نظمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم الأحد، مسيرة احتجاجية جابت شوارع مدينة الرقاب في محافظة سيدي بوزيد وسط البلاد.
وكان يفترض أن ينعقد اجتماع داخل إحدى القاعات المغلقة، ولكن الضغوطات الأمنية على صاحب القاعة حالت دون ذلك، فتحول الاجتماع إلى مسيرة شعبية احتجاجية جابت أغلب شوارع المدينة، ورفعت فيها شعارات عدة، مثل "يسقط الانقلاب" و"لا خوف لا رعب، الشارع ملك الشعب".
وذكرت الجبهة، في بيان لها، أنها "قررت عقد اجتماع في مدينة الرقاب، غير أنّ والي سيدي بوزيد، تلكأ في قبول الإعلام بالاجتماع، كما يوجب عليه القانون ذلك، ثم مارست السلطات الأمنية والمحلية ضغوطاً على صاحب القاعة التي كان من المزمع عقد الاجتماع بها، حتى يتراجع"، مضيفة أنّ "هذه الضغوطات الأمنية تكررت على صاحب قاعة ثانية ما أجبره أيضاً على التراجع عن إعطاء القاعة".
وأوضح البيان أنه "إزاء تعنت السلطة في الاعتداء الصارخ على حرية الاجتماع والتعبير، ومحاولتها العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد البغيض، فإنّ جبهة الخلاص الوطني تعلن تمسّكها بمكاسب الثورة في حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي، وتعلن تمسكها بعقد اجتماعها في ساحة عمومية بمدينة الرقاب، كلفها ذلك ما كلفها، وتدعو كافة القوى الوطنية إلى التضامن معها دفاعاً عن الحرية، فلهيب الاستبداد لا يبقي ولا يذر إن انطلقت شرارته في أي بقعة من البلاد".
وكشفت الجبهة، في بيان سابق لها، مساء أمس السبت، أنه "بلغ إلى علمها أنّ عناصر إجرامية تدّعي الانتساب إلى قيس سعيّد، كانت تتهيأ للاعتداء على موكب قيادة الجبهة عند دخوله إلى مدينة الرقاب"، وحمّلت رئيس السلطة القائمة والمكلّف بشؤون وزارة الداخلية شخصياً "مسؤولية كل ما قد ينجم عن هذا الاعتداء من عواقب على حياة الأشخاص وحرمتهم الجسدية وممتلكاتهم"، مذكرة بأنّ "رسالة قوات الأمن الوطني تتمثل في حماية النظام العام، وحماية حياة وممتلكات وحرية المواطنين".
ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية بينها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتمرير دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو الماضي وتبكير الانتخابات التشريعية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وحذر عضو الجبهة جوهر بن مبارك، السلطات من "التواطؤ مع المليشيات الشعبوية العنيفة"، مؤكداً أنّ "تهديداتكم لن تزيدنا سوى تصميم وعزم وقوّة وحشد".
وقال بن مبارك، في كلمة أمام المتظاهرين، اليوم الأحد: "لن نترك تونس للانقلاب ولقيس سعيّد، لقد أرادوا منعنا من الاجتماع داخل قاعة والوصول أصلاً إلى مدينة الشهداء، وأرادوا انتزاع حقنا في الاجتماع والتظاهر، وقاموا بمراسلة أصحاب القاعات، ولكننا هنا اليوم في شوارع الرقاب، تستوعبنا كل ساحات البلاد".
وأضاف بن مبارك: "دفعنا الغالي والنفيس حتى نعيش بكرامتنا، ونحن لن نسلم في هذا الحق، ولن نستسلم ولن نتراجع".
وأوضح أنه "منذ عام، كنا نشعر أننا قليلون ووحدنا، ولكننا اليوم صرنا آلافاً مؤلفة ضد الانقلاب، والانقلاب هو من صار وحيداً معزولاً في قصر قرطاج، بينما نحن أحرار في الشوارع".
وقال عضو حزب العمل والإنجاز أحد مكونات الجبهة سمير ديلو: "وصلتنا تهديدات منذ يوم أمس بغاية منعنا من عقد الاجتماع في الرقاب، ولكننا نعلن لهؤلاء أن أحداً لن يمنعنا من الاجتماع والاحتجاج في أي مكان من تونس".
وقال: "أذكركم بأن مدينة الرقاب احتضنت اجتماع المحامين في بداية الثورة، ونؤكد لكم أننا لن نستسلم ولن ترهبنا هذه التهديدات".
وفي كلمته المختصرة أمام المتظاهرين، قال رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي، إنّ "قيس سعيّد قد دأب منذ توليه السلطة على هدم المؤسسات ومصادرة الحقوق والزج بالمناضلين في السجون بهدف اغتصاب السلطة والانفراد بها، ولكن كل هذا انقلب عليه وأصبح اليوم وحيداً".
وأضاف الشابي، أنّ "جبهة الخلاص الوطني لم تعد لوحدها في مواجهة الانقلاب، وإنما أصبح إلى جانبها أحزاب سياسية معارضة أخرى، والحركة النقابية ومنظمات المجتمع المدني والمستقلون والأكاديميون وكلهم رافضون للانقلاب".
وتعليقاً على الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تساءل الشابي: "عن أي انتخابات يتحدثون والتونسيون قاطعوها، بحيث إن دوائر انتخابية كثيفة السكان في العاصمة ترشح عنها مواطن وحيد، فنواب أي شعب هؤلاء؟ نواب شعب عزف عن الانتخابات وقاطعها؟ (...) هذه الانتخابات ستكون هزيمة جديدة للانقلاب".