أكد رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، أحمد نجيب الشابي، اليوم الأربعاء، أن تونس "دخلت مرحلة خطيرة من اللاقانون وحكم الفرد"، مبيناً أن "جُل التوقيفات التي حصلت لا تخلو من خروقات جسيمة وتهدف إلى تصفية المعارضين".
وقال الشابي، في مؤتمر صحافي عقدته جبهة الخلاص، أن "الإيقافات تمت في ظرف صعب ودقيق تمر به تونس، حيث تشعر السلطة بالاختناق، والأزمة تشتد"، مشيراً إلى أن "حملات الاعتقال تدلّ على تخبط السلطة التي تحاول إلهاء الرأي العام عن الأزمة من طريق القمع".
وأكد رئيس جبهة الخلاص الوطني أن الجبهة ستعقد اجتماعاً السبت المقبل لتدارس الخطوات القادمة، مشدداً على أن "الوحدة مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، لأن مستقبل تونس مهدد، وما يحصل يهم الجميع".
وعن علاقته برجل الأعمال كمال اللطيف، قال الشابي إن اللطيف "صديق قديم وانقطعت علاقته بالدولة منذ أواخر التسعينيات، وكانت علاقته جيدة بالراحل الباجي قائد السبسي، وخاصة عندما كان رئيس حكومة، ولكن انقطعت العلاقة بين اللطيف والسبسي بعد توليه الرئاسة"، مشيراً إلى أن "جلّ ما يتم تداوله حول الرجل غير صحيح".
وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، المحامي سمير ديلو، إن "هناك ترويجاً خاطئاً لعدة معطيات عن الإيقافات الأخيرة، وإن جلّ القضايا لم تأتِ في سياق طبيعي، بل بتعليمات من السلطة السياسية وبشكل علني"، مشيراً إلى أن الرئيس قيس سعيّد صرّح بأن "هناك ملفات تنطق بالإدانة، وجرّم أصحابها قبل أن تنطق المحاكم".
وبيّن ديلو لـ"العربي الجديد" أن "كل متهم محمي بقرينة البراءة، وأن الإدانة تنطق بها المحاكم فقط بعد توفير شروط المحاكمة العادلة"، مضيفاً أن "ما يجري في تونس غير مسبوق، والملفات تنطلق وتنتهي إجراءاتها خلال ساعات، وهناك بعض الموقوفين دون تهم، مثل مدير إذاعة "موزاييك" الخاصة، نور الدين بوطار".
ولاحظ المتحدث ذاته أن "بعض الصفحات القريبة من الرئيس روّجت لسجن (نائب رئيس حركة النهضة) نور الدين البحيري والتحقيق لم ينته بعد، وهو ما ثبت بالفعل بعد ذلك، حيث صدرت لاحقاً بطاقة إيداع بالسجن، وهذا من المفارقات"، وتساءل: "كيف للمتهمين بالتآمر على أمن الدولة فعل ذلك بلقاءات علنية في مقهى وهواتف جوالة وحواسيب عائلاتهم؟".
وأضاف ديلو أن "قضية التآمر أو قضية المقهى هي تلفيق تهم نتيجة بعض اللقاءات العادية، لأن كل من احتسى قهوة مع الناشط السياسي خيام التركي تحول إلى متآمر ويعمل ضد الدولة".
ولفت إلى أن البحيري محال بموجب الفصل الـ72 على خلفية تصريح في تحرك لجبهة الخلاص في المنيهلة، وهو محال بمفرده، "ولكن كيف لفرد أن يتآمر على أمن الدولة، وفي التآمر على الأقل يجب توافر مجموعة يتفقون فيما بينهم"، مبيناً أن "البحيري نُقل اليوم إلى قسم الإنعاش بعد تدهور وضعه الصحي، وقد تم أمس التحقيق معه رغم حالته الصحية".
وقالت النائبة السابقة منية إبراهيم، زوجة القيادي السابق عبد الحميد الجلاصي، لـ"العربي الجديد": "زوجي تعرض للاختطاف، حيث تمت مداهمة بيتنا من قبل أعوان أمن فتشوا البيت وأخذوا حاسوبي الشخصي".
وأوضحت منية إبراهيم أن "الجلاصي سبق أن تعرض للتعذيب طوال 17 عاماً في سجون (الرئيس الراحل) زين العابدين بن علي، وخرج في ظرف صحي صعب، وهو الآن مريض بالسرطان"، داعية إلى "رفع دعوى ضد قيس سعيّد بتهمة التحريض على سلامة زوجي وحياته بسبب خطاب التجييش والاتهامات الباطلة بأن المتآمرين جوّعوا الشعب التونسي ويخططون لاستهداف القوت".
اتحاد الشغل التونسي يستنكر حملات الاعتقال العشوائية
ومن جهته، استنكر الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الأربعاء، "حملات الاعتقال العشوائية التي طاولت العديدين، وما شابها من خروقات قانونية وتجاوزات إجرائية ومحاولات تلفيق التهم وحملات تشهيرية في ظلّ التعتيم الكامل وغياب أيّ معلومة رسمية عن طبيعة التهم ومآلات التحقيق"، مجدداً رفضه "لأيّ استهداف للحقوق والحريات العامّة والفردية، ومنها الحقوق النقابية تحت أيّ ذريعة كانت".
واجتمع المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل، الأربعاء، برئاسة أمينه العام، نور الدين الطبوبي، ونظر في الاستعدادات للتحرّكات الجهوية، وتابع ملفّ الانتهاكات المسلّطة على الحرّيات وعلى الحقّ النقابي، وتدارس الوضع العام، وخصوصاً الوضع الاجتماعي المتدهور.
وسجّل الاتحاد "التوتّرات على جميع الأصعدة واستفحال الأزمة الاقتصادية وتعمّق تدهور الوضع الاجتماعي"، مندّداً بممارسات "السلطة من اعتداءات ضدّ النقابيين بمناسبة ممارستهم لحقّهم النقابي بما فيه حقّ التعبير وحقّ الإضراب، سواء عبر الاعتقالات أو تلفيق القضايا الكيدية أو من خلال سعيها لسلب حقّ الإضراب بالتضييقات والتساخير غير القانونية. ويعتبر ذلك انتهاكاً لحقّ تكفله الدساتير والتشريعات والقوانين".
واعتبر الاتحاد أن "ما يحاك ضدّ الإعلام العمومي والخاص، من حصار وهرسلة وترذيل واعتقالات وصل حدّ اعتقال المدير العام لموزاييك أف أم وسؤاله عن الخط التحريري للإذاعة، يبطن رغبة جامحة لخنق أي صوت حرّ أو معارض وتكميم الأفواه، ويهدف إلى النكوص بالإعلام إلى عهود الإعلام الواحد والرأي الواحد وتصحير المشهد الإعلامي".
ودان الاتحاد "رفض الحكومة للحوار الاجتماعي واستمرارها في سياسة التفرّد والهروب إلى الأمام في ما يتعلّق خاصّة بالملفّات الكبرى، وإصرارها على المرور بقوّة في ما تدّعيه بالإصلاحات الهادفة إلى التفويت في المؤسّسات العمومية عبر تنقيح أحادي للقانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلّق بالمساهمات والمؤسّسات والمنشآت العمومية، وكذلك رفع الدّعم من خلال التقليص في الميزانية المخصّصة لدعم المحروقات والمواد الأساسية بما يفوق 30% في قانون المالية لسنة 2023 ووقف الانتدابات والضغط على كتلة الأجور، تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد الدّولي والجهات المانحة".
وأكد الاتحاد رفضه "التفاف الحكومة على الاتفاق الخاص بالزيادة في أجور القطاع العام، ويطالب بتطبيق اتفاق 14 سبتمبر 2022 كاملاً غير منقوص، ويتبنّى كلّ النضالات التي سيخوضها أبناء القطاع العام دفاعاً عن حقّهم في تعديل أجورهم ورفضاً لضرب مصداقية الحوار الاجتماعي، ويحمّل الحكومة المسؤولية عن كلّ توتّر واضطراب يمسّ المناخ الاجتماعي".
ودعا الاتحاد النقابيات والنقابيين والهياكل كافة، جهويّاً وقطاعياً، إلى "مواصلة التعبئة والاستعداد للدفاع عن حقّ التونسيات والتونسيين في العيش الكريم والشغل، ورفضاً لاستهداف الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية، وذلك بكلّ الأشكال النضالية المشروعة".
منظمات وشخصيات تونسية تستنكر
وفي نفس السياق، أصدرت منظمات وشخصيات تونسية بياناً قالت فيه إنها "تُتابع بانشغال شديد ارتفاع وتيرة الملاحقات والإيقافات التعسفيّة في حقّ العديد من النشطاء السياسيّين والاجتماعيّين والإعلاميين، والذين يتمّ استهدافهم بصفة يوميّة على خلفيّة مُعارضتهم للسياسات المُنتهجة من قبل رئيس الجمهوريّة وحكومته"، وأضافت "حين يبدأ النظام في الاختناق، تُفتحُ أبواب سُجونه".
وأكد البيان أنه "في هذا السياق، أقدمت فرقة أمنيّة مساء أمس على إيقاف المدير العام لإذاعة موزاييك السيّد نور الدين بوطار بعد مُداهمة منزله لتفتيشه دون إعلامه بسبب الإيقاف وبالتُهم المُوجّهة ضدّه، في اعتداء صارخ على أبسط ضمانات المحاكمة العادلة وفي تهديد مباشر لحرية التعبير والصحافة".
واستنكر الموقعون "توظيف أجهزة الدولة وتطويعها من قبل المنظومة السياسية الحاكمة من أجل تصفية الحسابات مع المُعارضين والمُنتقدين لسياساتها، وتطالب الرئيس قيس سعيّد بالكفّ عن خطاب التحريض والتخوين ضدّ كلّ معارضيه".
وقالوا إنهم يساندُون "كلّ من يتمّ التنكيل به وملاحقته قضائيّاً نتيجة مُعارضته لنظام قيس سعيّد وسياساته غير الديمقراطية"، ودعوا كافة القوى المدنيّة وعموم المواطنين والمواطنات، لـ"لالتفاف معاً في سبيل التصدّي لمسار الارتداد إلى ممارسات نظام الاستبداد والتراجع عن الحقوق والحريات التي اكتسبها شعبنا بفضل دماء شهداء ثورة 17 ديسمبر 2010 - 14 يناير 2011".