ندّد رئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي، مساء اليوم السبت، بحملة الاعتقالات السياسية التي استهدفت وجوها عدة من المعارضة ونشطاء حقوقيين ومحامين وإعلاميين، مؤكداً أنه حان الوقت لتوحيد الجهود، والعودة بتونس إلى المسار الديمقراطي، خصوصاً أن هناك بوادر لتوسيع المشاورات.
وقال نجيب الشابي، في كلمة له خلال ندوة سياسية نظمتها الجبهة، إنّ "اجتماع اليوم هو للتضامن مع الموقوفين والمعتقلين"، مؤكداً أنّ الأزمة تشتد والخناق يضيق على السلطة"، لافتاً إلى أنّ حضور الحزب الجمهوري، ولأول مرة معهم اليوم، "يُعدّ بادرة طيبة نحو اللقاء والتقدم نحو هدف واحد مشترك".
ودعا إلى "بناء الوحدة الوطنية والديمقراطية والشرعية"، مشيراً إلى أن "الأيادي ممدودة لتوحيد الصفوف، وهناك بوادر خير بحضور الحزب الجمهوري والدعوة مستمرة لبقية الطيف السياسي".
من جهته، أكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين سمير ديلو، أنه "لا يمكن الحديث عن تنفيذ القانون، ولا عن احترام الإجراءات، لأن ما نراه وصل إلى درجة من الغرابة لا يمكن معها الحديث عن قانون".
ولفت إلى أنه "على الرغم من الترفع للحديث عن العديد من التجاوزات والانتهاكات الحاصلة في قضايا عدة، فإن حالة من العبث تدفع إلى الاستغراب فعلاً، فالمحامي الأزهر العكرمي محجوز في غرفة تضم أكثر من 100 شخص، ولا توجد تهمة ضده، فقط لأنه التقى واحتسى قهوة مع الناشط السياسي خيام التركي"، مشيراً إلى أن "هناك رغبة من السلطة للتخويف".
وبيّن أن "الرسالة موجهة للسلطة التنفيذية، ولمن يسعون إلى تأجيج الوضع، بأنه يجب الكف عن تسريب الملفات، ومواصلة هتك أعراض الناس على صفحات "فيسبوك"، في ظل سقوط أخلاقي مدوّ"، مؤكداً أنه أمام "الاتهامات بالتآمر على أمن الدولة، والتعسف، والجرائم الحاصلة، فإنه سيتم التمسك بالنضال السلمي".
دعوات لحضور أوسع للمعارضة
بدوره، أمل عضو "الخلاص" رضا بالحاج في أن "يكون حضور المعارضة أوسع، لأن (الرئيس التونسي قيس) سعيّد يهدف إلى ضرب مساعي توحيد الجهود ضد الانقلاب، وفي الحقيقة الحملة انطلقت منذ فترة لتكميم أفواه المعارضة والتراجع عن المكتسبات".
وفي الندوة نفسها، بيّنت زوجة نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، المحامية سعيدة العكرمي، أنّ القائمين على السلطة "عادوا للرعب والعنف في البيوت مثل سنوات الجمر، وهو ما أدى إلى كسور في يد زوجي الذي خضع لعملية جراحية"، مؤكدة أن البحيري عاد إلى سجن المرناقية، وهو في وضع صحي حرج بعد التدخل الجراحي.
وإذ أكدت أن توقيفه "جاء على خلفية تدوينة ومعارضة الانقلاب"، اعتبرت أن "تسارع وتيرة التوقيفات دليل على فشل سلطة الانقلاب في إدارة الوضع في تونس داخلياً وخارجياً". ولفتت إلى أن "رقعة المقاومة تتسع، وحان الوقت لتتجاوز المعارضة والمنظمات المهنية ما يفرقها، وإرجاء ذلك إلى حين عودة الديمقراطية والشرعية، وحشد القوى والمقاومة بمختلف المدن، وتنظيم التظاهرات الكبرى إلى حين عودة الديمقراطية".
إلى ذلك، لفت الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي إلى أن "سنة ونصف مرت على الانقلاب، والوقت ينفد، ولم يبقَ سوى التقدم بعرض موحد قادر على قلب موازين القوى، فالمعركة تستهدف الجميع، من حقوقيين ونقابيين وسياسيين وإعلاميين، واللحظة تستدعي توحيد اللقاءات والمبادرات لإنقاذ تونس".
وأشار الشابي إلى أن "المعركة اليوم ليست بين إسلاميين ويساريين ووسطيين وليبيراليين، بل هي معركة بين الديمقراطيين وأعداء الديمقراطية، ولا بد من مؤتمر وطني للمعارضة التونسية للدفاع عن الديمقراطية، وغلق هذا القوس، بإرادة صلبة ولا تلين"، مبيناً "سنبذل جهدنا لتقريب وجهات النظر".
وأوضح الشابي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "حضورنا اليوم يأتي للتضامن مع ضحايا الاعتقالات"، مؤكداً أنه "بعد هجوم سعيّد على البرلمان، وغلقه، وإلغاء الدستور والمجلس الأعلى للقضاء، ودور الأحزاب، وهيئة الانتخابات، والاتحاد، والنقابيين، والمحامين، فإن السؤال هو ماذا بعد".
وأشار إلى أن "رسالتنا هي أن الحزب الجمهوري يمد يديه للجميع، من أجل الاتحاد وإنقاذ البلاد، والوقوف ضد هذا الانحراف الخطير الذي تمر به تونس"، موضحاً أن "الخلاف ليس بين عائلات سياسية، بل بين ديمقراطي ومن يعادي الديمقراطية، وهذا هو جوهر الخلاف اليوم".
وبيّن الشابي أن "القضية اليوم هي استرجاع الديمقراطية والدفاع عنها، ووضع حدّ للخروقات، وأن تكون هناك ندوة سياسية لإنقاذ البلاد وتقديم عرض جدي لكل التونسيين".
محاولات لإخافة مناهضي "الانقلاب"
من جهته، يرى الناطق الرسمي باسم "النهضة" عماد الخميري، أن "الذين جرى اعتقالهم صامدون أحرار، والقصد من الاعتقالات محاولة إخافة القوى المناهضة للانقلاب"، مؤكداً أن "العلو الشاهق لسعيّد سقط بهذه الاعتقالات، بعد أن سبق وسقط بالانقلاب على الدستور".
وأوضح الخميري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "حملة التوقيفات دليل على فشل سلطة الانقلاب التي تقود البلاد نحو الانهيار"، مبيّناً أنها جاءت بعد الفشل الذي منيت به الانتخابات التشريعية التي قاطعها أكثر من 90% من التونسيين، مشيراً إلى أنها أكدت نتائج حقيقية على الأرض، وهي أن قيس سعيّد فقد شرعيته ومشروعيته.
ولفت إلى أن "وراء التوقيفات جملة من الأهداف لسلطة الانقلاب، وهي إلهاء الناس وتخويفهم، وصرف الأنظار عن القضايا الحقيقية، لأن كل سلطة مستبدة تلجأ إلى القوة بدل الفكرة والمشروع، وتعتمد على وسائل الدولة لإسكات خصومها، ولكن جل التجارب بيّنت أنه لا يمكن معالجة المشاكل باليد الغليظة".