تونس: سعيّد يقيل 30 مسؤولاً في 10 أيام

04 اغسطس 2021
ينفي سعيّد صحة اتهامات بتنفيذه انقلاباً (الرئاسة التونسية/فيسبوك)
+ الخط -

بوتيرة متسارعة ومكثفة، تشهد تونس موجة إقالات لمسؤولين في مؤسسات حكومية ومناصب قضائية، أنهت مهام 30 مسؤولاً حتى مساء الثلاثاء 3 أغسطس/آب الجاري.

وبدأت هذه الموجة مع "تدابير استثنائية" اتخذها الرئيس قيس سعيّد، في 25 يوليو/تموز الماضي، إثر احتجاجات شعبية في محافظات عديدة طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها، واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

فعقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعيّن رئيسها، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة.

سلسلة الإقالات التي بدأتها الرئاسة لم ترافقها تفاصيل عن أسبابها، ويتوقع مراقبون أن تتواصل في الأيام المقبلة لتشمل هياكل محلية، مثل إقالة ولاة المحافظات (المحافظين)، وتجميد المجالس البلدية (المحلية).

المشيشي وأربعة وزراء

غداة "التدابير الاستثنائية"، أصدر سعيّد، في 26 يوليو/تموز، أمراً رئاسياً بإقالة كل من المشيشي، رئيس الحكومة، والمكلف إدارة شؤون وزارة الداخلية بالنيابة، وإبراهيم البرتاجي وزير الدفاع، وحسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة الوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة. وقالت الرئاسة إنّ هذه الإعفاءات سارية منذ 25 يوليو/تموز.

ولملء الفراغ الحكومي، قررت الرئاسة أن يتولى الكتّاب العامون أو المكلفون الشؤون الإدارية والمالية في رئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية لحين تسمية رئيس حكومة وأعضاء جدد فيها. وإلى اليوم، لم تعين الرئاسة التونسية وزراء لهذه الوزارات، ولا رئيساً للحكومة.

والاثنين 2 أغسطس/آب، قضت الأوامر الرئاسية بإعفاء وزير الاقتصاد ودعم الاستثمار، علي الكعلي من مهامه، وتعيين سهام البوغديري خلفاً له.

كذلك أُعفي وزير تكنولوجيات الاتصال، وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية بالنيابة، محمد الفاضل كريّم من مهامه، وكُلِّف نزار بن ناجي تسيير وزارة تكنولوجيات الاتصال.

رضوخ للإقالة

بعد ساعات من إعلان إعفائه، خرج المشيشي عن صمته ليعلن، مساء 26 يوليو/تموز، أنه غير متمسك بأي منصب في الدولة، وأنه سيسلّم المسؤولية لرئيس الحكومة الذي سيكلفه الرئيس المهمة.

وقال المشيشي، عبر "فيسبوك": "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أكون عنصراً معطلاً أو جزءاً من إشكال يزيد وضعية تونس تعقيداً". وتابع: "محافظة على سلامة كل التونسيين، أُعلن اصطفافي كما كنت دائماً إلى جانب الشعب واستحقاقاته، وأعلن عدم تمسكي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة". فيما لم تصدر ردود فعل من وزراء الدفاع والوظيفة العمومية والعدل بالنيابة والاقتصاد والمالية وتكنولوجيا الاتصال بشأن إقالتهم.

وعُيِّن البرتاجي وزيراً للدفاع في حكومة المشيشي، التي نالت ثقة البرلمان في أغسطس/آب 2020، بالتوافق مع سعيّد، وفق ما يقتضيه الدستور، لأن مجال الدفاع من اختصاصات الرئيس.

مناصب عليا

ومساء 27 يوليو/تموز، أعلنت الرئاسة التونسية سلسلة إقالات جديدة استهدفت مسؤولين في مناصب عليا بالدولة، بحسب مجلة "الرائد" الرسمية.

فبمقتضى أمر رئاسي، أقال سعيّد المكلف مهام وكيل الدولة العام، مدير القضاء العسكري، العميد القاضي توفيق العيوني، ورئيس الهيئة العامة لشهداء وجرحى الثّورة والعمليات الإرهابية، عبد الرزاق الكيلاني. وأقال أيضاً كلاً من المعز لدين الله المقدم، مدير ديوان رئيس الحكومة المُقال، والكاتب العام للحكومة، وليد الذهبي.

وأقال أيضاً كل مستشاري رئيس الحكومة المُقال الثمانية، وهم رشاد بن رمضان، لحسن بن عمر، إلياس الغرياني، أسامة الخريجي، عبد السلام العباسي، سليم التيساوي، زكريا بلخوجة، مفدي مسدي.

وشملت الإقالات أيضاً تسعة مكلفين آخرين بمهام في ديوان الحكومة، وهم: فتحي بيار، محمد علي العروي، حسام الدين بن محمود، بسمة الداودي، ابتهال العطاوي، منجي الخضراوين، نبيل بن حديد، بسام الكشو، روضة بن صالح.

مدير التلفزيون

ومساء 28 يوليو/تموز، أصدر سعيّد أمراً بإعفاء محمد لسعد الداهش، المدير العام للتلفزيون الرسمي في البلاد من منصبه، وتكليف عواطف الدالي تسيير مؤسسة التلفزة مؤقتاً.

مدير المخابرات

وفي 29 يوليو/تموز، قالت وسائل إعلام تونسية، إنه تقرر إعفاء المدير العام للمصالح المختصة (مدير المخابرات) في وزارة الداخلية الأزهر لونقو من مهامه.

ونقلت إذاعة "موزاييك" (خاصة) عن مصادر مطلعة، أنه "تقرر إعفاء الأزهر لونقو وتكليف محمد الشريف المدير المركزي للاستعلامات العامة، بمنصب مدير عام للمصالح المختصة بوزارة الداخلية، بالنيابة خلفاً للونقو".

سفير ووالٍ

ومساء الثلاثاء، قالت الرئاسة، في بيان، إنّ سعيّد "أصدر أمراً رئاسياً يقضي بإنهاء تكليف نجم الدين الأكحل مهام سفير فوق العادة ومفوض للجمهورية التونسية بواشنطن".

وأصدر سعيّد أيضاً "أمراً رئاسياً يقضي بإنهاء تكليف أنيس الوسلاتي مهام والٍ (محافظة) بولاية صفاقس"، بحسب بيان ثانٍ للرئاسة.

ومن المنتظر أن يعلن سعيّد تسمية رئيس وزراء جديد، مع تكليف حكومة تخضع لإشرافه المباشر لتكون مسؤولة أمامه.

وتضغط منظمات تونسية للتسريع بطرح خريطة طريق، تتضمن خططاً واضحة لإنقاذ البلاد، مع ضمان احترام الدستور وحقوق الإنسان.

وينفي سعيد صحة اتهامات بتنفيذه انقلاباً، ويقول إنه اتخذ هذه التدابير استناداً إلى الفصل الـ 80 من الدستور، وبهدف "إنقاذ الدولة التونسية".

وأصدر سعيّد تدابيره الاستثنائية في يوم شهدت فيه محافظات عديدة احتجاجات شعبية، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها، واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).

(الأناضول)