وصلت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش ووزير الداخلية الليبي خالد مازن، ظهر اليوم الخميس، إلى تونس، لبحث إعادة فتح الحدود بين البلدين.
وكانت ليبيا قررت، منذ يوم 8 يوليو/تموز الماضي، إغلاق حدودها البرية والجوية مع تونس، بسبب انتشار فيروس كورونا في البلد الجار وتفاقم الوضع الصحي فيها.
وقال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة وقتها إن "الدولة الليبية ستتكفل من خلال قنصليتها في تونس برعاية الليبيين العالقين في الأراضي التونسية جراء هذا القرار، إلى حين تسهيل عودتهم إلى البلاد".
وبعدها بيوم، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إن قرار إغلاق الحدود مع تونس فرضته ظروف صحية وسيكون لفترة قصيرة.
ووفق بيان للرئاسة التونسية، فإن محادثات هاتفية، أجراها الدبيبة مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، تطرقت إلى "علاقات التعاون بين البلدين والوضع الصحي بتونس ومسألة إغلاق الحدود".
وبرغم تحسن الوضع الصحي في تونس، فقد قررت تونس الإبقاء على معبري رأس الجدير وذهيبة مغلقين. وعلل وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي ذلك، في محادثة هاتفية مع نظيرته نجلاء المنقوش، بأنّ القرار فرضته الظروف الصحية في تونس، والتي تطلبت "اتخاذ إجراءات احترازية ومزيد من الحيطة واليقظة للتوقي من احتمال دخول سلالات جديدة متحورة وسريعة العدوى من فيروس كورونا إلى بلادنا". وأوصت اللجنة العلمية لمجابهة كورونا في تونس بالإبقاء على الحدود البرية مغلقة.
وقالت عضو اللجنة جليلة بن خليل، في تصريح لوكالة "تونس أفريقيا" أمس الأربعاء، إن اللجنة دعت إلى الاستمرار في إغلاق المعابر البرية توقياً من كورونا، معتبرة أن "تحسن الوضع الصحي في تونس يتطلب مزيدا من تشديد الإجراءات من أجل عدم انتقال فيروس كورونا المتحور عبر الحدود البرية".
وأوضحت بن خليل أن وزارة الصحة اتخذت إجراءات مشددة، من ضمنها فرض الحجر الإجباري على الوافدين الذين لم يتموا عملية التلقيح ضد كورونا مدة 10 أيام.
وتحول ملف الحدود إلى مصدر إزعاج للبلدين، وخصوصاً للمواطنين في تونس وليبيا، الذين تضرروا بشكل كبير على كل المستويات، الاقتصادية والصحية على وجه الخصوص، إذ تضررت حركة التبادل التجاري بين البلدين، ومُنعت أو تأخرت سيارات إسعاف من دخول تونس، وتصاعدت حمى الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في ما يتعلق بالوضع الأمني، تغذيها جهات عديدة بغاية الإرباك.
وقالت وزارة الخارجية الليبية، الأسبوع الماضي، إن المنقوش تطرقت في محادثتها مع الجرندي إلى "أسباب تواصل إغلاق الجانب التونسي المعبرين الحدوديين رغم إعلان الجانب الليبي إعادة فتحهما".
وأكد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان الخبير في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن زيارة وزيري الداخلية والخارجية الليبية لتونس "من الوزن الثقيل، وفي علاقة بالعديد من الملفات الهامة، وجاءت مباشرة بعد القرار الليبي القاضي بإعادة فتح المعبر الحدودي، وكأن الأخوة الليبيين تناسوا أن هناك اتفاقات مشتركة، حيث تُغلق المعابر بالتشاور مهما كانت الأسباب والظروف الأمنية والسياسية".
وأوضح أنه "منذ ثلاثة أسابيع، فوجئت تونس بإغلاق المعبر بصفة أحادية، وتم إقرار إعادة الفتح اليوم، وهو ما رفضته تونس، لأن القرار ليس ليبياً فقط، وتم الإعلان عن ساعة الفتح للجانب الذي لا يتبع ليبيا، بل تونس، وهذه مسألة مهمة تتعلق بالسيادة التونسية، وهناك ترتيبات يتم اللجوء إليها عند الفتح، وهذا لم يتم".
وأكد أن "هناك مسألة مهمة تتعلق بارتفاع نسبة انتشار كورونا في ليبيا، وهو ما دفع تونس لإغلاق المعبر لفترة بغاية مراجعة البروتوكول الصحي، وتونس مرت بفترة صعبة وبدأت في التعافي، إلى جانب ملف التبادل التجاري والتغيرات السياسية الحاصلة في تونس".
ولفت إلى أن "لجوء تونس لتطبيق الفصل 80 من الدستور أوجد سلطة سياسية أخرى، وقوانين جديدة تتم عبر المراسيم، وجملة من المتغيرات التي يجب أن يبلغ بها الجانب الليبي بشكل رسمي"، مضيفاً أن "زيارة الوفد الليبي تمثل فرصة مهمة لبحث مختلف الملفات العالقة، من بينها البروتوكول الصحي ومراعاة الظرفية الاجتماعية والاقتصادية".
وأضاف أن "الزيارة مهمة وجاءت في وقت مناسب، ويؤمل أن تكون هناك مخرجات جيدة"، مؤكداً أنه "كمتابع للشأن الليبي أتوقع إعادة فتح المعابر في بداية الأسبوع المقبل"، مشيراً إلى أن "الظرفية حتمت أن يكون الاجتماع من الوزن الثقيل ممثلا في وزيري الداخلية والخارجية الليبيين مع نظيريهما التونسيين".
وأكد أن "الزيارة لا تخلو من رسائل من شأنها أن تضع حدا للشائعات والفوضى الفيسبوكية على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تثبت إيقاف العلاج في المصحات التونسية، والتي من شأنها أن تربك الوضع العام وتسيء للعلاقات التونسية الليبية".
من جهتها، قالت السفارة الليبية في تونس إنه تم الاتفاق بين الطرفين التونسي والليبي على "النظر في الاستثناءات والتعديلات التي من الممكن القيام بها للتخفيف من الإجراءات المعقدة والأعباء المالية والزمنية المترتبة على البروتوكول الصحي الجديد"، والذي أدى إلى إغلاق الحدود بين البلدين.
وفي بيان لها على صفحتها الرسمية بفيسبوك، أكدت أن "المباحثات، التي بدأت صباح اليوم في العاصمة تونس بين الوفد الوزاري الليبي ونظيره التونسي، انتهت منذ قليل، وتم خلال المباحثات التأكيد على عمق العلاقة الأخوية بين الشعبين، كما تمحور اللقاء حول الحديث عن إغلاق المعابر بين الطرفين، والذي أكد فيه كلاهما أن أسبابه صحية بحتة دون وجود أي أسباب أخرى".
وفي ذات الإطار، تم "التطرق إلى الحديث عن البروتوكول الصحي الصادر عن اللجنة العلمية بتونس، وإمكانية المباشرة في فتح المعابر الحدودية، واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين أساسًا عليه، وفي ذات السياق، تم الاتفاق على تواصل اللجنة العلمية من الجانبين للنظر في الاستثناءات والتعديلات التي من الممكن القيام بها، للتخفيف من الإجراءات المعقدة والأعباء المالية والزمنية المترتبة على البروتوكول الجديد".
وفي ما يتعلق بالأخبار المتداولة بشأن الأوضاع الأمنية في ليبيا وتسلل إرهابيين إلى تونس، نفى الجانبان هذه الأخبار جملة وتفصيلاً، مشيرين إلى أنها "مجانبة للصواب وأُريد بها تعكير العلاقات الثنائية".
وفي هذا السياق، نفى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي وجود أطراف إرهابية في ليبيا تحاول التسلل إلى تونس، معتبرا إياها "معلومات فيسبوكية".
وقال الجرندي، في تصريح للتلفزيون الرسمي الخميس، إنه "لا شيء يثبت هذه المعلومات، خاصة أن هناك طمأنة، كون الجانب الليبي ماسك بزمام الأمور على الحدود، مثل ما هو الحال بالنسبة إلى تونس، وهناك تبادل معلومات وحرص كبير بين الجانبين على تأمين الحدود".
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد حمودة أن مسؤولين ليبيين وتونسيين أكدوا أن الأسباب المتعلقة بإغلاق الحدود بين البلدين "صحية بحتة ولا وجود لأي أسباب أخرى"، مؤكداً، عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، أن الطرفين نفيا الأنباء المتداولة بشأن "تسلل إرهابيين إلى تونس"، وأن تلك الأنباء "يراد بها تعكير العلاقات الثنائية".
ووصل وفد وزاري ليبي رفيع، مكون من وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الداخلية خالد مازن، إلى العاصمة التونسية، اليوم الخميس، لـ"إجراء مباحثات حول الإجراءات المتبعة في تنفيذ البرتوكول الصحي، وإعادة فتح المنافذ البرية وعودة الرحلات الجوية بين البلدين"، وفقاً لمنصة الحكومة الليبية.
وتداولت وسائل إعلام أنباء بشأن تسلل عناصر إرهابية إلى تونس عبر الحدود الليبية، تزامناً مع شائعات أخرى تفيد بتسلل الإرهابيين من منطقة الوطية، القريبة من الحدود الليبية التونسية والتي توجد فيها قاعدة عسكرية، لكن وزارة الداخلية في الحكومة الليبية نفت الأنباء، مؤكدة أن قاعدة الوطية تخضع لسيطرة وزارة الدفاع.
وقالت، في منشور على صفحتها الرسمية الاثنين الماضي: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون (الوطية) منطلقاً لتنفيذ أي عمليات إرهابية تخريبية، من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار، أو إلحاق الضرر بدول الجوار".
وأضاف حمودة أن المباحثات بين الجانبين، التي انتهت اليوم بعد ساعات من بدئها، اتفقت على مواصلة الجهود بشأن حلحلة المشاكل المتعلقة بالمعابر الحدودية بين البلدين.
وأوضح حمودة أن المباحثات تمحورت حول الحديث عن إغلاق المعابر بين الطرفين، إذ تم التطرق إلى مناقشة البروتوكول الصحي الصادر عن اللجنة العلمية في تونس، مبينا حدوث مناقشة لإجراء تعديلات على البرتوكول للتخفيف من الإجراءات المعقدة لمباشرة فتح المعابر الحدودية واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين.