات ورضا الدلاعي ومسعود قريرة".
وشدد على أن "حركة الشعب معنية بترشيح شخصية لرئاسة البرلمان، لكن الأمر لا يتوقف عليها وحدها، بل على الشخصية الأنسب التي ستدعمها الحركة بناءً على مقتضيات المرحلة الجديدة".
وأكد رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو/ تموز عبد الرزاق الخلولي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الكتلة لن تدعم مرشحاً من خارجها"، كما أنها "تتضمن راغبين في الترشح لرئاسة البرلمان من الكفاءات الذين عبروا عن رغبتهم في الترشح لهذه المسؤولية، وستتم مناقشة ذلك، حيث تضم الكتلة أكثر من 80 نائباً، وهناك أكثر من شخصية، سواء نساء أو رجال يرغبون في الترشح".
وعن مواصفات رئيس البرلمان المقبل، قال الخلولي إنه "يجب أن يكون حوله إجماع بخصوص قدرته على تسيير البرلمان الجديد"، نافياً "دعم ترشح العميد بودربالة لرئاسة البرلمان"، ومشيراً إلى أن "هذه المسألة لم تطرح للنقاش في المجلس الوطني للحراك".
وحول شرط مساندة رئيس البرلمان القادم لرئيس الجمهورية، أكد الخلولي أن "كامل الكتلة والحراك مساند وداعم للرئيس قيس سعيًد ولمساره، وبالتالي أي مرشح عن الكتلة سيكون داعماً له".
وبين المتحدث أن "صلاحيات البرلمان القادم واضحة، وليس له أن يتدخل ضد قرارات الرئيس أو يعارضه، فرئيس الجمهورية رئيس السلطة التنفيذية، وله صلاحيات تسيير الشأن العام وضبط السياسات العامة، بينما رئيس البرلمان ليس كما كان في السابق (دستور 2014)، بل أصبح رئيس البرلمان مسيراً للمجلس، ويخضع لقرارات الجلسة العامة وللكتل وللجان البرلمانية (...) وليس لرئيس المجلس الحالي الصلاحيات لمعارضة الرئيس (...) سابقاً كان البرلمان جوهر السلطة ومركزها، أما اليوم فدور البرلمان هو مناقشة القوانين والنظر في مشاريع تنموية وجهوية تتم مناقشتها بطريقة ديمقراطية، وبالتالي معارضة رئيس البرلمان لرئيس الجمهورية غير مطروحة".